تَحرُّك دولار السّوق السّوداء صعوداً أو هبوطاً، بات الأكثر رصداً لدى عامّة الشّعب اللبناني، نظراً لتأثيراته المباشرة على استهلاكهم.

وغداة تكليف ​سعد الحريري​ تشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة حسّان دياب المستقيلة، واصل ​الدولار​ هبوطه في السوق السوداء، مع عرض كبير لبيع العملة الخضراء.

هذا التراجع، قابلته موجة أسئلة شعبية طالبت بوجوب انخفاض أسعار السلع و​المواد الغذائية​، التي شهدت أسعارها ارتفاعاً بسبب قفزة الدولار مقابل الليرة في السوق السّوداء.

وفي هذا الإطار يؤكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، أن البضائع المشمولة بالسلّة الغذائية أسعارها لن تنخفض، لأن هذه السّلع مدعومة على سعر 3900 ليرة.

وأضاف في مقابلة مع "ال​اقتصاد​"، أن السلّة الغذائية مكوّنة من 300 صنف، وهناك 30 صنفاً منها تصل مباشرة للمواطن (كالأرز، و​الحبوب​ وبعض المعلّبات)، فيما يوجد 270 صنفاً يندرج ضمن المواد الأوّليّة للصناعة أو للزراعة، ومنها اللّحوم التي وصل سعرها اليوم إلى حدود 40 ألف ليرة للكيلو الواحد بعد الدّعم.

السّلع التي ستتبدّل أسعارها

أما السّلع التي ستتبدّل أسعارها بحسب بحصلي، فهي "البضائع المستوردة التي تسعّر بالدّولار، والمقصود هنا دولار السّوق السوداء الذي يلجأ إليه التجّار للحصول على العملة الخضراء اللازمة للإستيراد؛ فإذا كان الدّولار سعره بـ 6 آلاف ليرة سيتم التسعير وفق هذا المستوى.

وبناءً على هذا، فإن الأسعار في الأسواق للسلع المستوردة ستنخفض تلقائيّاً، ولا صحة للكلام بأن الدولار يتراجع والأسعار تبقى ثابتة.

ويؤكد بحصلي، أنه كمستورد، يعتمد تسعيرة الدّولار، والسّلم لديه متحرّك، والأسعار تتفاوت مع ارتفاع أو انخفاض سعر الصرف.

في هذا الإطار يشدد على وجوب ملاحظة ودرس الأسواق وفق مسارين: الأول يتعلّق بالسوبرماكت الكبير، والثاني يختص بالمحال الصغيرة الذي تكوّن 70% من السّوق اللبناني.

ويلفت رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية، أن "الدكّان الصّغير الذي يشتري السّلع غير المدعومة وفق سعر صرف 8 آلاف ليرة لن يكون بمقدوره اليوم خفض أسعار السّلع المشتراة سابقاً

والموضوعة على أرفف المحل.

فيما السوبرماكت، تختلف ​آلية​ عملها وهناك طريقة تعاطي مباشرة مع وزارة الاقتصاد، وتستطيع مباشرة تغيير الأسعار صعوداً ونزولاً بحسب التغيرات في سعر الصرف، بعكس المحال الصغيرة".

ومن العوامل الأساسية لتعديل الأسعار بحسب بحصلي، هو "المنافسة"، حيث أن الأسعار إذا بقيت مرتفعة مع انخفاض الدّولار سيمتنع المواطن عن شرائها وسيعتمد سلعاً أخرى تراجع سعرها، وهذا ما يؤكد أن الأسعار ستتراجع في حال انخفض سعر صرف الدّولار.

ويؤكد في هذا المجال، أن "لبنان لا يزال ضمن اقتصاد حر، رغم الشوائب الكبيرة، ولازالت آلية التسعير حرّة تعتمد العرض والطّلب، بغض النّظر عن بعض الإجراءات الحكومية".

ويضيف، أن تراجع سعر صرف الدّولار نتج عن العامل النفّسي بعد التطورات في مجال تشكيل الحكومة، وتمنّى ثبات السّعر، حتى ينعكس ذلك تراجعاً تلقائياً في أسعار السّلع، ولكن ذلك بحاجة للوقت حتى يترجم في الأسواق".

تعميم ​مصرف لبنان

حول تعميم مصرف لبنان، الذي طالب بتسديد ​التجار​ قيمة البضائع المستوردة نقداً للمصارف، بالإضافة الى تقييد السحوبات النقدية بالليرة، رأى بحصلي أن الإجراءات الجديدة ستكون بمثابة ​كارثة​ اجتماعية، وشرح، أن "المواد الغذائية اليوم غير ​الخبز​ مقسّمة بين سلّة غذائية مدعومة وسلع غير مدعومة".

وقال، إن السلة المدعومة وبعد صدور تعميم مصرف لبنان في شهر تموز الماضي، فُرض على المستوردين إيداع الأموال نقداً في مصرف لبنان لاستيراد 20% من الفاتورة الغذائية؛ و80% من الفاتورة الغذائية الباقية يتم الحصول عليها من السوق السّوداء نقداً، لأن الصراف لا يقبل بالشيك.

وأوضح أن المواد الغذائية، 100% من متطلباتها نقدية، والمستورد لم يكن لديه أية مشكلة في قبول الشيكات، لأنه كان يستحصل على أمواله من ​المصارف​ نقداً بالليرة اللبنانية.

وأشار إلى أن المستجدات ظهرت منذ أسبوعين، حيث فرض مصرف لبنان بهدف سحب ​السيولة​ من الأسواق، الدّفع نقداً لاستيراد ​المحروقات​ والطّحين و​الأدوية​، كما قيّد السحوبات على المصارف، هو ما خلق إشكالية كبيرة جديدة، تمثّلت في زيادة طلب قطاعات جديدة على السيولة، قابلها عدم قدرة المصارف على تلبية المطالبات وتأمين الليرة للمستوردين.

وحذّر بحصلي، من أن هذا المستجد أثّر في انحسار ​الكتلة النقدية​ في السّوق، وهو يحمل تبعات خطيرة، تتمثّل في وقف عملية الاستيراد وتقييد الدّورة الاقتصادية، وهو ما ينذر بكارثة اجتماعية يدفع ثمنها المواطن.