الدعم بات هاجس جميع اللبنانيين في الآونة الأخيرة، في حين أنه حتى اللحظة، ما زال التضارب في المعلومات سيد الموقف، ولا شيء أكيد، حيث أن القرارات الرسمية لم تصدر بعد، بل سمعنا بعض التسريبات والتلميحات من هنا وهناك، التي أحدثت بلبلة في أوساط المواطنين، وخاصة ذوي الدخل المحدود، الذين سيشكلون حتما الفئة الأكثر تأثرا بخطوة رفع الدعم.

فالمواطن هو من يتلقى الضربات دائما، من سياسييه وتجاره أيضا، فبين التخبط السياسي وجشع ​التجار​، أصبحنا مهددين بلقمة عيشنا وصحتنا، ومتطلبات حياتنا الأساسية. فقد عمدت بعض الأفران الى رفع أسعار المنقوشة فور الحديث عن إمكانية إلغاء الدعم عن الطحين المخصص للحلويات و​الخبز​ "الفرنجي" والكعك وغيرها من المنتجات، علما أن هذا النوع من الطحين لم يكن مدعوما من الأساس|؛ وهذه فقط بداية "الاحتيال" والتلاعب بالمصير وبلقمة العيش...

وانطلاقا من هذا الواقع، كان لا من السؤال عن التأثيرات التي ستطال ​المواد الغذائية​ المستوردة، من ناحية أسعارها وتوفرها في الأسواق؛ فكيف ستتأثر هذه المواد الاستهلاكية في حال رفع الدعم عنها؟ ماذا سيحل بالسلة الغذائية، علما أنها لم تكن تصل الى نسبة كبيرة جدا من المواطنين؟ وماذا عن ​الأمن الغذائي​ للفئات الأكثر تأثرا؟

أشار رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، في حديث خاص لموقع "الاقتصاد"، الى أن نسبة كبيرة من المواد المدعومة في السلة الغذائية، لم تكن تصل الى المواطنين، وبالتالي، فإن خطوة رفع الدعم عنها، لن تؤدي الى تأثيرات كبيرة من ناحية الاستهلاك، وخاصة بالنسبة الى المواطن الفقير، ومن هنا، نجد نقطة "إيجابية"، اذا صحّ التعبير، في موضوع سلبي. وأضاف: "من جهة أخرى، لن يكون هناك تأثير على دخول البضائع الى لبنان،​ حتى لو تم ترشيد الدعم أو رفعه، حيث أن الأهمية الكبرى اليوم تتمثل اليوم في توفر ​السيولة​ بالعملة الأجنبية".

وقال: "منذ حوالي شهر، خفضت وزارة الاقتصاد عدد السلع المدعومة في السلة الغذائية، لكننا كنقابة أصدرنا بيانا منذ فترة، مفاده أن المواد الأساسية في السلة التي تطال المواطن فعلا، يجب أن تكون في نهاية قائمة رفع الدعم، وذلك في حال طالها موضوع الرفع؛ حيث أن كل السلع التي أزيلت من السلة، هي الى حد ما غير ضرورية".

كما لفت بحصلي الى أن "تأثير هذه السلة على مجموع الدعم ليس كبيرا، حيث أن النسبة الأكبر من الأموال تذهب الى ​المحروقات​ و​الأدوية​. كما أن قسما كبيرا من الدعم يذهب الى فئات لا تستحقها".

وأوضح أن ترشيد الدعم هو حتما "شر لا بد منه"، لأنه من غير المقبول الاستمرار بهدر أموال غير موجودة، على أشخاص لا يستحقون. وتابع قائلا: "عندما تكون النية للحلحلة موجودة لدى كل الوزارات والأطراف، سيتم حتما إيجاد الحل. وعندما تكون الإرادة الوطنية لضبط الأمور قائمة، فسوف يتم ضبطها، ولكن اذا رمى كل طرف المسؤولية على الطرف الآخر، فلن نجد أي وسيلة للخروج من الأزمة، وستتواصل عمليات الهدر، وسيدفع المواطنون الثمن كالعادة".

وأضاف بحصلي لـ"الاقتصاد": "الوضع سيء للغاية، وقد حذرنا من خطورته مرات عدة، ولكن علينا النظر الى بعض الأمور الإيجابية، في ظل الضبابية القائمة".

وكشف أنه في موضوع دعم السلة الغذائية، هناك تأكيد الى حد الآن من المسؤولين، أنه في حال تم رفع الدعم بشكل أكبر عن المواد الغذائية، أي اذا تم خفض المزيد من السلع من السلة، لن يتم المس بالسلع الأساسية التي يحتاج اليها المواطن الفقير، أي أن الأولوية ستكون للسلة الأساسية التي كانت تضم في السابق 30 صنفا، منها السكر والأرز والحبوب وبعض الملعبات.

وقال: "على سبيل المثال، اذا تم رفع الدعم عن الذرة الحب، أو الفطر، أو الـ"coffee mate"، أو "النيسكافيه" أو البن، فلن تكون الآثار مشابهة لرفع الدعم عن الأرز والحبوب؛ حيث أن الفقير لن يحتاج الى هذه المنتجات لكي يعيش".

وأضاف بحصلي: "إنها عملية ديناميكية، وعندما صدر القرار من قبل وزارة الاقتصاد، منذ حوالي ثلاة أسابيع، لم يسألنا أحد عن رأينا بهذا الموضوع أو مطالبنا في هذا الخصوص، وبالتالي، من المتوقع، في الفترة المقبلة، خفض المزيد من السلع".

وقال: "لقد نبهت حول موضوع عدم قدرة جميع المواطنين على الوصول الى السلع المدعومة، والى حد اليوم، لم يتم إيجاد الحلول له؛ فعلى سبيل المثال، ما الفائدة اذا استفاد مواد في منطقة معينة من العدس المدعوم، في حين أن مواطن آخر في منطقة أخرى، غير قادر على الاستفادة من هذه السلعة؟".

كما تابع بحصلي قائلا: "لا شك أن الشعب بحاجة الى حل، وفي المقابل، لا نجد أي تجاوب مع مطالب هذا الشعب من قبل المسؤولين السياسين. ومن هذا المنطلق، فإن التحركات تنبع في مكان ما من صرخة الشعب، وبالتالي، فإن أي تظاهر سلمي مطلبي محق هو مرحب به، في حين أن التظاهرات العنيفة والتي تتضمن التكسير والخلع والحرق لا توصلنا الى النتيجة المرجوة، كما أنها تشوه صورتنا في الإعلام العالمي. ولكن لا بد من الضغط على السياسيين من أجل تأليف حكومة، والبدء بمسار معين للإصلاح والحل".