أخذ قانون الإثراء غير المشروع الذي أقره ​مجلس النواب​ في جلسته أمس الأربعاء، حيزاً كبيراً من السجالات بين النواب والكتل، واتهامات بعدم شمول القانون النواب والوزراء والمسؤولين في السلطة.

إلا أن رئيس لجنة المال والموزانة النائب إبراهيم كنعان، أكد أن القانون أُقرّ ليطال المرتكبين، بمن فيهم المسؤولون، وذلك من خلال تعديل أُدخل على المادة 11 منه، مفاده "يعتبر جرم الإثراء غير المشروع من الجرائم العادية ويخضع للقضاء العادي"، وبالتالي لم يعد جرم الإثراء غير المشروع مربوطًا بالإخلال بالواجبات الوظيفية. عمليًّا يعني ذلك أنّه أصبح بالإمكان، من خلال هذا التعديل محاكمة الوزير أو النائب المرتكب لجرم الإثراء غير المشروع أمام القضاء العادي، بعدما كان ذلك متعذرًا ومنوطًا فقط بالمجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء، والذي يتطلب رفع الحصانة الدستورية وتصويت ثلثي أعضاء مجلس النواب.

على رغم أهمية هذا التعديل الذي أتاح محاكمة المسؤول بالجرم المذكور أمام القضاء العادي، إلّا أنّ الحصانات عن كلّ المسؤولين، أي الرؤساء والوزراء والنواب، لم ترفع.

وفي هذا الإطار يقول الأستاذ في القانون الدّولي أنطوان صفير في مقابلة مع "الاقتصاد"، أنه "لم يصلنا إلى اليوم سوى الكلام المتناثر، وكقانوني ننتظر صدور القانون في الجريدة الرّسمية الأسبوع المقبل، لأن الكلام الذي يحكى على لسان النواب اليوم يحمل الكثير من التناقضات، حول المضمون والجُمل المعتمدة، حيث أن الفاصلة في القانون قد تغيّر المعنى أحياناً".

وأضاف صفير: "المبتغى الحقيقي، أن قانون الإثراء غير المشروع يجب أن يشمل كل الناس والمواطنين والمقيمين وأن لا يستثنِ أحداً في السلطة حالياً أو سابقاً، وفي حال إستثنى القانون أي أحد فإنه يكون قد أُفرغ من مضمونه وروحيته ولا يعود له أي لزوم، لأن إخضاع الأصول إلى أصول إستثنائيّة تتعلّق بأشخاص معيّنين يحاكمون في محاكم إستثنائية، يعني المراوحة في ذات المكان وعدم ​المحاسبة​، ولا يكون هذا القانون في المسار الإصلاحي، لا القانوني ولا القضائي السياسي"

وأكد أنه "حتى يحقق قانون الإثراء غير المشروع أهدافه، فإنه يجب أن يشمل كل النّاس بدون حصانات وحمايات وأذونات، حتى نصل إلى مبتغى معيّن، يتم من خلاله الوصول إلى المحاسبة، ويتحمّل كل شخص مسؤولية أعماله، إن كان في السلطة حالياً أو في السّابق".

وشدد صفير على أن "إدخال منطق الإستثناء إن كان على صعيد الفئات أو كمحاكم فإنه تفقد قانون الإثراء غير المشروع دوره، ويصبح القانون لزوم ما لا يلزم وبالتالي تطبيقه لن يوصل لأي نتيجة".

وأضاف أستاذ القانون الدّولي، أنه "إذا لم يترافق إقرار قانون الإثراء غير المشروع مع قرار سياسي يسمح بمحاسبة جميع المرتكبين، فإن التطبيق لن يسلك مساره العملي، لأنه حتى اليوم لا نحتاج القانونين، بل روحية حاسمة تعطي القضاء الصلاحية الكاملة للتحرّك دون حمايات، أو أي اعتبارات طائفية أو مذهبية أو حزبية، فيما يجب أن تكون القاعدة "محاسبة كل مرتكب"، ولم نصل إلى هذا المستوى، لأن أحداً لم يحاسب بعد أو دخل إلى السجن، أو حتى قام برد أموال منهوبة".

ورأى أنه "لم نبدأ اليوم بتطبيق أي قانون، وليس هناك إرادة أصلاً لتطبيق القوانين التي تحاسب المرتكبين وتضمن استعادة ​الأموال المنهوبة​ والمهرّبة إلى الخارج، ويمكن تبرير ذلك من خلال ما شهدته جلسة مجلس النواب أمس الأربعاء، البعيدة كل البعد عن التشريع، حيث أن التشريع يُعدُّ صناعة، تجري وفق أصول معيّنة ولكنها لا تطبق في ​لبنان​، ومنها السجال على قانون العفو الذي تريد كل كتلة نيابية تفصيله بحسب قياسها ووفق مصالحها.

أما فيما يخص  موضوع ​الدولار​ الطلابي، فأسف صفير لتعاطي السلطة مع الشعب اللبناني؛ وسأل: "كيف يمكن دعم الدولار الطلابي في وقت لا توجد قدرة على دعم المواد الأساسية من ​دواء​ ومحروقات و​قمح​؟"

وقال: "بكل صراحة الأموال نُهبت والودائع قد نهبت، والأساس عودة هذه الحقوق إلى أصحابها، وعندما يُطبق هذا الموضوع يمكن بعدها تصديق كل اقتراح أو قانون يتعلّق بدعم قطاع أو جهة معيّنة".

وختم حديثه بالسؤال: "من أين تأتي أموال الدّولار الطلابي؟ فالمصرف المركزي أعلن مراراً عدم قدرته على إبقاء الدعم بسبب عدم توفر ​احتياطات​ كافية".