قال رئيس "جمعية مصارف ​لبنان​" ​سليم صفير​، إنّ "البحث في أيّ حلول للأزمة يجب أن ينطلق من أنّ هناك أزمة ثقة ضاربة داخليًّا وخارجيًّا، تشمل الزبون الصغير والمتوسّط والكبير، إضافةً إلى أزمة العلاقة مع السياسيّين، و​​القطاع المصرفي​​ بين نارَي الدولة والشعب اللذين لهما مطالب منه سواء من له 1000 دولار أو من لديه وديعة أكبر، والجميع يلومه بأنّه لم يقم بواجباته".

وشبّه في حديث صحفي، الأزمة و​​المصارف​​، بـ"باخرة في قلب ​العاصفة​، تضربها أمواج عالية من جهة و​الأمطار​ الشديدة من جهة ثانية، ولا بوصلة توجّهها يمينًا أو يسارًا. المصارف خزّان الثقة الّذي يربط الشعب بثروته وتعبه، و​​القطاع الخاص​​ كماكينة اقتصاديّة تؤمّن الوظائف للناس الذين راهنًا لا يَرون بصيص أمل للمستقبل"، مبيّنًا أنّ "الأزمة لم يعش مثلها لبنان منذ ​المجاعة​ الكبرى أوائل القرن الماضي. مسؤوليّة ​الحكومة​ الجديدة تهدئة العاصفة حتّى مَن هم على علاقة بالمصارف، أو المصارف أو القطاع الخاص الّذي عليه خلق فرص عمل".

ولفت صفير إلى أنّ "من دون الدخول في تفاصيل ما أوصلنا إلى هذه الحال، فإنّ أكبر خطأ حصل عام 2020 هو التخلّف عن دفع الدين، لأنّه قرار أخّر لبنان 50 عامًا، في وقت كان بإمكان البلاد الاستغناء عنه ويعالج بتوازن مشكلته الاقتصاديّة". ورأى أنّ "مسؤوليّة ​الحكومة الجديدة​ أن تكون فعّالة من اليوم الأوّل، أشخاصها يعرفون ما ينتظرهم ولديهم الخبرة والقدرة الاحترافيّة ليُنتجوا من اليوم الأوّل، ولا نحتمل الدخول في عمليّة التجربة والخطأ، لأنّ المسؤوليّة هي الّتي تقود لبنان إلى برّ الأمان". وذكر أنّ "لذلك، نحتاج إلى فريق متجانس يعمل طوال النهار لربح الوقت في ظرف صعب، مع جائحة "​كورونا​" الّتي خلقت وضعًا اقتصاديًّا صعبًا في العالم".

وشدّد على أنّ "المطلوب من الحكومة إعادة الثقة الداخليّة والخارجيّة. أهدافها واضحة وليست لديها فترة سماح"، موضحًا أنّ "المسؤوليّة الماليّة تقتضي حكمًا أن يكون وزير المال الجديد على تفاهم كلّي مع "​​مصرف لبنان​​" ورئيس الحكومة، ليستخدموا معرفتهم وما تبقّى من أدوات لوقف التدهور والنزف المالي، ويجدوا مداخيل، ويساعدوا القطاع المصرفي، ويحرّكوا الماكينة الاقتصاديّة والقطاع الخاص ليخلق فرص عمل ومداخيل للدولة. فالمشكلات الاجتماعيّة لا تُحلّ إذا لم تنطلق الماكينة الاقتصاديّة، الّتي لا تتحرّك إذا لم يكن هناك تفاهم بين المالية ومصرف لبنان".

وأكّد أنّ "القطاع المصرفي هو المحرّك الّذي يغذّي الدورة الاقتصاديّة لينطلق القطاع الخاص، وينشئ فرص عمل جديدة ومداخيل للخزينة، ويخلق أملًا للجيل الجديد كي يبقى في البلد. ينقصنا خلق الثقة والأمل بالمستقبل، اللذان يجب أن يكونا دافع الحكومة الجديدة".

وعن المطلوب من المصارف في المقابل، فسّر صفير أنّ "القطاع المصرفي يشغّل 28 ألف عائلة ولديه بين مليون ونصف مليون ومليوني مودع وزبون لبناني، وهو مفتاح القطاع الخاص، وما زال صامدًا وعاملًا. ما ينقصه نفس جديد من المودع و​المستهلك​، والدولة الّتي عليها مستحقّات للقطاع الخاص والمصارف و"مصرف لبنان"، ليس مطلوبًا منها أن تدفعها في يوم واحد، لكن أن تعطي أملًا لكلّ هؤلاء الفرقاء الذين مدّوا يدهم لها في الماضي، كي يخلقوا مناخًا إيجابيًّا يعيد تحريك البلد".

كما رأى أنّه "يجب طرح خطّة اقتصاديّة جديدة الآن مختلفة عن الخطط السابقة، فخطّة الدولة فشلت لأنّها لم تأخذ في الاعتبار القطاع الخاص و"مصرف لبنان". صحيح أنّ خطّة المصارف واقعيّة أكثر، لكن الأجواء لم تسمح لها أن تأخذ في الاعتبار الدولة والقطاع الخاص"، مركّزًا على أنّ "الآن يُفترض بالدولة والقطاع الخاص والمودع و"مصرف لبنان" والمصارف أن يضعوا خطّةً موحّدةً، تعيد الأمل، فالمرحلة الجديدة تقتضي خطّةً جديدةً".

وعن التوقّعات حول ما يمكن لتعميم "مصرف لبنان" الّذي حمل الرقم 154 أن يجذبه من أموال إلى البلد، أشار صفير إلى أنّ "زيادة رأس المال قد تجلب حوالى أربعة مليارات دولار واستعادة 15% من الودائع (التي خرجت من البلد) تعيد حوالى 4 إلى 5 مليارات دولار. وهذه الخطوة إذا نجحت تسهّل مشوارنا مع "​صندوق النقد الدولي​"، الّذي هو في النهاية مصرف دولي، يطرح عليه تمويل البلد، إذا لم يجد جدوى منه متعلّقة طبعًا بالثقة وبمؤسّساته، لا نستبشر خيرًا".