بالإرادة والصرار والعمل الجدي، حققت نجاحات واسعة، وتفوقت على منافسين من مختلف دول العالم. فالظروف الصعبة، والأوضاع غير المستقرة، والتقلبات المحلية والعالمية، لم تثبط من عزيمتها ولم تمنعها عن تسطير "قصة نجاح" مبهرة.

سيعرّفكم موقع "الاقتصاد" اليوم على المخرجة ال​لبنان​ية الشابة باميلا نصور، التي حازت مؤخرا على خمس جوائز عالمية، ورفعت اسم لبنان، في مهرجانات دولية.

- من هي باميلا نصور؟

حصلت على إجازة وماجستير في مجال السينما، من جامعة "الروح القدس – الكسليك"، "USEK". وبعد ذلك، عملت كمخرجة ومساعدة مخرج أولى على مشاريع مختلفة مثل الفيديو كليبات و​الإعلانات​.

ومقابل عملي الإخراجي، أنا أعطي المحاضرات في مجال الراديو والتلفزيون، في "​الجامعة اللبنانية الدولية​"، "LIU".

كما بادرت في العام الماضي، الى متابعة الدراسة لنيل شهادة الدكتوراه في السينما، من "جامعة القديس يوسف"، "USJ".

- متى قررت البدء بالعمل على مشاريعك الخاصة؟

بدأت بفيلم "الى حيث" عام 2014، واستمريت بالعمل عليه لمدة خمس سنوات، أي حتى عام 2019؛ ما لا يعتبر نمطا عاديا لأي فيلم، كونه لا يتطلب بالعادة، كل هذا الوقت، إلا في الحالات خاصة، وهذا الفيلم بحد ذاته كان حالة خاصة.

ومؤخرا، في عام 2020، قررت العمل على فيلمي الثاني "An Attempt" أو "محاولة"، الذي بدأت بكتابته في بداية العام، ولكن بسبب الأحداث الحاصلة، تطلب التصوير المزيد من الوقت؛ اذ كنا نصور المشاهد بأوقات مختلفة، من أجل مراعاة الأوضاع والظروف.

أنهينا هذا الفيلم منذ حوالي أسبوعين، ومن المتوقع أن يبدأ عرضه في المهرجانات قريبا.

- أخبرينا أكثر عن الجوائز التي حصل عليها فيلمك "الى حيث"؟

حصل هذا الفيلم على جوائز عدة، وهي "أفضل مخرج/مخرجة للفيلم التجريدي القصير" في مهرجان "Brazil International Monthly Independent Film Festival – BIMIFF"، كما ترشح في المهرجان ذاته، لنيل جائزة "أفضل فيلم تجريبي قصير".

وفاز في المهرجان البرازيلي " Gralha International Monthly Film Awards"، بالجوائز التالية: "أفضل مخرجة امرأة للفيلم القصير"، "أفضل موسيقى تصويرية للفيلم القصير"، و"أفضل مونتاج للفيلم القصير". كما حاز أيضا على جائزة شرفية في "Andromeda Film Festival" في ​تركيا​.

وما زال الفيلم يتنقل بين المهرجانات المختلفة حول العالم، ولم يتوقف مشوراه، وبالتالي، من الممكن أن يحصد المزيد من الجوائز.

لكن الغاية الأساسية منه، لا تتمثل في حصد الجوائز، بل إن هدفي الأول هو أن يصل هذا الفيلم الى أكبر عدد ممكن من البلدان والأشخاص. فنحن نصنع الأفلام من أجل مشاركتها مع الجمهور، وبمجرد أن وجد فيلمي في الخيار الرسمي للمهرجانات مقابل أفلام أخرى من العالم، فهذا الأمر بحد ذاته إنجاز، وذلك لأن كمية الأفلام التي يتم تقديمها الى المهرجانات، هائلة، ومن هنا، أشعر بسعادة عارمة لمجرد اختياره للعرض.

- ما الذي ميز هذا الفيلم وخوّله الحصول على هذا العدد من الجوائز؟

موضوع الفيلم يأسر المشاهد، كونه يظهر جسد المرأة بطريقة مختلفة وغير تقليدية. فقد استخدمنا في التصوير، تقنية "الماكرو"، وكنا نصور الجسد بكل زواياه، دون استثناء، وبطريقة قريبة جدا، غير مألوفة للعين المجردة؛ وذلك لأن عدسة "الماكرو" ترى أكثر من العين.

وبالعادة، يُنظر الى المرأة بشكل عام، كسلعة، وبطريقة مغرية وشهوانية، وهذه الصورة النمطية البشعة الموجودة في كل المجتمعات تستفزني الى حد كبير، ولهذا السبب، عمدت الى إظهار المرأة بطريقة مختلفة وجميلة. لقد حاولت نزع فكرة الجسد من النظرة السطحية، وتعاملت معه على أنه سطح، والمُشاهد يسير على هذا الجسد كرحلة.

يظهر الفيلم أشكالا في الجسد تشبه الجبال والوديان والصخور، وفي معظم المَشاهد، من غير الممكن أن يتعرّف المشاهدون الى الجزء من الجسد المعروض على الشاشة.

إضافة الى ذلك، استخدمنا شعر من كتابة الشاعر والكاتب اللبناني فوزي يمين.

- من قدم لك الدعم في مسيرتك؟

الدعم الأكبر جاء حتما من المحيط، أي من العائلة والأصدقاء. لكنني لم أكن أتوقع هذا الاهتمام الواسع من قبل وسائل الإعلام المختلفة. فقد تفاجأت من طريقة تلقي الجمهور لفكرة الفيلم، التي قد تعتبر من المحرمات، بالنسبة الى عدد كبير من الأشخاص. ولكن لحسن الحظ، وجدت أن الغالبية الساحقة من الناس، يتلقون الموضوع بطريقة جميلة جدا.

- ما هي الصفات الشخصية التي ساعدتك على تحقيق النجاح في مجال الإخراج؟

اذا وجدت حائطا أمامي، وأريد الوصول الى الهدف الموجود في الجهة المقابلة لهذا الحائط، فسأكسره وأخرج منه!

أنا لا أستسلم أمام الظروف، وأتمتع بإصرار قوي وإرادة صلبة تدفعني الى الوصول الى جميع طموحاتي. وبالإضافة الى ذلك، أحاول دائما إيجاد النقطة الإيجابية في كل ما هو سلبي وبشع.

العمل في مجال الإخراج في لبنان، بدون شركة إنتاج داعمة، وتمويل ضخم لتنفيذ المشاريع، قد يكون بالإجمال مليئا بالعوائق والصعاب، وخاصة في ظل الأوضاع التي نمرّ بها حاليا. لكنني لم أستسلم لهذه الظروف، وأشكر الله على وجود خمسة أشخاص الى جانبي، يشكلون فريق العمل الذي أعطى بكل طاقاته ومهاراته حتى النهاية، دون الاهتمام بالربح المادي أو الأمور السطحية، التي قد تنتقص من قيمة العمل.

لقد وقفوا الى جانبي في كل المراحل، وما زالوا معي الى حد اليوم، يدعمون جميع أفكاري ومشاريعي. وبدونهم لما كنا وصلنا الى تحقيق كل هذه النتائج الجميلة.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

صناعة الأفلام القصيرة أو الطويلة هي هدف كل مخرج، أو حتى أسلوب حياته، وذلك لأن المخرج بطبيعته، يحب سرد القصص ووضع الأفكار على الشاشة، بالصوت والصورة. وبالتالي، سأواصل مسيرتي في هذا المجال، الى جانب التعليم والأبحاث.

أما بالنسبة الى المشاريع القريبة، فقد أنهيت مؤخرا فيلمي الجديد "An Attempt"، الذي يختلف تماما عن "الى حيث"؛ اذ أنه فيلم روائي، طوله 18 دقيقة، ويحاكي الواقع اللبناني.

استوحينا من قصص حقيقية حدثت منذ حوالي سنة، أي خلال الفترة الممتدة من تشرين الأول حتى كانون الأول 2019. وهذا الفيلم هو إهداء لأستاذي ألفريد، الذي كتبت الشخصية الأساسية بناء عليه.

لم أفكر بعد في مشاريع أخرى، لأنه لدى العمل على فيلم معين، يكون المخرج مغمورا به، ومن هنا، هو بحاجة الى بعض الوقت من أجل إعادة بلورة أفكاره والبدء بالتنفيذ. ولكن هناك العديد من الأفكار الموجودة في الأدراج، والتي سأعمل على تطبيقها في المرحلة المقبلة، و"كل شي بوقتو حلو".

- هل تفكرين يوما بالهجرة من لبنان بسبب الأوضاع الصعبة وغير المستقرة؟

أنا مصرة على البقاء في لبنان، فنحن نعيش في بلد مليء بالمفاجآت ولكن بصراحة، لا أجد نفسي ف​​​​​​​ي أي بلد أو أي مكان آخر.

أعمل كل يوم بيومه، على مشاريعي ومع تلاميذي، وأنا متعلقة بكل جانب من جوانب حياتي، وأحاول عدم فقدان​​​​​​​الأمل، واتخاذ قرار المغادرة.

- نصيحة الى المرأة.

عندما اخترت التخصص في الإخراج والسينما، سمعت من بعض الأشخاص أن هذا المجال ليس للمرأة. وبالتالي، يجب أن لا يقيد هذا الفكر النمطي التقليدي البشع طموحات المرأة.

لا توجد أي قواعد لتحديد المجالات الخاصة بالمرأة أو بالرجل، فالعقل موجود، والقدرات موجودة لدى الاثنين. ومن هنا، يجب أن لا يحد الإنسان أي عائق، ويوقفه عن تطبيق ما يحلم به.

فبالإصرار والإرادة والعمل الجدي، ستصل المرأة. واذا بقيت خاضعة لمعايير معينة، لا أعتقد أننا سنتقدم محليا أو عالميا. وانطلاقا من هذا الواقع، أقول لها: "لا تستسلمي مهما اشتدت الصعاب، ومهما طالت فترة الانتظار".