مع نهاية شهر أيار، تنتهي الاحتياطات الأجنبية لدى ​مصرف لبنان​ المخصصة للدعم، وفي ظلّ استمرار التعقيدات الحكومية على أرض الواقع كل الأجواء، تؤكّد أن الحكومة الجديدة لن تولد في القريب، ما يعني أن رفع الدعم بات ضرورة لا محال منه.

وقطاع ​الأدوية​، مثله مثل باقي القطاعات التي نزفت مع بداية ​الأزمة الاقتصادية​، ويستمر نزفها توازياً مع الانهيار الذي يشهده لبنان. فالقطاع يُستنزف والصيدليات تقفل الواحدة تلو الأخرى، حتّى وصل عددها إلى 600، مما يهدد الأمن الدوائي والصحي للمواطن.

في ما يتعلق بالدواء، فإن الإقدام على خطوة رفع الدعم نهائياً، من شأنه أن يرفع حتماً أسعارها، بحسب ما أكد نقيب الصيادلة غسان الأمين في مقابلة مع "الاقتصاد"، مشيراً إلى أن "رفع الدعم في نهاية أيار كما قيل، يعني أننا أمام ​كارثة​ كبيرة، وستغلق نسبة 80% من الصيدليات، مما يهدد الأمن الدوائي للمواطن."

وأضاف الأمين:" في حال رُفع الدعم، ستزيد أسعار الأدوية بشكل خيالي وفقاً لارتفاع سعر صرف ​الدولار​ في ​السوق السوداء​، وهذا أمر سلبي ومخيف ويُمهِّد إلى الفوضى. قانوناً، يُمنع أن يُسعِّر الصيدلي كما يشاء، لكن في هذه الحالة سنصل إلى الانفجار، لأنه عندما يصبح الإنهيار الخيار الوحيد الفوضى ستعمّ من دون شكّ!"

ويأتي ذلك في ظلّ الإعلان سابقاً أن أدوية الأمراض السرطانية لن يتم رفع الدعم عنها. وسبق أن تمّ ترشيد الدعم على بعض الأدوية التي تعالج الأمراض الحادة، كالمضادات الحيوية والمسكّنات التي لا يتناولها المريض سوى نادراً فتسعر على دولار الـ 3900 ليرة وهي مدعومة بنسبة 80%.

وحول خطة ترشيد الدعم التي يجري دراستها، قال نقيب الصيادلة: "من المفترض الوصول إلى حلّ حول ​آلية​ ترشيد الدعم وتوضيحها لتأمين كامل لائحة الأدوية التي تحفظ الأمن الدوائي. وللأسف بعد تشكيل لجنة وزارية وموافقة وزارة الصحة ولجنة الصحة النيابية ومختلف النقابات المعنية على الخطّة، فإنها لم تُقر بعد."

وأضاف:" قدّمنا هذه الخطة منذ 8 أشهر، ولو أنهم التزموا بها لما وقعنا الآن في أزمة عند التوجه لرفع الدعم. مع الأسف، إن الخطة تمت الموافقة عليها، لكن مصرف لبنان بقي على موقفه ولم يعطِ الضوء الأخضر لتنفيذ الخطة."

وتابع:" نسمع الآن عن خطة ترشيد الدعم، لكن ما هي هذه الخطة؟ هل تلك التي قدمناها سابقاً؟! إذا كانت كذلك فهذا أمر جيد، ولكن إن طالت فقط بحسب التسريبات التي تصلنا الأدوية المستعصية والمزمنة، يعني أن هناك شريحة كبيرة من الأدوية سترتفع أسعارها بشكل كبير، ما يؤدي إلى كارثة لا يستطيع تحملها المواطن اللبناني، ولكن حتى الآن لم يضعنا أحد في الأجواء."

وأردف قائلاً: "لطالما حذّرنا من أنه إذا لم تقر هذه الخطة فسنشهد المزيد من الشح في الأدوية، لأن مصرف لبنان يتأخر 4 أشهر للموافقة على الفواتير، والمصانع المُصدِّرة لا تتحمل التأخير في الدفع، فكيف الحال عند رفع الدعم بشكل نهائي."

وشدد الأمين، على "ضرورة الالتزام بخطة ترشيد الدعم التي قدمناها للمعنيين، لأنها توفر الأمن الدوائي للمواطن وتخفف الأعباء عن القطاع الصيدلي."

وعن سبب التأخير، أشار إلى أنه "أحياناً يقول المعنيون أنهم يرغبون بربط ترشيد دعم الدواء مع باقي السلع الأخرى المدعومة، مع العلم أن الدواء له أولوية على ​المحروقات​ مثلاً."

أما عن البطاقة التمويلية التي ستدعم العائلات الأشد فقراً، يؤكد الأمين أنه "منذ بدء الأزمة الاقتصادية والمالية منذ أكثر من سنة ونصف، كان الحديث يدور عن البطاقة التمويلية التي يجب أن تعطى للبنانيين غير الميسورين، الذين يكافحون لتأمين قوتهم اليومي وحياتهم الكريمة. ومنذ ذلك الوقت، لم يتم وضع خطة مدروسة لها، والبطاقة، لا تكفي حاجة المواطن في ظل رفع الدعم وارتفاع سعر صرف الدولار وعدم تثبيته".

وختم نقيب الصيادلة، بتوجيه صرخة إلى المعنيين، لإعادة النظر بالخطة التي قدمتها النقابة سابقاً، لأنها تحمي المواطن اللبناني من الخطر الذي يقترب منه يوماً بعد آخر. وقال متسائلاً:" هل من أمر أخطر من انقطاع الدواء وتعريض حياة المرضى للخطر وإقفال الصيدليات؟"

وفي ظل "كباش" بين القوى السياسية وتهديد ​حاكم مصرف لبنان رياض سلامة​ وقف دعم الاستيراد نهائياً، بعد أن أعطى الحكومة مهلة أخيرة تنتهي في شهر أيار الحالي وعرضه على الحكومة أن توزّع ​بطاقات​ تمويلية بالدولار، تُموَّل من أموال القروض والهبات الدولية.. يبقى المواطن اللبناني وحده من يدفع ثمن هذه الطروحات والمقاربة من المعنيين، التي إن دَلَّت على شيء، فلا تدلّ إلا على عشوائية في التعامل مع أزمة اقتصادية حساسة، ستؤدي إلى دفع معظم الشعب، إلى ما دون خط الفقر!