تصريحان متتاليان لحاكم "​مصرف لبنان​" ​رياض سلامة​ بخصوص عدم إمكانية مواصلة دعم السلع الأساسية، كانا كفيلين بدفع ​التجار​ لرفع الأسعار في الأسواق وبشكل هستيري.

كلام سلامة، والذي جاء في إطار التحذير من نضوب إحتياطات ​العملات​ الأجنبية، لقي وقعاً كبيراً في الأسواق، فيما السؤال الأخطر، يكمن في ما ستشهده أسعار السّلع في حال رفع الدعم فعلياً؟

خلقت تصريحات الحاكم، واقعاً غامضاً يختص مباشرة بالأمن الغذائي والمعيشي للبنانيين، حيث أن الدّعم الذي يتم التداول في إمكانية رفعه، يطال 70% من حاجات المواطن الإستهلاكية، والمعرضة أسعارها للإرتفاع بشكل جنوني في حال رُفع الدّعم.

وفي هذا السياق، أكد مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر، في مقابلة مع "الاقتصاد"، أن "ما تحدّث عنه سلامة حول رفع الدعم عن السلع الأساسية (المحروقات، ​القمح​، الدواء)، صحيح من حيث الأرقام، لأن إحتياطات المركزي من ​النقد الأجنبي​ حالياً تبلغ 19.5 مليار دولار، منها 17.5 مليار دولار إحتياطياً إلزامياً، حيث يتبقى اليوم 2 مليار دولار فقط للدّعم".

وقال أبو حيدر: "نحن ننفق نحو 700 مليون دولار شهرياً، لذلك أعلن سلامة أن الدعم يكفي فقط للأشهر الثلاثة المقبلة".

وكشف أن "هناك محادثات وإجتماعات يومية تناقش هذا الموضوع، وقد شاركت في بعضها، وبرأيي الشخصي أرى أن هناك ترشيداً للدعم، وليس إيقافه".

وأضاف مدير عام وزارة الاقتصاد، أن "هناك بعض السلع لا تحتمل رفع الدعم عنها، كموضوع الدواء، الذي لن يستطيع المواطن تحمل تبعاته، وكذلك سيؤثر على "الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي" و"تعاونية موظفي الدولة" وعلى شركات ​التأمين​، التي لن تستطيع أن تغطي حينها أكثر من 20% من اللبنانيين، وبذلك سنصبح أمام ​كارثة​ كبرى".

ولفت إلى أن "الإصلاحات المتعلقة بملف ​الكهرباء​ أصبحت مطلوبة ومهمة، لتوفير الضخ، وتمنى أن تكون من أهم أولويات الحكومة المقبلة".

وفي موضوع رفع الدعم عن السلة الغذائية، قال أبو حيدر: "حتى اليوم هذه السلة لم تحصل على دعم أكثر من 8 إلى 9% من القيمة المرصودة لها، وهي 210 مليون دولار شهرياً، لذلك لا نلاحظ فعاليتها في السوق".

وأضاف: "هناك بعض السلع المدعومة أسعارها مقبولة، أما باقي السلع يعود سبب إرتفاع سعرها إلى سببين: جشع بعض التجار، ونحن نقوم بملاحقتهم، والسبب الثاني، أن بعض التجار قد إشتروا السلع على سعر مرتفع أي ربما على الـ8000 ليرة، ولذلك يريدون تسعير هامش الربح على السعر المرتفع، لذلك نلاحظ فرق الأسعار في سلعة بين سوبرماركت وأخرى، لإختلاف سعر الشراء".

وأشار إلى أن "هناك بعض التجار يسيرون في موجة رفع الأسعار، ولكن لا يمكن التعميم".

وأوضح أبو حيدر، أنه "حصل تأخير في وصول بعض السلع بسبب التفجير الذي حصل في ​مرفأ بيروت​". وقال: "السلع بدأت تخرج من المرفأ، لكن هناك تأخير، له علاقة بالشق الأمني وبعض الفحوصات المخبرية، لكن لا يجب أن نشهد نقصاً في البضائع بالسوق، التي تخرج من المرفأ فور صدور نتائج الفحوصات، المتعلقة بالمعادن الثقيلة والنيترات، التي تشكل خطراً على صحة المواطن".

وفي حال عدم ترشيد الدعم، أكد أبو حيدر، أننا سنكون أمام أزمة كبيرة جداً، لأن أكثر من 80% من غذائنا مستورد، وكذلك أكثر من 40% حاجتنا اليومية مستوردة، متوقعاً أن لا يتم رفع الدعم عن السلع الأساسية بشكل عشوائي.