باتت إنذارات حاكم ​مصر​ف ​لبنان​ التي يوجهها إلى الحكومة بخصوص قرب نفاد موارده ال​مالي​ة بالعملات الأجنبية التي يمكن أن يستعملها لدعم السلع الأساسية والغذائية شبه أسبوعية، ما يطرح أسئلة الشك والترقب، حول ما إذا كنا قد بلغنا فعلاً مرحلة إلغاء الدعم رغم الحاجة الاجتماعية الملحّة وسط ارتفاع سعر ​الدولار​ وتآكل مداخيل الأفراد.

وفي هذا السياق، يؤكد مدير عام ​المجلس الاقتصادي​ والاجتماعي محمد سيف الدّين في مقابلة مع "الاقتصاد"، أن خيار رفع الدّعم لا يجب أن يكون مطروحاً مطلقاً حالياً، لأن تأثيراته وتداعياته مدمّرة، فيما العمل يجب أن يكون منصبّاً على البحث في ​آلية​ دعم جديدة تحافظ على احتياطي المصرف المركزي.

وتحدث سيف الدّين عن الآراء المطروحة في آلية الدّعم الجديدة، حيث يطالب البعض بأن يشمل الدّعم كل السّلع الأساسية لجميع المواطنين، وهذا أثبت أنه مرهق للخزينة العامّة، وفي نفس الوقت فإن هذه الآلية تساوي جميع المستفيدين وهو غير عادل لأن الغني يحصل على نفس حجم دعم الفقير.

فيما يتحدّث طرف آخر عن ضرورة استهداف فئة معيّنة بالدّعم، وهي والطبقات الفقيرة التي تحتاج فعلياً للدّعم بجميع أنواعه.

وقال: "ما بين الرأيين، يجب الذهاب إلى تحديد آلية واضحة تحسّن وصول الدّعم إلى الفئات الفقيرة، وهناك مجموعة من الخيارات تخفف العبء على الخزينة العامة وتحسّن القدرة على توجيه الدّعم للطبقات الأكثر حاجة، كما أنها تطيل المدة الزمنية التي يمكن فيها تقديم الدّعم".

وأضاف سيف الدّين: "يجب النظر إلى بعض نماذج الدّول الشّبيهة بلبنان، حيث يتم تقديم الدّعم عن طريق بطاقة، يمكن أن تكون مباشرة تحتوي على رصيد مالي يمكن للشخص شراء حاجياته من خلالها، كما يمكن أن تكون البطاقة منوّعة ويمكن للفرد شراء حاجات شهرية من الطحين و​القمح​ و​الأدوية​".

وأشار إلى أن هذه البطاقة حققت نجاحاً في مصر، حيث تم اعتمادها بعد أزمة الخبز التاريخية، ويجب اتباع مثل هذا النموذج للوصول لأنجح آلية تؤمّن صيغة رابحة بين ​المستهلك​ والدّاعم الممثل بالدّولة، بين المورّد أي التاجر الذي يستورد السلع.

وطالب مدير عام المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بضرورة عدم بقاء العصا في أي آلية تتبع بيد التّاجر الذي يتخطى سقف الرّبح القانوني، وقال إنه من الواجب عدم هدر المزيد من العملة الصعبة عبر آليات دعم غير موجّهة للأكثر حاجة، ويجب ترشيد الدّعم، عبر استثناء أصحاب ​رؤوس الأموال​.

وشدد على وجوب اعتماد مسار متدرج، حيث يبدأ الدّعم بالأكثر أهمية وصولاً للأقل أهمية.

وقال سيف الدين: "رأينا خللاً في تطبيق الدّعم أثناء فترة إغلاقات "كورونا"، وهذا يستدعي تصحيح الآلية وطريقة إيصال الدّعم، ولا ينفي الحاجة لمبلغ الـ 400 ألف ليرة الذي كان ضرورياً للكثير من العائلات التي تضررت بفعل إغلاق الشركات والمؤسسات ضمن إجراءات مواجهة الفيروس".

وأكد أنه من الضروري والأجدى، كان البحث عن طريقة لإنجاح آلية توزيع الدّعم المالي المباشر، وليس إيقاف التّوزيع.

وشدد على أن "المنطق يقول اليوم، أنه مع تواصل آلية الدّعم الحالية، يجب أن نعزز ونسرّع عمل الوزارات في مراقبة الأسعار وضبط عمليات بيع المواد المدعومة".

وقال سيف الدّين: "ممنوع اليوم إزالة مظلّة الدّعم عن النّاس، وفي الوقت الذي يجري فيه وضع آلية دعم جديدة، من المفترض أن استكمال تقديمات الدّعم، لأن فترة الفراغ بين الدّعم والدّعم كفيلة بإحداث كارثة على الصعيد المعيشي والمجتمعي وهي ستؤدي إلى موت المواطن".

وأضاف: "متابعة الأسعار وبطاقة الدّعم ووضع آلية جديدة من المفترض أن يكون ضمن رؤية واضحة وليس على صيغة الارتجال، وأن تختلف آلية مقاربة هذا الملف عن المسار الذي اعتمد في الفترة الماضية عبر آلية دعم السلّة الغذائية التي فشلت".

وختم سيف الدين بالتأكيد على ضرورة التركيز اليوم على الأساسيات والابتعاد عن السلع الثانوية التي ضمّتها السلّة الغذائية الأخيرة، بحيث يجب أن تكون القرارات ثابتة لا تتبدل كل أسبوع، بعكس ما شهدنا خلال هذه الأزمة".