بعمر 25 سنة، أسست وأطلقت مجموعة من حقائب اليد ​الخشب​ية الفاخرة، المصممة من بقايا الخشب الممزوجة بالجلود الأصلية والإكسسوارات المختلفة، والتي تجمع بين خبرتها في الهندسة المعمارية وتصميم الأثاث، وبين اهتمامها الواسع بالموضة. وقد تمكنت من بيع أكثر من 300 حقيبة يد في سنة واحدة، في ​لبنان​ والعالم، كما عملت على إدارة جميع عمليات البيع عبر ​الإنترنت​، ورصدت مراحل العمل والإنتاج كافة، التي يقوم بها الحرفيون اللبنانيون.

إليانا دميان تمثل نموذجا للشباب اللبناني الناجح، وتؤكد أن النجاح قابل للتحقيق في أي مرحلة عمرية. فكل ما يلزم الأشخاص لتحقيق أهدافهم، هو اتخاذ المواقف الصحيحة، ومن ثم المحاولة والمثابرة. فالنجاح لا يتقيد بعمر ولا حتى بزمن، بل هو ثمرة الإرادة القوية والإصرار الثابت.

مع مؤسسة العلامة التجارية "Bois de Lune" كان لقاء "الاقتصاد"، وسألنا إليانا أولا:

- من هي إليانا دميان؟

حصلت على ماجستير في الهندسة من "​جامعة الروح القدس​ – الكسليك"، "USEK". ومن خلال التواصل المباشر مع العملاء خلال عملي السابق، فهمت كيفية تحليل أهدافهم واحتياجاتهم، من أجل الوصول إلى أفضل الحلول الجمالية والوظيفية.

وبفضل شغفي بالموضة والتصميم، وحبي لمساعدة والدي في متجر الخشب الذي يمتلكه، قررت إطلاق العلامة التجارية "Bois de Lune"؛ اذ نظرت الى مخلفات الأخشاب الموجودة في المنشرة، والتي لا نستفيد منها، وعمدت الى استخدامها للجمع ما بين الهندسة والأعمال الخشبية والموضة، من أجل تصميم وتنفيذ الحقائب المميزة المصنوعة من الخشب. حيث أردت تقديم حقيبة خشبية مصنوعة يدويا 100%، ويمكن استخدامها بشكل يومي.

في البداية، كان الأمر بمثابة تحدٍّ بيني وبين إخوتي، وبالتالي، لم يتخذ شكل المشروع التجاري على الإطلاق.

ولكن بعد التجربة، جاءت النتيجة رائعة للغاية، كما لاقت إعجاب الناس. ومن هنا، عمدت الى إطلاق صفحة خاصة على ​مواقع التواصل الاجتماعي​. ومع الوقت، بدأ عدد المتابعين بالتزايد.

واليوم، تقدم "Bois de Lune" الحقائب الخشبية الفريدة من نوعها، والممزوجة بالجلد الطبيعي. كما أطلقنا مؤخرا مجموعة خاصة بالاكسسوارات.

- ما الذي يميز "Bois de Lune" عن غيرها من العلامات التجارية التي تقدم الحقائب المصنوعة من الخشب؟

أولا، حقائب وإكسسوارات "Bois de Lune"، أنيقة وفريدة من نوعها، وهي مصنوعة يدويا 100%.

ثانيا، نقدم منتجات فاخرة، ونهتم كثيرا باللمسات الأخيرة وبجودة ونوعية المواد المستخدمة؛ حيث نستخدم دائما الجلود الأصلية، إضافة الى أفضل أنواع الأخشاب المطلية بطريقة محترفة. نحن لا نساوم أبدا على جودتنا وسمعتنا!

ثالثا، تصاميمنا المميزة والمبتكرة تتيح لنا منافسة أكبر العلامات التجارية.

رابعا، نحن لا نتبع اتجاهات الموضة العشوائية، بل نصمم قطعا تميز المرأة ومظهرها، كلما قررت ارتداءها.

خامسا، يقول لنا الزبائن أنهم كلما حملوا حقائب "Bois de Lune"، يسألهم الناس عن مصدرها. وهذا الواقع يلخص المفهوم الذي تسعى علامتنا التجارية الى تقديمه. اذ أننا نهوى القطع التي تنال اهتمام الناس وتثير فضولهم.

- من هم زبائن "Bois de Lune"؟ وهل أن هذه المنتجات متاحة لمختلف الميزانيات؟

يمكن لأي شخص الحصول على قطعة من "Bois de Lune"، حيث أن أسعار منتجاتنا تعتبر متوسطة، وبالتالي، أعتقد أنها تناسب ميزانية عدد كبير من الناس.

منتجاتنا موجهة حتما الى المرأة العصرية، التي ملّت من العلامات التجارية التي تعيد نفسها، وباتت تبحث عن القطع المميزة، الجميلة، والتي تعبر عن هويتها، لكي تبرز أناقتها.

- كيف تحددين أسعار منتجاتك اليوم في ظل الغلاء الجنوني الذي يخيم على الأسواق اللبنانية؟

مشكلة الأسعار تواجه جميع القطاعات في لبنان، لكنني حاولت عدم الخضوع لهذه الظروف، وعدم الالتزام بالأسعار المختلفة للدولار.

أسعى الى أن يشعر ​المستهلك​ والزبون بالراحة التامة لدى التعامل معي، ومن هنا، حاولت قدر الإمكان إبقاء الأسعار على هامش الـ1500 ليرة، في بداية الأمر. ولكن بعد فترة، بات هذا الأمر مستحيلا، ولهذا السبب، عمدنا الى تثبيت أسعارنا على الـ3000 ليرة. مع العلم أن مدخولنا قد تراجع بنسبة كبيرة جدا، بسبب اضطرارنا الى شراء معظم المواد بالدولار. ولكن أصرينا على إبقاء الأسعار بمستوى معين، من أجل مساندة المستهلك اللبناني، والوقوف الى جانبه خلال هذه الظروف الصعبة، وتشجيعه على شراء المنتجات اللبنانية.

وفي الوقت ذاته، أحاول التوسع الى الخارج من أجل تحقيق الأرباح بالـ"fresh money"، التي ستساعدني على إبقاء الأسعار على المستوى ذاته في لبنان. اذ يجب أن يلجأ جميع المصنعين والمصممين اللبنانيين الى تحقيق خطوة التوسع نحو الأسواق الخارجية، من أجل إفادة أنفسهم ومجتمعهم أيضا.

- ما هي البلدان التي تمكنت من إيصال منتجات "Bois de Lune" إليها؟

لقد نجحنا في تصدير منتجاتنا الى ​دبي​، قطر، ​السعودية​، أبيدجان، والولايات المتحدة. ولكن ليس لدينا نقطة بيع محددة في الخارج، مع العلم أن تصاميمنا تنال اهتمام المغتربين اللبنانيين المنتشرين في مختلف دول العالم، وخاصة أولئك الذين يحبون تشجيع المنتجات اللبنانية.

- هل تواجهين مشكلة التقليد المنتشرة بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟

لا أواجه الى هذه المشكلة الى حد كبير، لأن المنتجات التي نقدمها ليست سهلة الصنع، وخاصة بهذه الدقة!

من المؤكد أن الحقائب الخشبية باتت موجودة بشكل أكبر، بعد إطلاق "Bois de Lune"، لأنها كانت من أوائل العلامات التجارية في لبنان المتخصصة فقط في صنع الحقائب الخشبية. لكنني لا أواجه أي عوائق من ناحية المنافسة، لأنها تساعد حتما على نشر مفهوم هذه الحقائب المميزة بين الناس. أما الفرق الأساسي، فيبقى في التصاميم الحصرية واللمسة المميزة.

- الى أي مدى يساعدك العمل الحر على تحقيق التوازن بين حياتك الخاصة ومسيرتك المهنية؟

أحاول دائما تحقيق هذا التوازن في حياتي. ولكن في بداية الطريق، أي عندما قررت إطلاق هذا المشروع، كان لا بد من تقديم بعض التضحيات، خاصة لأنني انطلقت بعمر صغير، وكانت لا أزال أتابع دراستي الجامعية.

لقد أهملت حياتي الاجتماعية، في مرحلة معينة، بسبب المسؤوليات الكبيرة التي أتحملها، ولكن في نهاية المطاف، استطعت إيجاد التوازن الصحيح.

وأنا اليوم أعمل في مجال الهندسة، كما أساعد عائلتي في المنشرة، وأهتم بكل ما له علاقة بـ"Bois de Lune". ولكن في مكان معين، أجد أنني بحاجة دائما الى بعض الراحة، وخاصة عندما تطورت علامتي التجارية. ومن هنا، شعرت بالحاجة الى إضافة شخص الى فريق العمل، وهذا ما حصل مؤخرا.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

لن نتوقف إطلاقا عن العمل، والاستسلام ليس خيارا بالنسبة لنا، بل على العكس، سنستمر بهذا النشاط مهما اشتدت الصعاب. ومن الممكن أن نتوسع قريبا من لبنان الى الخارج، وبهذه الطريقة، سنخلق المزيد من فرص العمل، كما سندعم الاقتصاد المحلي من خلال إدخال الـ"fresh money". لهذا السبب، نركز في الوقت الحاضر، على تطوير موقعنا الالكتروني، لكي نصل الى العالمية.

وعندما ستتحسن الأوضاع في لبنان، سوف نفتتح متجرا خاصا بمنتجات "Bois de Lune"، كما من الممكن أن نتواجد في المجمعات التجارية.

- من يقف الى جانبك ويقدم لك الدعم في مسيرتك؟

أنا مدينة بكل نجاحي الى عائلتي وأصدقائي، لأن الانسان وحده لا يستطيع الوصول الى أي مكان.

كما أن والدي كان داعما الى حد كبير، فقد انطلقت برأسمال خجول جدا، كنت قد ادخرته بنفسي، ولهذا السبب، احتجت الى كل مساعدة موجودة.

- ماذا تقولين للقراء لتشجيعهم على شراء المنتجات اللبنانية؟

عندما يبادر الناس الى شراء المنتجات محلية الصنع، سيدعمون المصمم اللبناني، ويساعدونه على تأمين فرص العمل لأشخاص آخرين.

فبدلا من شراء المنتجات من الشركات الكبرى التي تقدم إنتاج ضخما، فلنشجع المنتجات اللبنانية المميزة والمصنوعة من القلب؛ فكل تفصيل في أي منتج لبناني، يعود الى جهد شخص معين.

الصناعة اللبنانية جميلة وخلاقة ومميزة، وهي قادرة حتما على المنافسة. ولهذا السبب، علينا تنمية صناعاتنا ودعمها، من أجل إيصالها الى العالم.

- ما هي نصيحة إليانا دميان الى الشابات اللبنانيات؟

الشابة اللبنانية قادرة على الانطلاق والنجاح، برأسمال صغير وأفكار كبيرة.

فأي فكرة متواضعة، ستتوسع مع مرور الوقت وتكبر. كما أن الانطلاقة لن تكون صعبة، اذا كان الشخص يمتلك فكرة جميلة ومميزة وقابلة للتنفيذ في أي مجال كان.

ولا بد من الاشارة، الى أن ما ساعدني أيضا على الاستمرار هو مواصلة الدراسة. حيث لم أتوقف عند شهادة الهندسة فحسب، بل أكملت تطوير مواهبي ومهاراتي، وتابعت الدروس في تصميم ​الأزياء​. وأنا أدرس حاليا كيفية صنع أنماط الأقمشة (pattern making) وغيرها من الأمور، من أجل التعرف الى مختلف جوانب مشروعي.