يمضي "​مصرف لبنان​" في عملية إنجاز كل التدابير والإجراءات التقنية واللوجستية الآيلة إلى وضع لبنان على ​سكة قطار​ الدول التي سبقتنا في دخول عالم البطاقات الإلكترونية أو "العملة الإلكترونية".

ويعول "مصرف لبنان" على عملية إصدار العملة الإلكترونية بالليرة اللبنانية، للحد من إنحدار لبنان أكثر فأكثر بإتجاه الإقتصاد النقدي، الذي بات مكلفاً في وضع صعب ومأزوم كالوضع اللبناني، وهنا يتطلع "مصرف لبنان" إلى التخفيف من ​طباعة​ العملة اللبنانية للحد من ​معدلات التضخم​ المرتفعة، إضافةً إلى وقف المضاربات في السوق.

وبإنتظار إستكمال كل العناصر المطلوب توافرها لدخول لبنان ​فضاء​ العملة الإلكترونية، يبقى السؤال هو: هل ​الوضع المالي​ والإقتصادي اللبناني الراهن يسمح بهذه الخطوة ويضمن نجاحها؟

"الاقتصاد" حمل هذا السؤال إلى الخبير المالي والمصرفي جو سروع، الذي أجاب: "السؤال الذي يطرح أولاً بهذا الخصوص، الذي من شأنه إعطاء الإجابة الصريحة والجازمة هو: هل أن في إطلاق مثل هذه البطاقة التي يتوخى منها إنتقال لبنان من النظام المالي النقدي إلى النظام المالي الرقمي، تعيد الثقة المحلية والدولية بالنظام المالي اللبناني؟ الجواب طبعاً لا، حيث أن لبنان إقتصادياً ومالياً هو اليوم في قعر البئر، وبالتالي هو بحاجة إلى مسيرة إصلاحية طويلة لإستعادة الثقة بقطاعه المالي والمصرفي.. وتالياً لن يستعيد هذه الثقة بمجرد إصداره بطاقه رقمية بالليرة!".

وتابع: "طالما أن الثقة غير متوفرة اليوم، تبقى نسب نجاح خطوة "مصرف لبنان" شبه معدومة، حيث ستصطدم أولاً بإمتناع قبولها محلياً من قبل العديد من المؤسسات، وثانياً بسبب تغييبها عن الأسواق الدولية، إضافةً إلى أسباب يطول شرحها".

وسأل سروع: "هل سيعمل بهذه البطاقة كعملة دفع وعملة قبض في آنٍ معاً، وهل ستساوي على الأقل كلفة إصدارها وإدارتها الفائدة المتوخاة منها، وهل سيكون لهذه البطاقة فعالية في الخارج، وآخراً وليس أخيراً، هل يمكن لهذا الإجراء عودة الأموال الموجودة في المنازل إلى السوق المالي؟ إنَّ الجواب على هذه الأسئلة لا يبدوا مشجعاً أم إيجابياً أبداً، خصوصاً في هذا التوقيت، الذي يبقى عنوانه الرئيسي "إنعدام الثقة".

ويختم سروع بالقول: "من السذاجة أن نلجأ في مثل هذه الظروف الإقتصادية والمالية والنقدية والسياسية الصعبة والمأزومة، إلى تجارب وإلى إختبارات غير واقعية، لاسيما إذا كانت النتائج شبه متوقعة سلفاً. إنَّ مفتاح الحل لأزمات لبنان، كان وسيبقى"الثقة" أولاً وثانياً و..".