أصبح لبنان اليوم يحتل عناوين الصحف العالمية، ووكالات الأنباء الدولية، ليس لأنه أعلن عن تطويره لقاحاً لوباء "كورونا"، أو لأنه أطلق أول قمر اصطناعي إلى الفضاء، أو ما شابه ذلك، إنما السبب في هذا الاهتمام المستجد بلبنان هو حيرة الاقتصاديين والخبراء والدول والمؤسسات العالمية، في كيفية وصول هذا البلد إلى الإفلاس بين ليلة وضحاها، بعد أن تم إهدار مئات مليارات الدولارات على مدى سنوات بصورة "مشبوهة"، لم تتمكن السلطات المتعاقبة على الحكم من تقديم الإيضاحات والاثباتات المقنعة التي تُبيِنُ سلامة صرف هذه المليارات، الأمر الذي وضع ويضع هذه المنظومة السياسية تحت "الشبهات". كما أثارت المنظومة السياسية والمالية التي تدير البلاد منذ تسعينات القرن الماضي، انتباه الصحافة العالمية والدول أولا، حيث أن هذه المنظومة تستمر عمداً في ضرب كل جهود ​المجتمع الدولي​ الذي يرغب بتقديم الدعم الاقتصادي والمالي للبنان المنهوب والمفلس والمدمر، والواقع في أزمات قلّ مثيلُها، وهو أمر لم تجد له هذه الدول تفسيراً، إلّا رغبة هذه المنظومة الهروب من المساءَلة، وتالياً تحمل مسؤولية "نهب" المال العام وإضاعة أموال المودعين في ​المصارف​، والتي تقدر بنحو 180 مليار دولار.

صحيفة "واشنطن بوست"، تناولت قبل أيام قليلة موضوع ​الفساد​ المستشري في لبنان، عارضة وبشكل موسَّعٍ موضوع "تطيير" التحقيق الجنائي المالي في ​مصرف لبنان​.

وأشارت الصحيفة الأميركية، إلى نظام ​السرية المصرفية​ الذي ساهم في قيامة القطاع المصرفي في لبنان من خلال تدفق الأموال إلى صناديق المصارف وإلى القطاع المالي.

ورأت "واشنطن بوست"، أن ​الأزمة المالية​ والاقتصادية الحالية هي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث، وهي متجذرة في عقود من الفساد وسوء الإدارة.

وأشارت الصحيفة، إلى الصعوبات التي اصطدمت بها شركة "ألفاريز آند مارسال"، التي كُلفت بإجراء تحقيق مالي جنائي في لبنان، لتعارض مهمتها مع السرية المصرفية وقانون النقد والتسليف، وهو ما دفع بالشركة للتخلي عن مهمتها. كما تلفت الصحيفة، إلى أن العمل جارٍ لتعديل قانون السرية المصرفية من أجل تسهيل عملية التحقيق.

وتحدثت وكالة "أسوشيتد برس" من جهتها، عن التحقيق المالي، وأشارت إلى أن "ألفاريز آند مارسال" وجهت في انسحابها من لبنان ضربة قوية لأولئك الذين يأملون في المساءلة، في بلد غارق بالفساد وأزمة مالية واقتصادية خانقة. وأكدت الوكالة، أن التحقيق المالي الجنائي، يعدُّ مطلباً لـ "​صندوق النقد الدولي​" والدول المانحة لتوفير الدعم للدولة اللبنانية.