تحت عنوان "هل صحيح أن المبادرة الفرنسية هي الفرصة الأخيرة لإنقاذ الاقتصاد في لبنان" ما هو السيناريو الأسوأ وإلى متى تبقى ودائع اللبنانيين مرهونة لدى البنوك، إستضافت ​كوثر حنبوري​ معدَّة ومقدمة برنامج "الاقتصاد في أسبوع" عبر "إذاعة لبنان، كبيرة الاقتصاديين في مصرف "جفريز إنترناشونال" علياء المبيض التي قالت إن المبادرة الفرنسية تعدُّ بمثابة لفرصة الأخيرة لعدة أسباب، وهي تأتي في ظل وضع لبنان الكارثي فيما حجم الأزمة يتخطى قدرة لبنان وشركائه في الخارج على تجاوزه بسبب حجم الخسائر والفجوة ال​مالي​ة المقدرة بـ 55 مليار دولار في حسابات ​مصرف لبنان​ إضافة إلى إعلان لبنان تخلفه عن دفع ​الديون​، وما نشهده حالياً من تدهور في الأزمة الاجتماعية الناتجة عن هبوط قيمة العملة الوطنية.

وأضافت المبيض، أن ​فرنسا​ قادرة على جمع عدد من المانحين و​المجتمع الدولي​ لمساعدة لبنان، فيما الأطراف اللبنانية غير قادرة وحدها ولا تمتلك الإرادة لانتشال المواطنين والمؤسسات والدولة من الأزمة الحادة، ودعت إلى تقبّل والإقرار بالفشل، والذهاب إلى خيار المساعدة الخارجية ووفهم العواقب المترتبة على رفض هذا المسار.

وأكدت الباحثة الاقتصادية، أن "خريطة طريق المبادرة الفرنسية، ننادي فيها منذ فترة وهي طرحت العناوين العريضة للإصلاحات من إصلاح مالي وإصلاح ​الكهرباء​ الحوكمة الشفافة وغيرها..

وشددت على أن ما يميز المبادرة الفرنسية أنها تضمن خروجاً منظماً من الأزمة الحالية، فيما الخيار الآخر الغير منظم ستكون نتائجه جداً سلبية.

وأشارت إلى أن المبادرة الفرنسية هي استكمال لمؤتمر "سيدر"، وهي بمثابة الفرصة الثانية بعد توقف التمويل عن لبنان منذ عام 2018 حيث أن كل تمويل لبنان للعجوزات اعتمد من حسابات مصرف لبنان، واليوم من غير الممكن الإكمال بهذا المسار.

وحول سؤال حنبوري عن اجتماعات جمعية ​المصارف​ في فرنسا، قالت المبيض: "أضعه في إطار أن جزءا كبيراً من الخسائر الموجودة في مصرف لبنان سينعكس خسارة على ميزانية المصارف، وهذا يعني أن جزءاً من الوادئع لم تعد موجودة فعلياً بسبب الخسائر المترتبة على إدارة تمويل الدولة وجدولة الدين والهندسات المالية، ما يعني أن جزءلً من المودعين لن يستطيعوا استعادة ودائعهم".

وأشارت المبيض، إلى أن هناك عدة طرق لتوزيع الخسائر، منها شطب رأسمال المصارف من خلال إعادة الرسملة وهي تأتي أيضاً على حساب بعض المودعين، عبر تحويل بعض الودائع إلى أسهم.

ولفتت إلى خيار تحويل بعض الودائع من ​العملات​ الأجنبية إلى العملات الوطنية، وقالت إن هذه الخطوة ستزيد خسائر المودعين وتفاقم أزمة ​الليرة اللبنانية​ و​التضخم​.

وشددت على أن الطريقة الوحيدة لإعادة هيكلة شاملة للقطاع المصرفي يجب أن تكون عبر خطة شاملة لحل الأزمة الحالية.

وحول المفاوضات مع "​صندوق النقد الدولي​"، رأت كبيرة الاقتصاديين في مصرف "جفريز إنترناشونال"، أن عدم نجاح مفاوضات وفشل تطبيق برنامج الإصلاحات، يمكن أن يؤدي لاستمرار تدهور سعر الصرف وارتفاع معدّل التضخم وبالتالي سيزيد من حدّة الـ "هيركات" الحالي المطبّق على الودائع.

وذكرت، أن حجم الخسائر يمكن إحصاؤه من خلال أرقام المصارف وإحصاءات مصرف لبنان، حيث تبلغ قيمة الوادئع في البنوك 114 مليار دولار، فيما مصرف لبنان يقول إن لديه فقط 20 مليار دولار كحد أقصى.

وأكدت، أن الخسارة ديناميكية وواقعة وتزيد يومياً، فيما الإسراع في مسار الإصلاح سيخفف الخسائر وتدهور سعر الصرف وتآكل الودائع.

وحول سؤال لحنبوري حول مسار سعر الصرف الليرة أمام ​الدولار​، قالت المبيض إن هناك واقعاً أن الطلب على الدولار كبير جداً في لبنان، حيث تقدر الحاجات التمويلية سنوياً بـ 6 مليارات دولار، وهي أحد أسباب خروج الرساميل من لبنان، بسبب عدم وجود ضوابط صارمة وقيود تختص بالـ "​كابيتال​ كونترول".

ورأت أن الطلب على الدولار سيتسمر وسعر الصرف الليرة أمام سيواصل التدهور فيما لا يوجد أي سقف له، في ظل غياب أي تمويل خارجي ضمن مسار تصحيحي.

وأكدت الباحثة الاقتصادية، أن السيناريو الوحيد اليوم هو الجد في الأجندة الوطنية للإصلاحات التي بدأتها الحكومة الماضية عبر خطة الانقاذ المالي، وقالت إنه يجب إعادة تشكيل النموذج الاقتصادي ليوائم الواقع اللبناني والاقليمي والعالمي المتغير.

وشددت على وجوب استكمال العمل على خطة الانقاذ مع ضرورة تعديلها خاصة بعد انفجار المرفأ، وأشارت إلى قبول حاكم مصرف لبنان في تصريح قبل أيام بخصوص وقوفه إلى جانب الحكومة في أي مفاوضات مع "صندوق النّقد".

وأكدت المبيض أن الحلول المجتزأة في وضعنا الحالي تضر في مسار التصحيح، وأشارت إلى أن تعاميم مصرف لبنان ومنها ما أعلنته عن وجوب زيادة رأس مال المصارف بنسبة 20 % تطرح الكثير من الأسئلة حول الأسس التي اتخذت عليه هذه القرارات. وأضافت أن التعاميم على أهميتها نظرياً، إلا أنها لا تندرج ضمن خطة "ماكرو اقتصادية" ما يُتخوف من أنها قد لا تؤدي إلى النتائج المرجوّة.

وحول التوجه لرفع الدعم عن السلع الأساسية، قالت المبيض، إن الدعم يعدُّ جزءاً أساسياً من ​الإنفاق الحكومي​، وهو ويؤدي إلى نفاد الإحتياطي المالي لمصرف لبنان.

وأشارت إلى أن دعم ​المحروقات​ و​القمح​ والدواء لا يمكن الاستمرار به كما يجري حالياً، لأن كلفته كبيرة تقارب الـ 2 مليار دولار نسبة إلى قيمة الليرة المنخفضة حالياً، فيما أي لجوء لطبع الأموال سيزيد من معدل التضخم.

وأكدت البلد اليوم بحاجة للتوجه نجو الدعم الموجّه والذي يخصص للفئات الأكثر حاجة، ولفتت إلى أن 80 % من المواطنين رواتبهم بالليرة، وهذا يحتّم ضرورة وضع خطة واضحة لترشيد الدعم بشكل تدريجي بدءاً بالمحروقات أولاً قبل غيره، فيما يجب إجراء دراسة حول كلفة رفع الدعم عن الدواء والتشاور مع الهيئات الضامنة لتبيان الآثار المترتبة على هذا القرار.

وبخصوص طرح اسمها لاستلام منصب وزيرة للمالية في الحكومة الجديدة، قالت المبيض تشكر من يضع ثقته بها، وأضافت أنها وضعت خطة وتصور للخروج من الأزمة الحالية، وتقوم على ضرورة الذهاب بمسار تصحيح شامل مالي ونقدي وضرورة وضع خطة تعافي بعد ​كارثة​ 4 آب.