كأنه محتم على لبنان، بدء كل أسبوع بأخبار سوء، تضاف إلى فصول الانهيار الحاصل على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.

وبعد امتناع مصارف مراسلة عن التعامل مع مصارف لبنانية، تطوّر سلبي جديد إستجد، إذ بحسب ما أوردته وكالات وتقارير، فإنّ وكالة "​ستاندرد آند بورز​ للتصنيف الائتماني"، تدرس شطب أسهم عدة بنوك، من مؤشر الأسواق الناشئة ومؤشر ​الأسواق العربية​. وتداولت المواقع أيضاً أنّ الوكالة تتشاور في إعادة تصنيف لبنان من سوق حدودي إلى سوق قائم بذاته.

ويأتي إجراء "ستاندرد آند بورز" المقرر إعلانه قبل 14 أيار الجاري، بعد أيام من إعلان لجنة المال و​الموازنة​ النيابية التوصل إلى مشروع قانون لـ "الكابيتال كونترول"، بعد عام ونصف من بدء ​الأزمة المالية​ والنقدية.

وفي هذا الإطار، يؤكد ​الخبير الاقتصادي​ ​إيلي يشوعي​ في مقابلة مع "الاقتصاد" أننا "في لبنان نمتلك نظاماً حرّاً يتعلّق بحركة الرّساميل، ولكن هذه الحرية تكون للجميع، وليست محصورة بالبعض فقط وممنوعة عن الغالبية كما حصل في أواخر 2019 وبداية العام 2020، عندما سحبت وتحولت مليارات الدولارات إما في الداخل اللبناني أو إلى الخارج؛ وهنا لم يعد يصح قانون حرية حركة الرساميل، لأن تلك السحوبات كانت محصورة بعدد قليل، إستبق دخول ​المصارف​ بأزمة ​السيولة​، وقد تمت هذه العمليات بعلم المصارف والبنك المركزي، وهو ما يسمى بـ "صرف النفوذ"، وهذه ​التحويلات​ تصبح ​مخالفة​ للقوانين، وتقع تحت عقوبة قد تصل إلى الجناية".

وأضاف: "وضعنا اليوم هو إفلاسي؛ القطاعان العام والخاص والمصارف في حالة إفلاس، والأسر ترزح تحت أعباء معيشية تتوسّع، ونحن نعاني من أزمة سيولة خانقة بالعملات الأجنبية."

وقال يشوعي، إن "مراقبة حركة الرساميل أساسية، بما يعني وضع ضوابط لها، وهذه الرقابة تقرر قبل وقوع أي أزمة مستقبلية يمكن أن يتعرض لها أي نظام مصرفية أو مالية عامة أو ودائع مصرفية، فيبادر المشرعون إلى إقرار القانون لاستباق أي سحب أو تحويل أموال. فـ "الكابيتال كونترول" يعدُّ قانوناً استباقياً، ولا يندرج في إطار إجراءات معالجة الأزمة، وأزمة السيولة لا تعالج بمثل هذا القانون، بل إن "الكابيتال كونترول" يعالج توقعات أزمة سيولة، وهو استباقي يُمثل نوعاً من الوقاية تمنع العلة".

وأكد، أن "تشريع قانون "الكابيتال كونترول" لا ينفع في الواقع اللبناني الحالي، وهو يهدد نظام ​اقتصاد لبنان​ الحر، دون أي استفادة، والهدف منه اليوم، امتصاص النقمة الشعبية، وكان الأجدر تشريع قوانين أكثر أهمية في الظرف الحساس الذي نمر فيه."

ما قانونية تضمين مشروع قانون "الكابيتال كونترول"، إعطاء صلاحيات للمصارف بوضع سقف لحسب الأموال بالليرة؟

"الكابيتال كونترول" عادة لا يطال التعاملات بالعملة المحليّة، بل يتعلق فقط بحركة الرساميل الأجنبية، وعندما تُعطى مثل هذه الصلاحيات للمصارف، فهذا غير قانوني، ولا يمت بالاقتصاد بصلة، ولا يمكن تبريره على الإطلاق، لأن كل شيء يتعلق بالعملة المحلية، والضابطة الوحيدة له، هو المصرف المركزي، المعني بضبط كل حركة الأموال المحليّة بالعملة الوطنية، وهو صاحب السّلطة في هذا المجال وليس ​مجلس النواب​. فالمجلس، مسؤول عن التشريع، وهذا القانون لا يجب أن يتعارض مع صلاحيات المؤسسات الرسمية، ومن بينها مؤسسة ​مصرف لبنان​، أو أن يتناقض مع هذه الصلاحيات.

الكلام عن إعطاء صلاحيات للمصارف بوضع سقف لحسب الأموال بالليرة، غير قانوني وليس اقتصادياً ولا مبرر له، ويتعارض مع مهمات وصلاحيات مصرف لبنان."

ما التوقعات المحيطة بانطلاق عمل منصة مصرف لبنان هذا الأسبوع؟

"إن أي قرار يُتّخذ، فالجهة المسؤولة عنه يجب أن تكون قادرة على تطبيقه، وعلى المحافظة على ديمومته.

إذا أراد ​حاكم مصرف لبنان​ فعلاً أن يدوم عمل المنصة، فعليه أن ينطلق بها بسعر 12 ألف ليرة للدولار، وبذلك يكون المصرف قد انطلق من السعر الحقيقي اليوم في السّوق، ويعمل بعدها على تحويله إلى سعر توازني.

أما إذا أطلقت المنصة، بسعر يقل عن 12 ألف ليرة للدولار الواحد، فإنه خلال فترة زمنية أولى، قد تؤثر نسبياً على السوق وتتسبب بتراجع في سعر الصرف، ولكن المنصة لن تشهد حركة عرض وطلب، ما يحتّم فشلها كما منصة 3900 ليرة في السّابق.

الهدف يجب أن يكون ضمان استمرار وديمومة عمل المنصة، وضمان وجود أشخاص يشترون الدّولار، وآخرون يعرضونه للبيع، أي أن تمول هذه المنصة نفسها ذاتياً، إذا لا يمكن للمصرف المركزي أن يموّلها من ودائع الناس.