يتحضر السوق المالي اللبناني لإستقبال مولده الجديد الذي سينضم إلى اخواته الثلاث المعروفين من قبل الشعب اللبناني من دون استثناء ومن رجال المال والأعمال عموماً ومن السلطتين المالية والنقدية خصوصاً.

"المولود" الجديد المنتظر هو سعر جديد للدولار الاميركي سيضاف إلى سلة الأسعار المعمول بها حالياً في لبنان والتي بلغ عددها الثلاث.

السعر الاول وهو السعر الرسمي المثبت منذ نحو 30 سنة (1505ليرات للدولار الواحد)، وهذا السعر بات اليوم محصور التعامل به خارج سوق المواد المدعومة من ​مصرف لبنان​، أي أنه محجوب عن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين لا سيما منهم اصحاب الودائع المصرفية المعنونة بالدولار، المحجوزة أو المحتجزة لدى ​المصارف​.

السعر الثاني للدولار الموجود في السوق المالية هو( 3900 ليرة للدولار الواحد)، وهذا السعر تم وضعه على منصة مصرف لبنان، يستفيد منه الصيارفة واصحاب الودائع بالدولار عند كل عملية سحب يجرونها، وطبعاً ان هذا السعر يطال أم يطبق على شريحة معينة من اللبنانيين.

الثالث والأخير الموجود في السوق المالية اليوم قبل موعد المولود الجديد (السعر الرابع)، هو سعر ما تسميه السلطة بسعر السوق السوداء، في حين أن الجميع متفق على أن سعر هذه السوق التي وصل اليوم ​سعر الدولار​ فيها إلى نحو الـ 9000 ليرة هي السوق الفعلية والعملية اذ تجري فيها عمليات البيع والشراء على مستوى واسع.

ورغم الفوضى والتناقض التي يحدثها وجود ثلاثة أسعار للدولار، نرى ونتوقع في غضون أسابيع أو أشهر معدودات كحد اقصى ولادة سعر رابع جديد للدولار كيف ولماذا ومن أين؟

أقل من الشهر وقع وزيرالمال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني اتفاقية قرض مع "​البنك الدولي​" بقيمة اجمالية قدرها 246 مليون اميركي يخصص لدعم شبكة الأمان الاجتماعي من خلال ​دعم مالي​ مباشر للأسر الأكثر فقراً في لبنان. حتى الآن الأمر طبيعي، "البنك الدولي" سيمنح لبنان قرضاً بالدولار الأميركي لمصلحة العائلات الأكثر فقراً. أما الأمر المفاجئ، والذي سيولد من جرائه السعر الرابع للدولار فهو قرار مصرف لبنان بالتوافق وكما تردد مع "البنك الدولي" ومع وزارة المال هو أن يحول القرض مباشرة لحساب مصرف لبنان على أن يقوم الاخير بصرف قيمة المساعدات الى العائلات المستحقة بالليرة اللبنانية على سعر جديد (6240 ليرة للدولار الواحد)، وبذلك يحتفظ مصرف لبنان بالدولارات التي ستستعمل في سياسة الدعم كما يتردد في الوسط المالي والمصرفي. النتيجة والخلاصة ستكون خسارة أصحاب الحقوق من القرض نحو 30% من المبالغ المخصصة لهم في القرض الأساس، وهذه النسبة تمثل الفارق بين السعر الذي سيحدده المركزي للدولار وبين الأسعار الحقيقية المعمول بها في السوق. كما سيكون لزاماً على مصرف لبنان طرح كمية اضافية من السيولة في السوق رغم كل التداعيات المرتقبة لهذا الفعل.