تقول الرواية أن رجلا أخذ عهدا على نفسه أن لا يحلف يمينا صدقا أم كذبا، فطُلب مرة الى الشهادة في المحكمة، فخطرت له فكرة، حيث توجه الى المحكمة وقد أخفى في قميصه طائرا صغيرا، وكان قد فتح بعض أزرار قميصه. وما أن تكلم معه القاضي، حتى كان الطائر قد أفلت وطار مصفقا بجناحيه عبر القاعة، فقال الرجل: "أمهلني يا سيدي القاضي حتى أمسك الطائر"، ولكن القاضي كان قد غضب أشد الغضب، فطرد الرجل قائلا: "لن تقبل شهادة لصاحب طير". ومن يومها قيل: "كشيش الحمام لا تقبل شهادته في المحكمة".

كما وجد بعض علماء الفقه أن سبب عدم قبول شهادته، يعود إلى أنه مستعد للحلفان على كثير من الأمور الصحيحة وغير الصحيحة، لأنه يقف دائمًا على الأسطح ويكشف الناس دون أن يراعي حرمات بيوتهم، وقد ورد في وصفه أنه سفيه ورديء الخلق.

أما من كانت غايته من تربية الحمام الاستفادة من بيضها وفراخها وأمور أخرى، فإن الأمر لا ضير فيه وجائز، وشهادته لا ترد في حال لم يدخل في الجوانب السلبية والسيئة.

لقد تم تخصيص تربية الحمام بالحكم في ما يتعلق بالطريقة والأسباب التي تقف وراء تربيته، ففي حال لم يكن مربي الحمام يود تربيته من أجل المتاجرة به والاستفادة منه، فإن هدفه اللعب وتطييره طوال اليوم كي يختلط بباقي الحمام الموجود والذي قد يمتلكه شخص آخر، وهذا الجانب له الكثير من المساوئ، وأهمها إشغال الوقت بأمر غير مفيد أبدًا، ولا يعود على الشخص ولا على أهل بيته بالخير أبدًا، إذ ينشغل عن كسب لقمة العيش وعن العبادات بتطيير الحمام.

كما أنه يتسبب بالعراك والخلاف المتكرر مع المجاورين له من الذين يربون الحمام، بسبب اختلاط الحمام ببعضه، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء بالضرب واللفظ المشين. وبالتالي، قد يحلف مربي الحمام مثلًا، أنه لم يرَ الحمامة مع أنها دخلت إلى مدجنته، أو أن هذه الحمامة له مع أنه غير متأكد من ذلك، وربما كان متأكدًا أنها ليست له ولكنه يحلف بعكس هذا.

ولا بد من الاشارة في النهاية، الى أن القانون السوري يقبل شهادة ​كشاش الحمام​ أمام القضاء، ولا سند قانوني لهذا الأمر في قانون البينات. فلا توجد مهن مستقبحة ومهن مستحبة لأداء الشهادة. ويكفي في الشاهد أن يكون أهلاً لأداء الشهادة.

لكن قانون البينات ترك للمحكمة حرية تقدير وتقييم شهادة الشهود من حيث الموضوع، فلها أن تأخذ بشهادة شخص واحد إذا اقتنعت بصحتها، كما أن لها أن تسقط شهادة شاهد او أكثر إذا لم تقتنع بصحتها. وبالتالي، للمحكمة مطلق الحرية في قبول شهادة كشاش الحمام أو عدم قبولها وفقاً لمعطيات موضوعية تتعلق بوقائع الدعوى وملابساتها، وليس من بين هذه المعطيات مهنة الشاهد في حد ذاتها.