ممارسات البنوك لا تعدُّ ولا تحصى منذ بدء الأزمة إلى اليوم وهي مستمرّة، ​مصرف لبنان​ يصدر التعاميم، فيما الكثير من ​المصارف​ لا يلتزم بها، ما يتسبب بأذى مباشرٍ للعميل، كما أنها تتسبب بتبعات سلبية على ​القطاع المصرفي​ ككل.

ماذا يفعل المودع؟ ولمن يشتكي؟ ومن يحمي حقوقه؟ ومن الجهة المسؤولة عن إرجاع حقوق المودعين والعملاء؟ وما الذي يحكم العلاقة بين البنوك ومصرف لبنان، وهل هي ملزمة تطبيق التعاميم الصادرة عن المركزي؟ ما هي التدابير التي يمكن أن تتخذ بحق المصارف في حال لم تلتزم بالتعاميم؟

ورد لـ "الاقتصاد"، الكثير من شكاوى عملاء ومودعين، أكدوا أنهم من أصحاب ​قروض​ بالدّولار، وفرضت عليهم المصارف حديثاً دفع عمولة معيّنة على الأقساط. عملاء آخرون، كشفوا رفض إدارات بعض المصارف إعطاءهم إفادات رسمية تتعلق بحساباتهم.

"الاقتصاد" فتح هذا الملف مع رئيس "منظمة جوستيسيا" المحامي ​بول مرقص​، ليسأله في ما يخص المودعين، ولمن يلجأون إذا لم يحصلوا على أموالهم بالدولار.

هل يلجأ إلى القضاء؟ هل أوصل القضاء الحق إلى أصحابه في هذا الموضوع؟

سمعنا عن بعض الأحكام التي أنصفت بعض المودعين القلائل الذي حصلوا على أموالهم بالدولار لكن الغالبية العظمى من المودعين لا تزال قضاياهم عالقة في المحاكم، ولا يزال مصير أموالهم مجهولاً.

وفيما خص التعاميم الخاصة بالبنوك فقط، مثلاً زيادة رساميلها، وإعادة قسم من الأموال التي خرجت وتجميدها لخمس سنوات، وما إلى هناك.. في حال عدم الالتزام من يحكم؟؟

وأكد بول مرقص رئيس "منظمة جوستيسيا"، في حديث خاص لـ "الاقتصاد"، أن التعاميم الرقابية تعدُّ ملزمة للمصارف والمؤسسات المالية وسائر المؤسسات التي تقع تحت رقابة مصرف لبنان.

وقال إن التعميم ملزم في العادة، ولكن بعض المواد أو الأحكام داخل التعميم لا تأتي بصيغة قواعد "آمرة إلزامية"، بل بصيغة "جَوازِيَّة"، أي أنه يجوز للمصرف أو المؤسسة المالية، وهذه الحالة نادرة، إذ إن الأحكام عادة تأتي آمرة وإلزامية.

وأشار مرقص، إلى أن "المصارف في الآونة الأخيرة دأبت على عدم الإلتزام بتعاميم مصرف لبنان بذريعة الظروف ​القاهرة​ والاستثنائية التي تمر بها البلاد، ولكن ذلك لا يغير من طبيعة التعاميم الإلزامية". وأضاف، أنه في حال عدم التزام المصارف والمؤسسات المالية بالتعاميم الملزمة، يحق للمصرف المركزي أن يتّخذ تدابيراً بحق المصارف وإحالتها إلى المحكمة المصرفية العليا.

في العلاقة التعاقدية.. العميل هو الطرف الأضعف

أما فيما يخص المواطن، فقال مرقص: "إذا أراد أن "يتظلّم"، عليه أن يتقدّم إلى الوحدة المتخصصة داخل المصرف والمعنية بحقوق وواجبات العميل، وأيضاً أن يتقدّم بشكوى أمام لجنة الرّقابة على المصارف، بحق المصرف الذي لا يلتزم بالتعاميم الرّقابيّة".

وأضاف، أن "جدوى هذا الموضوع ليست دائماً مُحققة، وذلك يعود للأجواء الحالية القائمة على التساهل مع المصارف عندما تتخلى عن الالتزام بحذافير التعاميم الرقابية. والأمر الآخر، أنه في العلاقة التعاقدية مع المصرف، العميل هو الطّرف الأضعف، والعقود التي وقّعها مع المصرف هي "عقود إذعان"، أي أن الطرف الأقوى هو المصرف وهو يمتلك بيده الحل والرّبط.

وأكد رئيس "منظمة جوستيسيا"، أنه "رغم ذلك، ليس هناك ما يمنع العميل من التقدم بدعوى، سواء أمام محاكم الأساس، أو أمام قاضي الأمور المستعجلة لإلزام المصرف على التنفيذ في حال وقوع ضرر بالعميل أو المقترض. ولكن، حتى على مستوى قضاء العجلة، هناك تأخيراً في الإجراءات والتبليغات بسبب ما تعاني منه البلاد خصوصاً لناحية جائحة "كورونا" وتداعيات انفجار المرفأ، وهي تسببت بتأخر الإجراءات القضائية عموماً".