وسط أجواء قاتمة تعزز حالة الإفلاس على المستويين العام والخاص، بدأت أولى الأخبار السلبية المرتبطة برفع الدّعم تُكشف تباعاً، في خضم الأزمة النقدية والمعيشية والاقتصادية المستفحلة، لا يزال التدقيق الجنائي واحداً من العناوين الأخطر التي تشغل بال كل متطلع لمحاسبة عقود من ​الفساد​ وإهدار أموال خزينة الدولة.

بعد التخبّط في موضوع الدعم على مدى الأيام الماضية، أُعلن اليوم الإثنين وقف دعم الطحين الذي يستخدم في غير صناعة ​الخبز​ اللبناني، في خطوة ستكون أولى في مسلسل رفع الدعم. فكيف ستكون تبعات هذه القرارات، وما مصير احتياطي ​النقد الأجنبي​ وما أبرز الحلول المتاحة في ظل الواقع الحالي القاتم؟ هذه الأسئلة أجاب عنها ​الخبير الاقتصادي​ د. ​إيلي يشوعي​ في مقابلة خاصّة مع "الاقتصاد".

ما تبعات بدء رفع الدّعم؟ وكيف تقرأ خطوة البدء بوقف دعم الطّحين؟

يقول المعنيون من خلال هذه الخطوة، أننا يجب أن نأكل الخبز اللبناني حصراً، أي أنه يتم فرض واقع جديد على اللبنانيين، يضعهم فعلياً في خانة ​الفقر​اء، أي تدني مستوى المعيشة ونوعية الحياة.

وما يفرض علينا اليوم هو من تجليات الفقر، أي اختلاف مستوى المعيشة عما كان في السّابق.

أما الوقاحة في رفع الدّعم عن هذه السّلعة، تتجسد في أن القيّمين على الشأن المالي قاموا بسرقة مال الشّعب، فيما يجري اليوم فرض نمط حياة جديد على الناس، وهذه قمّة اللاأخلاق واستباحة الحقوق والتعدّي عليها.

ما مصير احتياطي النقد الأجنبي وما أبرز الحلول المتاحة؟

لا يحق لحاكم ​مصرف لبنان​ تحويل المليارات المتبقية في حال خفض مستوى الإحتياطي الإلزامي واستخدامه في الدّعم، لأن قانون النّقد والتّسليف ينصّ صراحة على أن الإحتياطي الإلزامي يطال الودائع بالليرة اللبنانية وودائع تحت الطّلب والودائع لآجال محدّدة، ولا يوجد أي ذكر لإحتياطي إلزامي على ودائع بالعملات الصّعبة.

الواقع الحالي المتمثّل بوجود إحتياطي إلزامي بالعملة الصّعبة، سببه قيام ​حاكم مصرف لبنان​ بدولرة الاقتصاد ما أثمر وجود 75% من الودائع بالدّولار، وهو ما قام على إثره ​رياض سلامة​ باستحداث شيء جديد وهو احتياطي إلزامي بالدولار وهو غير موجود بالقانون أصلاً.

أبرز الحلول المتاحة

آلية​ الدعم الحالية تخدم ​التجار​ والمستوردين ووصلت إلى تخزين السلع ونتج عنها التهريب عبر الحدود، إضافة إلى وجود غير اللبنانيين على الأراضي اللبنانية ممن استفادوا أيضاً من الدّعم على مدى سنوات طويلة، وانطلاقاً من هذه الثغرة ولتطبيق القانون بإعادة أموال المودعين إلى أصحابها، يجب على "المتحكّم" بمصرف لبنان رد الـ 17 مليار دولار المتبقية لدى المركزي إلى أصحابها المودعين.

إذ إنه في الظل الواقع الحالي، الدّعم أصبح وهمياً، ويجب ردّ كل الدولارات إلى النّاس عبر توزيع الودائع بالتقسيط كمبالغ شهرية، تساهم في وقف الهدر على الدّعم الغير ناجح أصلاً، كما تأسس هذه الخطوة لواقع جديد يقوم من خلاله كل شخص بدعم نفسه بحسب حاجته. كما أن توزيع الدولارات لدى المركزي على المودعين، يساهم أيضاً في ارتفاع الليرة، كون الأموال بالعملة الأميركية ستُضخ في الأسواق بعكس ما هي محبوسة حالياً في مصرف لبنان.

إضافة إلى أن إعطاء الأموال بالتقسيط شهرياً، يمنع تهريبها إلى الخارج، لأن مبلغ الـ 100 و200 و500 دولار شهرياً، تكفي فقط كمصروف للمواطنين للعيش وشراء الحاجات. وتمكّن الشعب من استكمال المرحلة بأفضل السيء بانتظار حكومة نتمنى على رئيس الجمهورية فيما تبقّى له من عهده، أن يشكلها من "الأوادم".

ماذا عن خيار بطاقة الدّعم التي يجري العمل عليها؟

إن اعتماد البطاقة لترشيد الدعم سياسة لن تكون ناجحة، والدّعم سيبقى موجّهاً ليخدم التجار والمستوردين ويُهرَب أيضاً، فيما إعادة الأموال سيساهم في تحريك العجلة الاقتصادية وقد ينتج عنه فرص عمل تستفيد منها الأسر الفقيرة.

يروج بكثرة لاستخدام جزء من احتياطي ​الذهب​ للدعم، كيف ستكون تبعات ذلك؟

يجب عدم المساس بأي نسبة من الذهب الموجود ضمن احتياطي مصرف لبنان، لأن الـ 17 مليار دولار (قيمة أوقيات الذّهب لدى المركزي)، ستكون بمثابة الضّمانة للوضع المالي والنقدي وسعر صرف الليرة، خاصة إذا ما تم توزيع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية على المودعين.