من غير الواضح اذا كان الوقت ملائما لتقييم الوضع في السوق العقاري ال​لبنان​ي الذي عاش مرحلة ذهبية بين 2007 و2011، لامست خلالها ​اسعار الشقق​ والاراضي الارقام القياسية، وحقق المطورون العقاريون ارباحا كبيرة أغوت الكثيرين من خارج القطاع للاستثمار فيه، رغم قلة خبرتهم بمتطلبات العرض والطلب، ولكن التحركات التي رافقت التطّورات الأخيرة ، لاسيما منها انفجار ​مرفأ بيروت​ في 4 آب، وما رافقته من معلومات عن تسلل سماسرة الى احياء بيروت القديمة يحملون اغراءات عروض، مقابل، تشريد العديد من العائلات من منازلها غير الصالحة للسكن وسعيهم الى ايجاد مساكن بديلة، تعتبر محطات جديرة بالاهتمام والتقصّي عن حقيقة الأمور، رغم ان المسؤولين طمأنوننا الى ان ​قطار​ جهنّم انطلق في لبنان، والآتي اعظم.

لحظ ​تقرير اقتصادي​ عقاري أن المبيعات العقارية في لبنان تراجعت بنسبة 16% حتى شهر ايلول .و ان عدد ​المعاملات العقارية​ انخفض من 69 ألف معاملة إلى 57 ألف معاملة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي إضافة إلى ان قيمة المعاملات العقارية انخفضت أيضا بنسبة 13%. وبيّن التقرير ان حصة المبيعات للأجانب شكلت نحو 1.76% من مجموع العمليات خلال الـ9 اشهر الأولى من العام الحالي مشيرة إلى ان هناك انخفاضا في المبيعات للأجانب بنسبة 1% مقارنة مع عامي 2009 -2010.

-هل مضمون التقرير دقيق؟

-ما هو وضع السوق بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أدخل البلاد في منعطف جديد ؟

-هل صحيح ان المنطقة المنكوبة شهدت حركة ناشطة لبعض السماسرة الذين يقدمون الاغراءات المالية لاهالي المنطقة من اجل بيع عقاراتهم ؟

-ما هي حصة الشيكات المصرفية اليوم في عمليات البيع ؟ ومتى تكون مضمونة ؟

-هل لها الفضل الحقيقي في اعادة تنشيط حركة البيع ؟

مسعد فارس

بالنسبة الى امين سر جمعية مطوري العقار في لبنان "REDAL" مسعد فارس، هذه الإحصائيات لا تعكس على الإطلاق حقيقة تحركات السوق. لا بل انها تستند إلى بيانات تسجيل الملكية بحيث جزء كبيرمنها قد يعود الى صفقات تمت منذ فترة طويلة أو معاملات أخرى مثل الارث والشراكات.

ويقول لـ"الاقتصاد " مع ذلك ، كل شهر يشهد السوق تقلّبات مختلفة. نعم ، لقد شهدنا ارتفاعا في حركة الشراء من قبل الأجانب، لانها كانت قد تباطأت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، ولكن نظرًا لنفس سبب اللبنانيين، معظم الشّراء يريد نقل أمواله من ​المصارف​ إلى العقار.

و تتزايد المبيعات خارج بيروت لأن الخيارات و الفرص في المدينة قد تضاء لت بشكل كبير حيث ترّكزت عمليات البيع في بيروت خلال 12 شهرًا الماضية.

تداعيات الانفجار الذي وقع في 4 آب على السوق العقاري بشكل عام يعتبر فارس من المبكر بناء اي توّقعات. بعد الانفجار،هدأ السوق في المناطق المتضررة حيث كان الناس في حالة من اليأس.و بعد أسبوعين، تحّرك السوق مرة أخرى خصوصا لشراء الأراضي والشقق. يفضّل معظم الشّراء الآن العثور على أرض حتى و لو بميزانيات صغيرة  هذا لا يعني أن بيع الشقق قد توّقف ولكن الاختيارات أصبحت محدودًة بعدما قمنا ببيع معظم الشقق من الصيف الماضي ولغاية تاريخه. دعونا نتذكر أن المودعين كانوا في عجلة من أمرهم لنقل أموالهم من المصارف، وبذلك كان المطوّرون سعداء بسداد ​قروض​هم، وبدورها كانت المصارف سعيدة بتخفيض ​القروض العقارية​ خصوصا تلك التي تنطوي على مشاكل. وكذلك كان الوسطاء العقاريون سعداء بمساعدة البائعين والشّراء.

اما بالنسبة لتسلل السماسرة في احياء بيروت المنكوبة يقول فارس: "عندما سمعت هذه القصة ، ذهبت شخصيًا إلى المناطق المتضررة وسألت المالكين و حتى ​المستأجرين​ ما إذا كان أي شخص قد عرض عليهم شراء عقاراتهم لكن الإجابات جاءت كلها سلبية. لم يتم الاتصال بأحد لبيع منزله في هذه المناطق. هذه معلوماتي الأولية، لكن لا يمكنني تأكيد ما إذا كان هذا قد حدث بالفعل أم لا. استنتاجي أنه لو حصل هذا، ربما يكون قد حدث بشكل محدود جدا، و لا يشكّل مشكلة كبيرة كما رآها البعض. على أي حال ، وضعت البلدية المنطقة قيد الدراسة بحيث لا يمكن إجراء اي عمليات بيع ، وهذه خطوة ممتازة".

الشيكات المصرفية السيّدة في السوق

و يرى فارس ان معظم صفقات البيع يتم عن طريق شيكات مصرفية حتى لو أن بعض البائعين بدأوا مؤخرًا بطلب ​دولارات​ نقدية، فان نسبة هذه المبالغ المطلوبة نقدا لا تتجاوز الـ15%. من الواضح، أن البائعين مرتاحون لقبض دولارات نقدية، وهم مستعدون لتقديم أسعار مثيرة للاهتمام، رغم ان عدد الشرّاء الذين يدفعون هذه ​العملات​ لا يزال ضئيلاً.

ولكن كيف يمكننا التأكد من صلاحية الشيكات المصرفية؟

وفق فارس، عن طريق طلب نسخة عن الشيكات قبل اتمام الصفقة، والتأكد من صحّتها من المصرف المصدّر. و من المفيد دائمًا القيام بهذا الإجراء لنكون في الجانب الآمن. أخيرًا وليس آخرًا، لا يعود الفضل الى الشيكات المصرفية في تنشيط ​القطاع العقاري​ بل يعود الى انعدام الثقة في ​القطاع المصرفي اللبناني​ حيث أن المودعين يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على أموالهم عندما يحتاجون إليها، وهذا ما دفع بهم إلى حماية أموالهم عن طريق الاستثمار في العقار.

تجدر الإشارة إلى أن معظم القروض في لبنان مضمونة بممتلكات، بعضها مرهون وبعضها الآخر لها وعد بالرهن، وحتى عندما يمنح المقترض ضمانة شخصية، تؤخذ ممتلكاته العقارية بعين الاعتبار. لهذا السبب أعتقد أن جزءً ا كبيرًا من ​ديون​ ​القطاع الخاص​ مضمون بالعقارات.

-اما بعد ما هو مجموع ديون القطاع ما بين مطورين عقاريين و​قروض سكنية​؟

-هل من احصاءات عن عدد الشقق الشاغرة في بيروت والمناطق؟

يلفت فارس انه و فقًا لأحدث إصدارلمصر ف لبنان في كانون الأول 2019 ،بلغ إ جمالي القروض 59.6 ملياردولار.

أما قروض البناء، فبلغت القروض الممّولة للمطوّرين من المصارف لبناء مشاريع في نفس الوقت 9.9 ملياردولار.

في ما يتعلق بقروض ​الإسكان​، فقد بلغت 12.2 ملياردولار وفقًا لإصدارمصرف لبنان الصادرفي كانون الأول2019.

وباعتقاد فارس أنه فيما انخفضت قروض البناء بأكثرمن 50% سجلت قروض الإسكان تراجعا طفيفا.

ويوضح فارس انه ليس ثمة إحصاءات رسمية في لبنان، ولكن هناك معلومات حول بدء العمل على عد د من البرامج مع ​الحكومة الفرنسية​ التي ستزودنا قريبًا باحصاءات جدية الى جانب تقديم بعض الخدمات الإضافية لمساعدة المهنيين في هذا القطاع من اجل القيام بدراساتهم . وفي غضون ذلك، تقوم "ريدال" "The Real Estate Developers Associaiton of Lebanon"، بإجراء بعض الإحصائيات غير الرسمية من خلال التواصل مع زملائنا نأتي بتحديثات حول وضع السوق مثل: إجمالي المبيعات من حزيران 2019 حتى تموز 2020 يقترب من 6 مليار دولار أي حوالي 40.000 وحدة سكنية، وبالتالي، يبقى في السوق حوالي 20.000 وحدة معروضة للبيع .

في الخلاصة، لايمكن لأحد من من نقض مقولة ان العقار هو الملاذ الآمن في كل الشدائد مهما تقلبت الظروف.

"لايمكن خسارة العقار او سرقته ولا بحمله بعيدا، يشترى ببساطة ويدفع ثمنه كاملا ويدار بقليل من العناية. هو تقريبا من اكثر ​الاستثمارات​ أمنا في العالم ."( فراكلين روزفلت).