خاص ــ "الاقتصاد"

بعد سنوات من عملها الاجرامي، وقعت أخطر شبكة محترفة بسرقة ​السيارات​ من بيروت وجبل ​لبنان​، ونقلها الى البقاع ومنها إلى ​سوريا​ وبيعها لعصابة شريكة هناك، في قبضة القوى الأمنية التي فككت عصاباتها المتفرّعة، واللافت أن هذه العصابة نفّذت عملياتها بواسطة ​العنف​ والتهديد بالأسلحة الحربية، ومستعينة بأجهزة الكترونية تسهّل تشغيل محركات السيارات وسرقتها.

تفاصيل هذه العمليات كشفها قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد الدغيدي، بعد تحقيقات استنطاقية أجراها على مدى أشهر، وتوصل خلالها إلى كشف أدق تفاصيل مخططات هذه العصابة، فلفت في قرار ظنّي أصدره، إلى تزايد عمليات ​سرقة السيارات​ ضمن محافظتي بيروت وجبل لبنان من قبل عصابات منظمة ومتخصصة في تنفيذ هذه العمليات، حيث يعمل أفرادها على نقل السيارات المسروقة إلى محافظة البقاع ومنها إلى منطقة بعلبك ــ الهرمل ويضعونها في المناطق الحدودية ثمّ إدخالها الى الأراضي السورية وهناك يتصرفون بها.

كلّ هذه العمليات كانت تحصل ضمن مشروع جرمي منظّم ومتكامل، يتولّاه أفراد هذه العصابة، إذ يبدأ بنقل منفذي السرقات من بعلبك ــ الهرمل إلى مناطق جبل لبنان وبيروت، الذين يعملون على رصد السيارات وسرقتها ومن ثم نقلها الى سوريا وبيعها هناك، وبنتيجة المتابعة والاستقصاءات والتحريات التي أجرتها ​شعبة المعلومات​ في ​قوى الأمن الداخلي​، تمكنت دورية تابعة لشعبة المعلومات من تحديد مكان تواجد أفراد إحدى هذه العصابات أثناء انتقالهم لتنفيذ عمليات السرقة، وتم رصد أفراد تلك العصابة وهم يستقلّون سيارة من نوع (تويوتا RAV 4) لون أسود.

عند الساعة الثالثة فجراً من 8 تشرين الثاني 2020، تم اعتراض السيارة المذكورة، وكان على متنها المدعى عليهم قاسم طليس، مرسال صالح وعمر عودة، الذين تم توقيفهم وضبط بداخل السيارة سيخ حديدي بطول 40 سنتمتراً ومفركين، وخلال التحقيقات الأولية مع هؤلاء أمام شعبة المعلومات، اعترف طليس بأنه انتقل مع رفيقيه مرسال صالح وعمر عودة من البقاع إلى بيروت، لرصد سيارات من نوع "غراند شيروكي" وسرقتها، كما عثر معهم على بندقية كلاشنكوف و​مسدس​ حربي نوع "غلوك" وجعبة ذخيرة لون زيتي وآلة سكانر خاصة لتشغيل محركات السيارات من نوع "غراند شيروكي" ومفتاح خاص عائد لسيارة "غراند شيروكي"، وعدة لزوم السرقة وهي عبارة عن قسطل حديدي وأربع مفارك وبانسة لقط وبانسة عادية.

واستطرد قاسم طليس باعترافاته، بأنه كان نزيل سجن رومية منذ العام 2018، وغادر السجن في شهر أيار 2020، وأنه قصد علي طليس الملقب بـ "علي الصبي"، وبدأ العمل لديه في مجال سرقة السيارات، حيث كان ينتقل إلى بيروت وجبل لبنان على متن سيارة من نوع ​كيا​، وسيارة ​هيونداي​ برفقة عبدو شاهين وشاب سوري يدعى عوّاد، وكانوا يرصدون السيارات ويتولى عبدو شاهين بسرقة السيارة ويتولى هو (قاسم طليس) والمدعو عوّاد قيادتها ونقلها الى بلدة بريتال، وكان يتقاضى مبلغاً ​مالي​ يتراوح بين مليون ومليون وخمسماية ألف ليرة لبنانية عن كلّ سيارة، وقد تمكن من نقل ثماني سيارات لحساب "علي الصبي" خلال فترة شهرين، وأن هذه السيارات كانت تنقل وتسلّم إلى أفراد العصابة ضمن الأراضي السورية.

وأمام العرض الأفضل الذي تلقاه، انتقل قاسم طليس للعمل لدى المدعى عليه حسن طليس الملقب بـ "حسن طرطق"، ف كان يتولى تنفيذ عمليات سرقة السيارات بالاشتراك مع المدعى عليه مرسال صالح الملقّب بـ"علي" ومع عمر عودة، وأن مرسال كان ينقله مع عمر على متن سيارة الـ(تويوتا RAV 4)، إلى بيروت وجبل لبنان لمعاينة السيارات التي يجب سرقتها، وينزلهما في مكان ركنها، ويبقى بانتظارهما حتى إتمام عملية السرقة، ومن ثمّ تسلّم السيارة إلى عمر عودة، ثم ينقل مرسال صالح إلى موقع السيارة الثانية فيقوم الأخير بسرقتها وقيادتها، ويتوجهون معاً إلى البقاع بعد رصد الطرقات والتثبّت من خلوّها من الحواجز الأمنية.

المفارقة أن المدعى عليه مرسال صالح، ولدى عبور أحد الحواجز الأمنية، وفي حال طلبت منه أوراق ثبوتية، كان يبرز بطاقة تعريف صادرة عن المجلس الإسلامي الأعلى، ويشير إلى أن السيارتين اللتين تسيران خلفه ضمن الموكب المرافق له، وأنهم كانوا يسلكون طريق ضهر البيدر ويمرون على الحاجز دون أي عوائق، بعدها يتم تسليم السيارات المسروقة إلى حسن طليس، وكان يتقاضى مبلغاً يتراوح ما بين 600 و700 دولار أميركي عن كل سيارة، وأن هذا المبلغ يصل أحياً إلى 1300 دولار، إذا كانت السيارة المسروقة رباعية الدفع، مؤكداً أن آلة السكانر كان يستخدمها لتشغيل محركات السيارات من نوع "غراند شيروكي" من دون الحاجة إلى كسر الفيبرا، وهي تعود للمدعى عليه عباس طليس، وأنه كان يستخدم القسطل والمفارك والبنسات أيضاً لكسر ​زجاج​ السيارات وتشغيل محركاتها.

وكشف المدعى عليه قاسم طليس مسرح العصابة لسرقة السيارات كانت في مناطق جونية ــ غسطا، غدير، عجلتون، عشقوت، القليعات، ذوق مصبح، فيطرون، ​جبيل​، يسوع الملك، البوشرية، كاليري سمعان، وأن أغلب السيارات التي تمت سرقتها هي من نوع "غراند شيروكي"، يليها "كيا ريو" و"شيروكي لاريدو" و"هيونداي توكسون" وغيرها من أنواع مختلفة.

قاضي التحقيق زياد الدغيدي اعتبر في قراره الظني، أن الوقائع المعروضة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك، بأن المدعى عليهم أقدموا بالاشتراك في ما بينهم وباتفاق مسبق، على سرقة السيارات بقوة ​السلاح​ وبالتهديد أحياناً، ونقلها إلى البقاع ومن ثم الى سوريا، وأشار إلى أن أفعال المدعى عليهم: علي طليس، محمد زعيتر، علي المرعي، جهاد حطيط، حيدر سماحة، مرسال صالح، عمر عودة، ناصر المصري، حسن طليس، علي طليس وإبراهيم طليس تنطبق على مضمون جناية المادة 335 من قانون العقوبات، وجناية المادة 638/219 التي تنص على الأشغال الشاقة المؤقتة، وأحالهم على ​محكمة​ الجنايات في جبل لبنان لمحاكمتهم.