يحتفل العالم باليوم الدولي للمرأة الريفيّة في 15 تشرين الأول، للاعتراف بما للنساء والفتيات من دور يلعبنه في ضمان استدامة الأسر والمجتمعات الريفيّة وتحسين سبل العيش الريفيّة والرفاهية العامة. وتمثّل ​النساء​ نسبة كبيرة من القوة العاملة الزراعية، بما في ذلك العمل غير الرسمي، ويمارسن الجزء الأكبر من الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي في إطار أسرهنّ في المناطق الريفية.

وتجتذب ​المرأة​ الريفيّة في ​لبنان​ اهتمامًا متزايدًا في صلب عمل العديد من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، ولاسيّما في قطاع الأغذية الزراعية. ويأخذ ذلك بعدًا أكبر على أرض الواقع بفضل الجهات المانحة الدولية، مثل حكومة ​كندا​ التي تضع المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة في مقدمة جدول أعمالها.

وفي إطار مشروع تموّله حكومة كندا وتنفّذه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في لبنان (​الفاو​) بالتنسيق مع وزارة الزراعة، تمّ إنشاء منصّة للتنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة التي تستهدف النساء والمجموعات أو التعاونيات النسائيّة في المناطق الريفيّة. وتهدف هذه المنصة إلى تجنّب الازدواجية في العمل والتنسيق وزيادة الأثر على المناطق المستهدفة. بالإضافة إلى منظمة الأغذية والزراعة، تشمل هذه المنصة وكالات الأمم المتحدة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأغذية العالمي و​منظمة الأمم المتحدة​ للتنمية الصناعية (​اليونيدو​) و​البنك الدولي​ ومنظمات غير حكومية منها "ميرسي كوربس".

ويدعم مشروع "الفاو" 270 تعاونية نسائيّة وجمعيّات ومجموعات غير رسميّة نسائيّة من خلال بناء القدرات في مجال المساواة بين الجنسين وعدد من المهارات الشخصيّة مثل التواصل والتفاوض والقيم الأخلاقية في مكان العمل. وتتسجّل النساء في مدارس ​إدارة الأعمال​ التعاونية حيث يحصلن على التدريب على الأعمال التجارية ويطوّرن خطط أعمالهن الخاصة، بمساعدة ميسّرين متدرّبين من هذه المدارس. وسيتم اختيار حوالى 150 خطة عمل للحصول على مزيد من الدعم من خلال المنح النقدية وقسائم العمل والتشبيك مع أسواق العمل. وبموازاة ذلك، سيتمّ تطوير قدرات المديريّة العامة للتعاونيات في وزارة الزراعة اللبنانية.

ونظرًا للمساهمة الكبيرة للمرأة الريفيّة في سلاسل الإنتاج في الزراعة والأعمال التجارية الزراعية، يدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ضمن إطار مشروع المشاركة الاقتصادية للمرأة الممول من حكومة كندا، 2600 امرأة و52 مؤسسة صغيرة وتعاونية ذات قيادات نسائية. يعتمد المشروع نهج شمولي لتمكين النساء من الوصول إلى الموارد الاقتصادية والتحكم بها، وتحسين الإستقلال الذاتي الاقتصادي، وبناء شبكاتالأمان وتعزيز أصواتهن وقدراتهن للمطالبة بحقوق النساء الاقتصادية.والإجتماعية.

وتشمل الاستراتيجيات توفير المهارات التقنية والفنيّة والمعرفيّة، والمنح العينيّة، وبناء القيادة وصنع القرار والتواصل والقدرة التفاوضية في الأسرة وفي مكان العمل، وتعزيز الدعم النفسي الاجتماعي والتعلّم من الأقران، مع إشراك المرأة الريفيّة في جهود المناصرة والتوعية للحضّ على التغيير في الأعراف الاجتماعية التي تديم ​العنف​ والتمييز بين الجنسين.

وتدعم "ميرسي كوربس"، من خلال "برنامج عملي" المموّل من حكومة كندا، المؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة الحجم والشركات الناشئة في تحسين الأعمال المستدامة وتطويرها.ومن خلال شراكة بين اتحاد بلديات إقليم التفاح، يقوم "برنامج عملي" بتزويد التعاونية الزراعية العامة في جباع و 16 شركة ناشئة مملوكة للنساء بالأدوات والمعدات، وتوفير المساعدة الفنية في تصنيع ​الخبز​ وسلامة الأغذية للحدّ من ارتفاع معدّل البطالة بين النساء وارتفاع كلفة إنتاج الخبز. علاوة على ذلك، يقدّم "برنامج عملي" المعدات والأدوات والمساعدة الفنية الأساسية إلى الجمعيّة التعاونيّة الزراعيّة "زعتر زوطر" في النبطية لدعم عشر مشاريع ناشئة زراعيّة مملوكة للنساء.

وفي جنوب وشمال لبنان، تدعم "اليونيدو" أيضًا بالشراكة مع وزارتي الصناعة والزراعة 7 تعاونيات نسائيّة ترأسها النساء، من خلال نقل التكنولوجيا وتطوير المهارات وابتكار المنتجات والوصول إلى الأسواق. بتمويل من مكتب التعاون الايطالي في بيروت، يركز مشروع اليونيدو على تعزيز الإبداع ودعم الأنشطة المدرّة للدخل للنساء اللواتي يعملن في سلسلة انتاج الزعتر في المناطق الريفية. ومن المتوقع دعم ما لا يقلّ عن 130 وظيفة بفضل هذه التدخلات.

وتعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة على دعم التعاونيات النسائية في مختلف أنحاء لبنان منذ حوالى 10 سنوات. وأدّى دعم الهيئة في جنوب وشمال لبنان، إلى إنشاء 5 تعاونيات نسائيّة مسجّلة تعمل تحت علامات تجارية مشتركة لإنتاج المنتجات اللبنانية وإيجاد فرص عمل محليّة. ففي الجنوب، أطلقت الهيئة نموذج الأعمال "نسوة لبنان"، الذي يمثل مشروعًا اجتماعيًّا بقيادة النساء، يجمع بين أطر إدارة الأعمال التنافسيّة ورفع مستوى المهارات والابتكار الاجتماعي في الحلول الذكية بين الجنسين لتعزيز ​ريادة الأعمال​ النسائيّة. وقد أنشأ نموذج الأعمال هذا 5 تعاونيات زراعية وفقًا لمعيار "ISO 22000" في ​جنوب لبنان​. وفي الشمال، دعمت الهيئة إنشاء أوّل تعاونية نسائية وتعزيز القدرات المؤسسيّة في ​عكار​ / خريبة جندي. ويتميّز نموذج الهيئة بتعزيز الإنتاج المحلي وبنائه، وفي الوقت عينه إيجاد فرص عمل للنساء اللبنانيات والسوريات في آن. وتواصل هيئة الأمم المتحدة للمرأة حاليًا دعم التعاونيات من خلال توفير المساعدة الفنية والتدريب على قضايا حوكمة الشركات والتسويق ومعايير المنتجات.

وتتمتع تقنيات الزراعة الرقمية بإمكانيات هائلة لتحسين كفاءة وإنصاف واستدامة قطاع الأغذية الزراعية. إدراكًا للأهمية الاستراتيجية لقطاع الأغذية الزراعية في التمكين الاقتصادي للمرأة، وخلق فرص العمل، وتكوين رأس المال البشري، و​النمو الاقتصادي​ المستدام، فإن برنامج تمكين المرأة في المشرق (MGF) التابع لمجموعة البنك الدولي سيطلق بالتعاون مع الهيئة الوطنية للمرأة اللبنانية (NCLW) والأطراف المعنية الفصل اللبناني من "تحدي DigitalAG4Mashreq". هذا التحدي هو عبارة عن مسابقة تعمل على حشد الحلول المبتكرة التى تعتمد ​تكنولوجيا المعلومات​ والاتصالاتوالتي تهدف إلى تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة في قطاع الأغذية الزراعية في المشرق و تمكينها من الوصول إلى الأسواق.

علاوة على ذلك، ستساهم هذه المبادرة في زيادة الوعي حول التحديات التي تواجها المراة فى قطاع الأغذية الزراعية ، وتدعم المرونة من خلال التعاون الإقليمي، وتدعم الابتكار من خلال تعزيز نشاط ​القطاع الخاص​ بمساهمة الشباب.