فرضت ​الأزمة الاقتصادية​ والمالية التي تعصف بلبنان منذ بدايات العام 2019، لا سيّما تداعيات هذه الازمة على سعر صرف الليرة، وتاليا على القوى الشرائية للأجور، فرضت على أكثر من 80% من الشعب اللبناني، وهي الشريحة التي تمثل الطبقتين الفقيرة والمتوسطة الأجر، إجراء تغييرات جذرية في نمط عيشها كي تتمكن من التكيف مع الضغوط الطارئة على المستوى الاقتصادي والمعيشي، الذي أنتج في المحصّلة، تضخماً غير مسبوق في أسعار مختلف السلع والخدمات.

من مظاهر ومدلولات المتغيرات في السلوكيات الاجتماعية والمعيشية الجديدة، يأتي في الدرجة الأولى، بدء تلمس حركة نزوح ملفتة من المدن باتجاه القرى، حيث ​كلفة المعيشة​ أدنى بكثير من مثيلاتها في المدن الرئيسية الكبرى.

كما يمكن تلمس ذلك، من خلال تغيير كبير في سلوكيات الناس في التبضع لا سيّما على مستوى شراء الفاكهة والخضار و​الحلويات​، حيث بدأنا نرى تراجعاً كبيراً في قيمة ​موازنة​ العائلة الشهرية للإنفاق الغذائي بسبب الارتفاع الكبير في أسعار كل مواد السلة الغذائية، فلم يعد مستغرباً أن نشهد اليوم مواطناً يشتري الفاكهة بالعدد، أو أن يحدد يوماً معيناً لشراء ​اللحوم​، التي سجلت أسعارها ارتفاعات خيالية، أو أن نرى أعدادااً كبرى من العائلات، توقفت كلياً عن شراء الحلويات بسبب ارتفاع أسعارها، أو عمدت إلى استبدال شراء ​مواد غذائية​ من "ماركات" تجارية معروفة، إلى أخرى جديدة أقل جودة، لكنها أقل سعرا.