خاص ــ الاقتصاد

لم تتطابق حسابات تاجرين مع حسابات الشركة التي وقّعا معها عقد ​استيراد​ المنغا من ​مصر​، إذ سرعان ما اكتشفا أنهما ضحية عمليه كان هدفها الاستيلاء على أموالهما، ما اضطرهما إلى اللجوء إلى نزاع قضائي طويل الأمد.

فقد تقدّم المدعيان "ماهر. " و"شهيد. أ"، تقدما بشكوى لدى النيابة العامة المالية أدليا بموجبها بأن شركة تجارية ومديرها ارتكبا جرمي الإفلاس الاحتيالي والتقصيري، وعرضا أنّه نتيجة تعامل نشأ بينهما وبين المدعى عليهما، جرى توقيع عقد بين الطرفين بتاريخ 23 آذار 2018، يقضي بشراء محصول من فاكهة المانغا في مصر لموسم 2018، وتصديره الى ​لبنان​ و​الأردن​، بعدما سبق وجرى توقيع دراسة جدوى بهذا الصدد، وقد استتبع العقد إقدام المدعيين على تسديد دفعات مالية لصالح الشركة المدعى عليها بموجب شيكات تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاقية، الا أنّه تبين لهما أنهما وقعا ضحية مناورات احتيالية أقدم عليها "عدنان، ح" للاستيلاء على أموالهما، نتيجة هذه الصفقة.

تعززت الشبهات لدى المدعين، عند امتناع "عدنان" عن الردّ عن اتصالهما وارتجاع الشيكات المحررة منه لصالحهما، ما دفعهما الى الطلب من قاضي الأمور المستعجلة في بيروت تعيين خبير محاسبة للكشف على الدفاتر التجارية وكافة المستندات المحاسبية المتعلّقة بعقد الشراكة مع المدعى عليهما، حيث صدر بتاريخ 4 آذار 2019، قراراً بتكليف خبير محاسبة وضع تقريرا أثبت بموجبه أنّ الشركة المدعى عليها هي شركة وهمية ليس لها مكاتب في لبنان ولا أي نشاط فعلي، وإنها لا تمسك قيوداً محاسبية.

لدى التدقيق في تقرير خبير ​المحاسبة​، تبيّن أنّ وكيل الشركة المدعى عليها قد صرّح للخبير في جلسة التحقيق، أن لا ​علم​ له عن نشاط الشركة منذ العام 2015 حسب ما يذكر، وهو تاريخ تسجيل آخر محضر عائد لها في السجل التجاري لتحديد ولاية المدير المفوّض بالتوقيع عنها، وإن مركز الشركة كان من المفترض نقله رسميّاً على همّة مديرها المدعى عليه (عدنان)، وأشار إلى أن المدعى عليه لم يحضر أي من جلسات الخبير لتعذّر ردّه على الاتصالات وعدم تمكّن الخبير من الحصول على المستندات والسجلات المحاسبية نتيجة تجهيل ​مكان عمل​ الشركة، كما أنّ محاسب الشركة أبلغ الخبير أنه كان يستلم المستندات المحاسبية بعد انتهاء كل سنة مالية، كما أشار التقرير الى عدم علم محاسب الشركة "جورج. ف"، بوجود العقد الموقع مع المدعيين.

من جهته، أفاد المدعى عليه "عدنان. ح" خلال التحقيقات الأولية أنه يقيم في محلة الحمرا، وأنه المدير المفوض بالتوقيع عن الشركة المدعى عليها التي تعمل منذ تأسيسها في العام 2009 في استيراد المانغا، الى أن توقفت عن العمل أواخر العام 2018، بسبب صدور قرار عن وزير الزراعة بحصر استيراد المانغا بشركة منافسة، ما أدى الى تكدّس بضائعه في مصر، مؤكداً أن المحاسب القانوني للشركة "جورج. ف" يقوم بتقديم التصاريح المالية وأنه لم يتم ادخال المبالغ المقبوضة من المدعيين الشخصيين في القيود المحاسبية للشركة كون موضوع العقد مع المدعيين هو ضمان مزارع وبساتين مانغا في مصر قبل بدء موسمها للاستفادة من فارق السعر.

وخلال التحقيقات الاستنطاقية، أنكر المدعى عليه "عدنان. ح" ما نُسب إليه، وقال أن مركز الشركة هو في الضاحية الجنوبية وهي تعمل بالإتجار في المنتجات النباتية والخضار و​الفواكه​ وأن العمل لا يستند الى عقود مسبقة وهو يتم بواسطة الاستيراد بعد العرض في السوق المركزي ولدى تجار ​الجملة​، لافتاً إلى أن العقد الموقع مع الجهة المدعية هو عقد شراكة، وأن لدى الشركة المدعى عليها سجلات وفواتير مبيع وأوراق استيراد وسجلات مالية مصرّح عنها لدى وزارة المالية من تاريخ تأسيس الشركة ولغاية 2018 ضمناً، مؤكداً أن أوراق الشركة ومستنداتها ودفاتر المحاسبة موجودة لدى مركز تحرّي الضاحية، ليعود ويُفيد لدى استجوابه بصفته مفوضاً بالتوقيع عن الشركة أن قيودها موجودة في محلة الكوكودي وان المحاسب لديه نسخاً عنها بسبب تقديمه تصاريح ماليّة.

من جهته، أفاد المحاسب "جورج. ف"، أن مركز الشركة بحسب تصريح ضريبة الدخل هو بربور (بيروت) وأنه ليس لديه مستندات أو أوراق ثبوتية عائدة للشركة للعام 2018 وان آخر تصريح قدّمه للشركة كان للعام 2017 ضمناً، وأنه كان يستلم الفواتير من مدير الشركة "عدنان. ح"، ويعيدها بعد انتهاء العمل، وأنه عمل كمحاسب لدى الشركة المدعى عليها حتى العام 2017، وقد سلّم القوى الأمنية جميع المستندات المتعلقة بالشركة.

قاضي التحقيق في بيروت وائل صادق، الذي أجرى تحقيقاته الاستنطاقية في هذه القضية، خلص في قراره الظني الى اعتبار فعل المدعى عليه "عدنان. ح" ينطبق على جناية المادة 689|692 عقوبات، أما فعل الشركة المدعى عليها فينطبق على جناية المادة 689|210 عقوبات، وأحالهم على ​محكمة​ الجنايات في بيروت لمحاكمتهم.