مُنح لبنان من قبل ​المجتمع الدولي​ ممثلاً بالدولة الفرنسية، فرصة سماحٍ جديدة، للإستفادة من الدّعم الدّولي الاقتصادي والمالي لمواجهة أزماته، وحُدّدت فترة السماح هذه بأربعة أشهر تنتهي في كانون الأول المقبل.

المطلوب من لبنان خلال هذه المهلة، تشكيل حكومة من اختصاصيين، وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي صاغه رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون خلال زيارته الثانية إلى لبنان.

وتعوّل ​فرنسا​، وتُراهن على رئيس الحكومة المكلّف مصطفى أديب، في تحقيق وتنفيذ الأهداف المحدّدة منها، لاسيّما وأن أديب هو اختيار فرنسي بامتياز.

وبانتظار تشكيل الحكومة الجديدة، وتقييم إنتاجيّتها، لاسيما في مجال الاصلاحات خلال فترة الأربعة أشهر، تستمر أزمة لبنان الاقتصاديّة والماليّة، وتتواصل بالتالي الأزمة المعيشية، والأزمة النقدية التي تتمثل بانخفاض حاد في سعر صرف ​الليرة اللبنانية​.

ومن الواضح أن المأساة التي ضربت واجهة بيروت البحرية نتيجة انفجار المرفأ قبل شهر، والتي تسببت بسقوط شهداء وجرحى وبدمار كبير لبعض المناطق، فتحت الباب أمام عودة المجتمع الدّولي إلى لبنان من خلال تدفّق ​المساعدات​ الإنسانيّة والطبية والغذائية على المتضررين من الإنفجار، كما أعادت اهتمام بعض أصدقاء لبنان في العالم إلى هذا البلد المتعثّر على أكثر من صعيد.

ويُرتقب أن يزداد الإهتمام الدّولي في لبنان في المرحلة المقبلة، خصوصاً إذا ما نجحت حكومة أديب في تنفيذ ورقة العمل الفرنسية، وهذا الأمر أكّدته الولايات المتّحدة الأميركية وبعض الدّول الأوروبية من خلال إعادة إحياء مؤتمر "سيدر" ومساعدة لبنان على العودة الآمنة والمثمرة إلى مفاوضاته مع "صندوق النّقد الدّولي". كما أعلنت أكثر من مؤسسة مالية دولية، استعدادها لمساعدة لبنان لاسيما في مجال إعادة إعمار ​مرفأ بيروت​، و​الطاقة​، وبعض مشاريع البنى التّحتيّة.

أخيراً، توقّف المراقبون عند التّوقيع الذي منحه قبل أيام وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، لعقد التدقيق المحاسبي الجنائي مع شركة "ألفاريز أند مارسال"، حيث تبيّن أن وزني لم يلتزم بملاحظات هيئة التشريع والملاحظات على العقد الموقّع مع الشّركة المذكورة، وذلك بناء على ما كان يُلزمه به قرار ​مجلس الوزراء​. واللافت في العقد الذي وقّعه وزني، أنّه حرر الجهة التي يستهدفها التحقيق، أي ​مصرف لبنان​، بموجب تزويد المعلومات الإضافية إلى شركة التّدقيق في حال اعتبرت الأخيرة أن ثمّة معلومات ناقصة أو غير كافية لديها، كما حرمتها من الوصول إلى المعلوماتية لديه.

إلى ذلك أصبحت وزارة المالية بموجب العقد، هي التي تتوجّه إليها طلبات الشّركة، فتنظر فيها وتلبّيها وفق الميسّر والممكن والمعقول، ولم يعُد مصرف لبنان معنياً بالمُباشر، في حين أن التدقيق المحاسبي الجنائي يُفترَض أن يحصل في دفاتره وممارساته.