دخل ​لبنان​ فترة الإغلاق الكامل للبلاد، بعد أن أعلنت اللجنة الوزارية الخاصة بمكافحة فيروس "كورونا" تطبيقه حتى نهاية الشهر الجاري.

إغلاق يأتي في ظل الأزمات الاقتصادية الحادّة التي تضرب لبنان. وبحسب مراقبين فإن "البلد في طريقه للانهيار الأخير اقتصادياً، وذلك في ظل الأزمة الحادة التي تمر بها الدولة، وقرب أموال المصارف من النفاد، مؤكدين أن حل الأزمة سياسياً".

فبعد تجربة الإغلاقات السابقة التي لم يتم الالتزام بها بشكل كبير، إضافة إلى الاستثناءات الكثيرة والتي شملت الكثير من القطاعات الإنتاجية والتجارية، من المتوقع هذه المرة أيضاً أن لا تتجاوز نسبة الإغلاق 30 إلى 40% إذا ما حذفنا منها القطاعات المستثناة والمحلات والشركات التي لن تلتزم، وذلك بحسب توقعات خبراء الاقتصاد.

وفي هذا السياق، يؤكد عضو ​المجلس الاقتصادي​ والاجتماعي عمران فخري، في مقابلة مع "الاقتصاد"، أنه "مما لا شك فيه أن الإغلاق العام له تداعيات سلبية، فهو يوقف العجلة الاقتصادية، والمواطنون تعطلت أعمالهم، ولم يعد لديهم مردود، ونحن على أبواب إنفجار ضخم، فالأمن الاجتماعي مهدد في ظل غياب تام للدولة، التي لم تضع أي خطة توازي قرار الإغلاق".

وأضاف فخري: "لا نلوم المواطن اللبناني إن خالف القوانين في سبيل تأمين لقمة عيشه لأن دور الدولة غائب، فهي لا تؤمن أبسط حقوقه خلال الإقفال العام، ولكن يأتي هذا الإغلاق في ظل تضاعف أعداد الإصابات بفيروس "كورونا" بمعدلات غير مسبوقة فقد ارتفع العدد التراكمي للإصابات بالفيروس في لبنان منذ 21 شباط الماضي، إلى 189,278 حالة بحسب تقارير وزارة الصحة. وتخطّت أعداد الإصابات اليومية الـ 4 آلاف حالة، ولم يعد هناك أسرة في المستشفيات الحكومية، لذلك علينا جميعاً أن نصمد ونتحمل الخسائر الاقتصادية لحماية أمننا الصحي".

ولفت فخري، إلى "ضرورة تأمين الدولة مستحقات المستشفيات الخاصة كي تستطيع تجهيز أقسام لمعالجة المصابين بالفيروس، وإلا كيف ستستطيع زيادة عدد أسِرَّة لمرضى "كورونا"، وتجهيز أماكن مخصصة لهم".

وشدد فخري على ضرورة امتثال الدولة لخطة "​البنك الدولي​" القاضية بإستبدال برنامج الدعم المعتمد بآخر أكثر فعالية وكفاءة لصالح الفقراء، والذي سيطال نحو 150 ألف عائلة، كما من شأنه بحسب تقرير البنك أن يحسّن ميزان المدفوعات، ويطيل بشكل هادف الوقت المستنفد لاحتياطيات مصرف لبنان المتبقية، ويساعد في التخفيف من التأثير على الطبقة الفقيرة والمتوسطة في لبنان.

ومن الخيارات المقترحة بحسب مذكرة "البنك الدولي": الانتقال نحو برنامج تحويل نقدي واسع النطاق، يبدأ العمل به قبل إلغاء الدعم الموجود. وفي ما خصّ ترشيد خطة الدعم، أنه كلما تمّ استبدال الدعم في وقت أسرع بنظام تعويض أرخص وأكثر فعالية، كلما كان ذلك أفضل للاقتصاد ولرفاهية الناس. وذلك لأن الدعم الحالي للعملات الأجنبية مشوّه، فهو يكلف نحو 287 مليون دولار شهرياً ويستفيد منه في الغالب المستهلكون الأكثر ثراءً.

وهنا أشار عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إلى أنه "يبقى السؤال، كيف ستكون مسألة التوزيع؟ وهل ستكون عادلة؟ فنحن للأسف في بلد تسيطر عليه المحسوبيات، ولا توجد هيئات موثوقة ملتزمة بهذا الموضوع.. ولكن على الدولة إعداد لائحة بالأسر الأشد فقراً والتعاون مع "البنك الدولي" لتطبيق برنامجه، فلا حل آخر أمامهم لتخفيف معاناة المواطنين".

كما شدد فخري على "ضرورة أن تستكمل الدولة دفع المساعدات في ظل هذا الإغلاق، بالإضافة إلى تقديم بعض المعونات (كالحصص الغذائية) لمساعدة الناس الأكثر فقراً.. وكذلك تأجيل ​دفع الضرائب​، ويجب إعادة النظر بالوضع السيئ الذي يمر به البلد".

وختم بالقول: "في النهاية.. الإغلاق العام يساهم في تجميد أو أقله تخفيف عدد الإصابات بـ "كورونا"، وأدعو المواطنين للإلتزام وتحمل الأضرار".