رفض العام 2020 أن يغادرنا قبل أن يبثّ ما تبقّى من سمومه على شاكلة المزيد من الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية والسياسية، وهي تلك الأزمات التي غيّرت منذ بداية العام وجه لبنان وصورته، وحوّلته إلى بلدٍ منكوبٍ فقير مسلوب الإرادة، شعبه بات مجموعة من الفقراء المعدومين.

وفي انتظار ما سنشهده خلال الفترة الباقية من هذا العام "الأسود" لبنانياً وحتّى دوليّاً، بفعل تداعيات جائحة فيروس "كورونا" على اقتصادات العالم، خرج حاكم ​مصرف لبنان​ رياض سلامة بمواقف متفائلة، وسط الغيمة السّوداء التي تلفّ الوضعين المالي والاقتصادي منذ بداية العام، إذ رأى الحاكم، أن الأزمة الحادّة التي عرفها لبنان باتت وراءنا، وأن "مصرف لبنان" و"لجنة الرقابة على ​المصارف​" سيقومان بكل الإجراءات المتاحة قانوناً، لإعادة تفعيل مساهمة القطاع في تمويل الاقتصاد. وقال إن الرسملة و​السيولة​ أساسيّة لتمويل الاقتصاد، واستمرارية القطاع ترتبط بقدرته على تجديد نفسه.

وإلى جانب هذا الموقف المُتفائل للحاكم، فإن سلامة رسم مشهداً ثانياً مغايراً، حيث قال، إن "الاقتصاد يعاني من مشاكل كثيرة، مع غياب كامل لأي معالجات، فلا الخطة الاقتصادية توضع موضع التّنفيذ، ولا وضوح في كيفية التعامل مع مترتّبات التوقّف عن الدّفع الذي خلّف صدمة كبيرة في الاقتصاد والقطاع المالي. كما أن المفاوضات مع "صندوق النّقد الدّولي" لازالت عالقة، وإذا استمرّت هذه الحالة لا عودة إلى النّمو، وإلى تنشيط الاقتصاد.

وفي موقف ينسجم إلى حدٍ ما مع موقف سلامة، دعا رئيس ​جمعية المصارف​ سليم صفير، إلى تشكيل حكومة جديدة تضمّ أصحاب الخبرة العمليّة، مشدّداً على أن استعادة الثّقة هي العامل الأهم للخروج من الأزمة.

وأشار صفير إلى تعميم مصرف لبنان الأخير، وقال إنه يهدف إلى استعادة ما بين 4 و5 مليارات دولار للتصدّي للشح الكبير في سيولة المصارف، مؤكّداً أن المصارف تعارض أي اقتطاع من الودائع "هيركات"، فالمساس بأموال المودعين هو أسهل الطّرق لتغطية الخسائر، ولكن ذلك سيخلق الكثير من المشاكل الاجتماعية.

البارز هذا الأسبوع، تمثّل بالتهديد المباشر المتوقّع أن يتعرّض له القطاع الصحّي، على ضوء ثابتتين. الأولى، إعلان المستشفيات زيادة تعريفاتها. أما الثّابتة الثانية، فتتمثل بتوجه مصرف لبنان نحو رفع الدّعم عن الدّواء، وهذان الأمران يهددان بشكل مباشر الأمن الصحي والإستشفائي للمواطن اللبناني.

أخيراً، حذّر رئيس نقابة مستوردي ​المواد الغذائية​ هاني بحصلي، من انكشاف ​الأمن الغذائي​ للبنانيين، نتيجة التقلّبات التي تحصل في سعر صرف الدّولار مقابل اللّيرة، وضمن هوامش كبيرة، وهي تمثّل تحدٍ صعب على ​المستهلك​ والمستورد في آن واحد. ورأى بحصلي، أن استمرار المراوحة وعدم الذهاب إلى الخيارات المجدية والفعّالة لإنقاذ لبنان واللبنانيين، سيؤدّي حتماً إلى أزمة أمن غذائي.