في إطار نشاطات منتدى الحُكم الرشيد، تابع "مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد" في جامعة القديس يوسف بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور (Konrad-Adenauer-Stiftung (KAS، ندواته الحوارية، حيث اقام ندوة تحت عنوان "التدقيق الجنائي نحو دولة الشفافية و​المحاسبة​؟".

البداية كانت مع كلمة ترحيبية لمدير "مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد" البروفيسور باسكال مونان الذي اعتبر ان "التدقيق المالي يرتدي في ​مصرف لبنان​ اهميّة كبيرة في كشف الحقائق امام الرأي العام وتحديد المسؤوليات وصولاً الى المحاسبة وتحقيق العدالة".

وأضاف: "من البديهي التأكيد ان هذا التدقيق ينبغي ان يشمل سائر الوزارات والادارات والمؤسسات العامة، مع الأمل بأن يتيح ذلك المجال لمعرفة كيف صُرِف المال العام وأين، وهل تمّ التزام القواعد والأصول القانونية في انفاق وادارة المال العام".

وشكر البروفيسور مونان رئاسة الجامعة اليسوعية على دعم المرصد في كل ما يقوم به من عمل اكاديمي وطني يهدف الى خير لبنان اولاً واخيراً، خاتماً بالقول: "سنحمل في "مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد"، "السلّم بالعرض" بحسب قول الرئيس فؤاد شهاب، حتى تستقيم الأمور ونصل الى الحكم الرشيد، لأنه بهذا النوع من الحكم، وبه فقط، خلاصُ لبنان".

وفي إطار النقاش، كشف مدير عام وزارة المالية السابق الان بيفاني بانه لا يعرف "عن حسابات مصرف لبنان وهذه من المفارقات الكبيرة في هذه الدولة لأنه لا يزال هناك محميات ممنوعة على الدولة ان تعرف ماذا يحصل بالمال العام".

وأضاف: "انا سعيد بالحديث عن التدقيق الجنائي حالياً لان هذا الامر وضعته بمشروع ​الموازنة​ عام 2017 ولم يتم البحث بها وكذلك الامر عام 2018 كما وضعته بمشروع الحكومة أربع مرات".

وعن الخطة الإصلاحية التي وضعتها الحكومة أشار بيفاني الى أن "​المجتمع الدولي​ أشاد بها بينما أُطلقت عليها النار داخلياً، لان احداً لا يريد الإصلاح والذهاب الى معالجة ​الازمة الاقتصادية​ الحالية".

وأضاف: "اقترحوا خطة بديلة بتغطية الخسائر عبر الممتلكات العامة وتجميد الودائع ما يعني "Hair Cut" مرعب قد يطول الى 20 عاماً، وبالتالي الخطة هي "مسخرة" ولكنها استُخدمت لضرب خطة الحكومة، والهدف هو الوصول الى افقار الناس برمي الخسائر عليهم إمّا عبر انهيار ​الليرة اللبنانية​ او حتى عبر الـHair Cut".

وعن التدقيق الجنائي قال: "هناك مهزلة بالتعاطي مع ملف التدقيق الجنائي، والعمل الكبير قمنا به اصلاً ولكن هناك من لا يريد الاستمرار بهذا الملف، مشيراً الى أن "مصرف لبنان له استقلالية بإدارته ولكن المصرف ملك الدولة وإذا كان يعاني من خسارة فالدولة هي من تعيد خسائره".

وكشف بيفاني أنه أعد الدراسات اللازمة عن ​الحسابات المالية​ للدولة اللبنانية وهي ضائعة اليوم بين ديوان المحاسبة ورئاسة مجلس الوزراء، مشيراً الى انه منذ وصوله الى الإدارة العام عام 2000 لم يكن هناك حسابات واضحة للدولة اللبنانية، وهو عمل على إعادة تكوين 28 سنة حسابات. معتبراً ان "التدقيق الجنائي امر بديهي ولكن السؤال هنا على أي طرف سيكون التدقيق الجنائي".

بيفاني أكد أن "الإصلاح الفعلي يبدأ بالسلطة السياسية وإخضاع كل شخص بهذه السلطة للقضاء، والمشكلة ليست بالإدارة بل بالأداء من رأس الهرم الى اسفله"، متسائلاً عن انه "كيف للدولة تقبل ان تُرفع ​السرية المصرفية​ لادارة خارجية ويرفض رفعها لادارة داخلية".

بدوره، اعتبر الوزير السابق ​زياد بارود​ أنه "هناك ممانعة سياسية بعدم السير بالتدقيق الجنائي"، مضيفاً: "هناك قوانين نافذة ويمكن السير بها ونحن لسنا بحاجة لقوانين جديدة رغم انه يمكننا إقرار قوانين جديدة إذا استدعى الأمر ذلك".

وتابع: "اراهن على القضاء وانا مع النشر التلقائي للتدقيق الجنائي، ولكن علينا أن نستفيد من هذه المعلومات للتحرك قضائياً، وضمن القضاء هناك أصول للصلاحيات والاختصاص".

واعتبر بارود أنه "بالإضافة الى ال​رقابة​ القضائية هناك رقابة شعبية لا تقبل بحل نصفي بل تريد أجوبة شافية وكافية، والمسألة هي مسألة وقت ونحن سنصل الى أجوبة عن كل ما حصل حتى الان". مؤكدا "أنه يجب على الجميع السير بشعار "كلن يعني كلن"، أي الكل تحت القانون والمحاسبة".

النائب السابق غسان مخيبر أكد ان "عمل ​مجلس النواب​ وكل المؤسسات الرقابية لم يكن كافياً بموضوع مراقبة المال العام وعلى أي أساس كان يُصرف"، معتبراً أن دور الرقابة معطل من قبل المنظومة السياسية الحاكمة، بسبب الثغرات في المؤسسات والبعض منها شكل من دون فعالية.

واعتبر مخيبر أنه ليس غريباً ان يتحول لبنان الى بلد فاسد لان الجميع مشارك ولا يوجد مصلحة عند أحد بالكشف عن ملفات ​الفساد​، مؤكداً ان ما يحصل الان بموضوع التدقيق الجنائي هو كذبة على الشعب اللبناني.

وشرحت القاضية رنا عاكوم حقيقة إقرار قوانين جديدة لرفع السرية المصرفية وكيفية التعامل مع التدقيق الجنائي من الناحية القانونية.