تحدث تقرير "​بنك عوده​" حول "​اقتصاد​ دولة ​الإمارات​ – 2021"، حول الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الإمارات بفعل تحديات تفشّي وباء فيروس "كورونا"، إضافة إلى يُرتّبه تراجع أسعار النّفط العالمية وهو ما رّتب على الإمارات عاماً صعباً، كان مليئاً بالتحديات.

وبحسب تقرير "بنك عوده"، فإنّه من المتوقع أن ينكمش إجمالي ​الناتج المحلي​ بنسبة 6.6% في العام 2020 الماضي، ويرجع ذلك أساساً إلى تداعيات تفشي وباء "كورونا"، وانخفاض إنتاج ​النفط​ بفعل اتفاقية "أوبك+"، إضافة إلى تراجع انخفاض ​أسعار الخام​ جراء انخفاض الطلب العالمي على النفط.

ويقول تقرير "بنك عوده"، إن اقتصاد ​دولة الإمارات العربية المتحدة​، تعرض لضربة كبيرة من فيروس "كورونا"، على الرغم من رفع غالبية القيود محليّاً، فيما أدى انخفاض الطلب العالمي على النفط إلى تخفيضات حادة في إنتاج دول منظمة "أوبك" وحلفائها، والتي سيتم رفعها تدريجياً في العامين الجاري 2021 والمقبل 2020، وسيؤدي تخفيض الإنتاج، لإضعاف كل من القطاعات المعتمدة على ​السيولة​ النفطية و​استثمارات​ شركات النفط الكبرى في ​قطاع النفط​ و​الغاز​، فيما ستطال تأثيرات تراجع ​أسعار النفط​ قطاعات الأخرى، وخاصة البناء و​العقارات​، على الرغم من ​التحفيز النقدي​. كما أن تأثير وباء "كورونا" على الاقتصادات الكبرى، وعلى السفر العالمي والخدمات اللوجستية - وهي قطاعات مهمة في الإمارات - تعيق التعافي أيضاً. وتسعى الحكومات إلى زيادة الثقة، وبالتالي تعزيز الطلب الخارجي في هذه القطاعات، من خلال إعطاء الأولوية للتطعيم وغيره من تدابير مكافحة الجائحة.

ومن غير المتوقّع، أن تشهد ​السياحة​ انتعاشاً ملحوظاً قبل النصف الثاني من العام 2021 الجاري. فيما سيتراجع نمو الاستهلاك الخاص بسبب تدابير احتواء الوباء العالمي المستمرة والمخاوف من انتشار الفيروس، والتي لن تنحسر إلا بشكل تدريجي. وفي هذا السياق، من المتوقع أن يبلغ نمو إجمالي ​الناتج المحلي الحقيقي​ 1.3% لعام 2021 وبمتوسط 2.2% على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفقاً لأحدث توقعات "صندوق النّقد الدّولي".

أما على المستوى الخارجي، فستتحرك عائدات تصدير السلع بشكل كبير جنباً إلى جنب مع أسعار النفط العالمية وحجم الصادرات، وجزئياً مع إعادة التصدير من ​دبي​. فيما سترتفع عائدات ​تصدير النفط​ اعتباراً من العام 2021 الجديد، كما سيتم استغلال ​الطاقة​ الإنتاجية للنفط مع ارتفع أسعار النفط العالمية. إذ يجب أن يساعد تطوير أسواق جديدة على إعادة التصدير للتعافي على المدى الطويل. وسيرتفع ​الإنفاق​ على ​استيراد​ السلع إلى ما بعد عام 2021 مع زيادة الاستهلاك الخاص والحكومي. ومن المتوقع أن ينتعش فائض ​الحساب الجاري​ لدولة الإمارات إلى متوسط 8% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى العامين المقبلين.

على المستوى النقدي، ونظراً للطبيعة الضعيفة للتعافي الاقتصادي، والانتعاش الحذر الوحيد في الاستهلاك الخاص واستمرار فائض العرض في قطاع العقارات، ستظل ضغوط الأسعار منخفضة في العامين المقبلين، على الرغم من توقع الإمارات الانتقال من الانكماش إلى ​التضخم​ المنخفض في العام 2021 الجاري. وسيؤدي فائض السيولة من التحفيز الحكومي وأسعار الفائدة المنخفضة، إلى جانب الانتعاش الجزئي في أسعار النفط، إلى تراجع التضخم في الأعوام بعد 2021. ومن المتوقع أن يظل ربط ​الدرهم الإماراتي​ بالدولار الأميركي، إذ وفر نظام الربط هذا الاستقرار لعقود، وعلى الرغم من الإفتقار إلى المرونة النقدية، يبدو أن السلطات ملتزمة به. ويدعم هذا الالتزام الثقة في ديمومة ربط العملة بالدولار، فيما تبقى الأحجام الكبيرة من ​الأصول الأجنبية​ المتاحة، وسيلة حماية للعملة المحلية إذا لزم الأمر، على الرغم من التقلبات في أسعار النفط العالمية.

وعلى المستوى المالي، بينما من المتوقع أن يتحسن العجز المالي ببطء مع انتعاش أسعار النفط وتراجع آثار الوباء، تستمر ضغوط الموازنة العامة في ​القطاع العام​ بشكل الأوسع. وأدى التركيز المكثف على استدامة ديون الحكومات في الإمارات، وتقوية مساهمة هذه الديون في التنويع إلى اتخاذ خطوات نحو توحيد الشراكات. وتشمل القطاعات البارزة التي تم تبسيطها وتعزيزها في المجالات المختلفة، القدرة ​التنافسية​ الأساسية الموانئ والممتلكات والقطاع المالي.

عند تقييم توقعات الاقتصاد الإماراتي، من المهم معالجة نقاط القوة والضعف الرئيسية التي تواجه الاقتصاد. على مستوى نقاط القوة، تجب الإشارة إلى الدعم الكامل المفترض من حكومة ​أبوظبي​ وميزانيتها العامة القوية، وارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومستوى ​الدين العام​ الموحد المعتدل، وتاريخ الاستقرار السياسي المحلي إلى جانب العلاقات الدولية القوية.

أمّا أبرز التحديات، فتتركز في الاعتماد الكبير المستمر للإيرادات على الهيدروكربونات، والتوترات الجيوسياسية الإقليمية، ونقص البيانات وشفافية السياسات.

فيما يبقى إعادة تنشيط القطاعات الرئيسية التي تضررت بشدة من الوباء مع الحفاظ على الالتزام بالإنفاق على ​البنية التحتية​ هو التحدي المباشر لدولة الإمارات، كما جاء في تقرير "​البنك الدولي​" الأخير عن دولة الإمارات.

في حين أن أولوية ​السياسة المالية​ هي دعم النمو على المدى القصير، ويجب إحراز تقدم في تعزيز أطر السياسة المالية، والتنسيق عبر الإمارات لتفادي الإنفاق المساير للدورة الاقتصادية وتحسين إدارة المخاطر المالية، فضلاً عن الإصلاح الهيكلي لتعزيز إنتاجية العمالة بشكل عام.