نفذ أساتذة ​الجامعة اللبنانية​ في الملاك والتعاقد اعتصاما، أمام مبنى الادارة المركزية في المتحف. وتحدث في الاعتصام بشار اسماعيل باسم المتعاقدين، فقال: "في كل دول العالم تتنافس الحكومات لدعم جامعاتها الوطنية وتعزيز قدراتها الا في هذا البلد المنكوب بحكامه، يتسابق المسؤولون في التدمير الممنهج لجامعة الوطن ويتنافسون في محاولات زرع الاستنسابية والزبائنية والتحاصص المقيت فيها. يحاولون تدميرها وهم يتركونها تقوم على اكتاف جيش من المتعاقدين المنهكين الذين اصبحت نسبتهم تتجاوز 70 % من طاقمها التعليمي. متعاقدون محرومون من ابسط حقوقهم براتب شهري وضمان صحي. حتى بدأ شبح "كورونا" يخطفهم وهم مظلومون لا يملكون الحق بالاستشفاء في هذا الزمن الرديء".

وأضاف: "أيها المسؤولون في الجامعة والوطن، حكموا ضمائركم و لو لمرة واحدة. استيقظوا قبل ان ينهار هذا الصرح وقد تحول المتعاقدون فيه الى اشباح تطحنهم الازمات ويكويهم التعاقد، يعيش الفرد في عائلته بمعدل دخل يقل عن دولارين في اليوم، فيما السلطة تستنسب ادخال المحظيين من الوزراء الى ملاك الجامعة وتترك زملاءهم في تجاوز لابسط قواعد النزاهة والعدل".

وتوجه اسماعيل الى رئيس الجامعة بالقول: "هل تقبل أن يبدأ عام دراسي جديد ومتعاقدو الجامعة دون تفرغ؟ هل تقبل ان يبقى ملف التفرغ معلقا يتنقل بين اللجان والادارات والوزارات؟ حضرة الرئيس، ملف التفرغ أولوية اولويات هذه الجامعة. والمتعاقدون لن يقبلوا ان يدخلوا عاما جديدا من القهر فقد قضوا محكوميتهم الاجبارية بعد ان مرت 7 سنوات على آخر ملف تفرغ". كما توجه الى رئيس الرابطة واعضائها، فقال: "لقد تم تعليق اضرابنا السابق نتيجة اتفاق من 7 بنود مع السلطة ولكن لم ينفذ منها حرف واحد وعلى رأسها التفرغ والملاك والسنوات الخمس. وعليه، فاننا نطالب الهيئة و بإلحاح بالعودة الى الإضراب المفتوح فور اعلان تشكيل الحكومة القادمة، وعدم العودة عنه الا عند تحقيق هذه المطالب. فكرامة الاساتذة وحقوق الطلاب قبل كل شيء".

وأضاف: "الى وزير التربية المقبل، أيا من كنت ومتى جئت، رأس التعليم العالي في هذا البلد هو جامعته الوطنية، والجامعة لا تقوم بمتعاقدين دون حقوق. فاجعل اولويتك باستكمال واقرار ملف التفرغ لكل من استحق. واياك والمماطلة وتضييع المزيد من الاوقات، فقد توالى 3 وزراء على هذا الملف و لم يقر. وقد صدع سابقوك رؤوسنا بالكلام والوعود وحتمية التفرغ، ولم يحصل". وختم قائلا: "صبرنا نفد، وقوتنا على التحمل انتهت، فقوموا بواجبكم واعلموا اننا لن نكل قبل تحصيل حقنا بالتفرغ، وان الامور لن تستقيم دون ذلك".

بدوره، تحدث رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الاساتذة المتفرغين يوسف ضاهر، وقال: "إن مسألة عدم إدخال المتقاعدين المتفرغين إلى الملاك هي قضيتنا الأساسية. هي أبعد من كون هؤلاء الزملاء محرومين من معاشهم التقاعدي وضماناتهم الصحية ومنح تعليم أولادهم، وأبعد من كون السلطة والمسؤولين، لا ذرة شرف عندهم ولا إنسانية ولا أي احترام لحقوق الإنسان وخصوصا للأستاذ الذي أفنى عمره لخدمة بلاده ورسالة التعليم العالي وتنشئة الأجيال التي سيتكئ على أكتافها بناء الوطن الحديث".

وأضاف: "أبعد من كل ذلك، إن هذه المسألة تحفر عميقا تحت أساسات الجامعة لتهدمها وتلغي وجودها عن خارطة الوطن الجريح، وطن بأمس الحاجة إلى جامعته الوطنية، في أوج نكبته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. يتحججون بذرائع واهية من هنا وهناك ويماطلون ويراوغون لكي لا يدخلوا كبارنا المتقاعدين المتفرغين إلى الملاك كمقدمة لعدم إدخال المتفرغين الذين في الخدمة إلى الملاك. والهدف من ذلك هو ضرب ملاك الجامعة وتفريغها من كوادرها من أجل إضعافها شيئا فشيئا إلى حين تصفيتها أو بيعها بالكامل. لا يا سادة، لن تذهب حسرة وحرقة المرحومين الدكتور علي المعوش والدكتور فاسيلي بوجي سدى. إن موتهما بالنسبة لكم مسألة عادية وطبيعية، أما بالنسبة لنا فهما يرتقيان إلى مستوى الشهادة على مذبح نكبتكم للجامعة وللوطن".

وتابع: "5 سنوات من المراوحة في ملف الدخول إلى الملاك والدخول إلى التفرغ للمستحقين. حكومة وراء حكومة وزير وراء وزير، مسؤول وراء مسؤول. تهرب الأعمار منا ونحن نتعذب، نذل، تهضم حقوقنا، تنهب رواتبنا ودرجاتنا وقوة شرائنا ومدخراتنا، يهجر أبناؤنا، يشرد أبناء حينا، تنتهك كرامة شعبنا، يدمر مرفأنا وتهدم عاصمتنا. ونشيخ في بيتنا، بيت الجامعة الوطنية، بيت العلم المتألق والمستوى الرفيع. ويبقى صوتنا عاليا عاليا عاليا للدفاع عنها وعن كل فرد فيها، طالب، موظف، أستاذ، متقاعد". وقال: "لن تتمكنوا من إسكاتنا ولا من إغلاق أبواب جامعتنا. نحن من هذا الشعب الأبي، صرخته صرختنا، آلامه آلامنا، غضبه غضبنا. وهذه الجامعة هي جيشه الثاني، لا بل أكثر من جيشه الثاني. هي الصرح الجامعي الفاتح ذراعيه لكل أبنائه، والملاذ الثقافي والفكري لكل من أفقرتم. هي ممر الوحدة الوطنية المنيع والجسر نحو دولة القانون والقضاء النزيه والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. تلك أمور، أنتم لا تعرفونها أبدا ولا تشعرون بوجع الأساتذة، ولا بوجع الناس. دمر البلد ونهب ونكب وسرقت لقمة عيش مواطنيه، وما زلتم على نفس النهج في ​المحاصصة​ والمناكفة على قطعة الجبن العفنة المتبقية. تتصرفون وكأن شيئا لم يكن. كأن الليرة بأحسن حالها وكذلك الاقتصاد و​السياحة​ والصناعة والزراعة. تنتظرون أن يفتح لكم باب ​التسول​ لتغرقوا البلد أكثر فأكثر في ديونه وفقره. وبدلا من استعادة المليارات المنهوبة والمنقولة إلى الخارج ومحاكمة المرتكبين والمهربين، تسطون على ما تبقى من قروش للبنانيين. وتريدون إقناع الشعب اللبناني بأن ما يحدث له طبيعي ولا ذنب لكم فيه. سنبقى نطالب بحقوقنا وحقوق الشعب اللبناني ولن نمل ولن تتمكنوا من إحباطنا".

وتابع: "سنبقى نسألكم بإصرار - أين هو مجلس الجامعة ولماذا لم يتم تعيين العمداء. ولماذا لا يلتئم الآن ويسير أمور الجامعة بدلا مما يسمى مجلس العمداء مع احترامنا للجميع. لماذا بقي ملف الملاك لخمس سنوات يراوح مكانه ولا يزال. ولماذا أصبح عدد أساتذة الملاك 15% من مجمل عدد الأساتذة بدلا من 80% حسب نظام الجامعة. لماذا تمر بعض مراسيم الإدخال إلى الملاك في خط عسكري، لا بل في طائرة تخرق جدار الصوت. بينما تقبع مراسيم المستحقين في أدراج التجاذبات والمناكفات وضرب مصالح الأساتذة وحقوقهم. لماذا الظلم المستحدث بحق المتقاعدين المتفرغين. لماذا المماطلة والمرواغة بملف التفرغ والمعاملة غير الأخلاقية للمتعاقدين المستحقين. لماذا تحقير موازنتي الجامعة وصندوق التعاضد. لماذا الإذلال على باب المستشفيات. لماذا النكث باتفاق الرابطة مع السلطة. قلنا لكم في إضرابنا المفتوح والمعلق، بأن لا رؤية اقتصادية علمية عندكم، ورفعنا بطاقتنا الصفراء بوجهكم قبل أن يرفع الشعب بطاقته الحمراء. أتريدون إقناعنا بأن كل هذا هو كرمى لصندوق ​النقد الدولي​ الذي قد يعطيكم بعض القروش بينما ​الأموال المنهوبة​ بالمليارات".

وختم قائلا: "غدا ستتشكل حكومة جديدة، نتمنى لها التوفيق، مع أن الأمل ضعيف جدا. لكن مهما يكن وضعها ووضع السلطة بمجملها، عليها أن تضع الجامعة الوطنية وكل أهلها على جدول أعمالها. عليها أن تقتنع بأن حل كل الازمات يبدأ بالمدرسة والجامعة والقضاء والأمن والحرية والديموقراطية، وليس بالضرائب والصفقات وانتهاك القانون والدستور. نحن أساتذة الجامعة، صوتنا صوت الوطن، صوت الفكر، صوت الإبداع، صوت حقوق الإنسان. ولن نتراجع عن المطالبة بحقوقنا أبدا".