Il faut «un programme ambitieux pour reconstruire l'économie du Liban».

إنها توصية ​الرئيس الفرنسي​ إيمانويل ماكرون خلال زيارته إلى ​لبنان​ في 6 آب. بالتأكيد، إن موجبات الزيارة اللافتة للرئيس ماكرون لم تكن دوافعها اقتصادية بعد الزلزال الكبير الذي وقع في ​مرفأ بيروت​ في 4 آب، لا بل إنسانية وأخوية نابعة من العواطف الصادقة والدائمة التي تكنّها الأم الحنون فرنسا إلى لبنان منذ حقبات تاريخية طويلة، برهنت فيها جهوزيتها لدعمه وانهاضه.

في عام 1920، أعلن الجنرال غورو قيام دولة لبنان الكبير. وسلّم الفرنسيون اللبنانيين دولة بكل ما للكلمة من معنى. أما اليوم بعد 100 عام عن أي دولة سيتحدّث اللبنانييون إلى الفرنسيين؟ دولة الإجرام، والإهمال، و​الفساد​، والهدر، والتهريب ، و​المحاصصة​...؟ أم دولة سماسرة ​النفايات​ و​الكهرباء​، و​المياه​، والاتصالات المشوّشة، والسياسات الصحية والتأمينية والتقاعدية الفاشلة؟

دولة مفلسة رغم امتلاكها ثروة نفطية ومائية، والأهم بشرية تم تصديرها إلى الخارج لتحقق براءات اختراع وإنجازات وتنهض بمؤسسات عالمية. دولة طُعنت في قلبها النابض بعدما دُمّرت عاصمتها فغدت تشحد عطف الدول الصديقة لتمدّها بمساعدات انسانية.

وأبعد من الاقتصاد دعا الرئيس ماكرون إلى ميثاق سياسي جديد(un nouveau pacte politique).فأي ميثاق سياسي يمهّد لبرنامج طموح من أجل إعادة بناء ​اقتصاد لبنان​؟ ومع العجز على مواجهة السلطة الحاكمة، كيف يمكن طلب الوصاية الدولية تحت الفصل السابع؟

يقول رئيس تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم الدكتور فؤاد ​زمكحل​ لـ "الاقتصاد": كمجتمع أعمال اقتصادي كنّا نطالب دائماً ببرنامج اقتصادي انمائي قبل زيارة الرئيس الفرنسي إلى لبنان. ولكن الأمور بدأت بالانحدار مع تفاقم الأمور المعيشية، وكانت ثورة 17 ​تشرين الاول​، تلاها إعلان الدولة عن تعثّرها المالي وعدم تمكّنها من الإيفاء بالتزاماتها وتسديد استحقاقات "اليوروبوندز"، علماً أنه لأول مرة في تاريخ لبنان تعلن حكومة عن موقف شبيه، ثم نشأت أزمة مواجهة فيروس "كورونا"، ليشكّل أخيرا الانفجار في مرفأ بيروت في 4 آب الضربة القاضية.

لم تكن المشكلة أبداً في من يضع الخطة. ولكن في من سينفّذ. نحن لا تنقصنا الخطط والبرامج. لدينا الكثير منها، وآخرها "خطة ماكينزي" التي لم يقرأها للأسف نحو 90 % من المسؤولين اللبنانيين. نحن بحاجة إلى سلطة دولية تلاحق موضوع تنفيذ الخطط.

ويعتبر زمكحل، أن "حكومة الرئيس ​حسان دياب​ فشلت في تقديم خطة اقتصادية انمائية، واكتفت بوضع ورقة محاسبة سخر منها الشعب و"​صندوق النقد الدولي​". وهذا لم يكن مفاجئا.  إلا أنه في المقابل، لا يمكن انتظار أي شيء إيجابي ممن دمروا البلاد طيلة السنوات الـ 15 الأخيرة. وإذ أنه لا يمكننا أيضا الاعتماد كثيراً على برامج "صندوق النقد" لأنها ليست كلها ايجابية ومناسبة كما هو الحال في الاردن، مع وضعنا لأفضل خطة اقتصادية يبقى السؤال المطروح من هي الجهة المنفِّذة؟ هل هو ​مجلس النواب​ الحالي؟ هل هي الحكومة المستقيلة التي لم تتمكن من اتخاذ أي قرار جدي؟"

ويقول زمكحل: "لا يوجد ثقة بالسلطة التي تتلهى بتوزيع الحصص وهدر الأموال... من هنا، نحن بحاجة الى حل ديموقراطي، لأننا في حال ضعف. لا نريد التغيير بالحجر وحمل ​السلاح​ الذي يدمّر. لأننا كلبنانيين لم يعد بمقدورنا القيام بمتطلبات قيام الدولة. فمجتمع الأعمال الذي لا يريد خوض ​الحروب​ الأهلية وتخريب البلاد ينشد التغيير الديموقراطي في ​صلب​ المؤسسات. وهذا بحاجة إلى وصاية دولية من قبل ​الأمم المتحدة​، تحت حكم الفصل السابع وغيره لمدة معيّنة وبأهداف واضحة ومحددة أيضا. رغم الدمار، لدينا فرصة تكاد لا تُعوّض من أجل بناء الدولة الحقيقية والمتينة بما يسمح بقانون ​انتخابات​ نيابية جديد، وصولا إلى تمويل بنية تحتية سليمة".

وشرح الآليات الثلاث للوصاية الدولية:

"أولا: وهي تقنية حيث تأتي الوصاية بناء لطلب رسمي من الدولة. وهذا مستحيل لأن من هم في السلطة لن يعملوا على مجيء من سيحاسبهم على ارتكباتهم ويدقق في حساباتهم المالية والمصرفية.

ثانيا: تأتي الوصاية الدولية تحت الفصل السابع الذي ينظم صلاحيات مجلس الأمن، كما حصل في ​كوسوفو​، وذلك بناء لطلب من مجلس الأمن. وهنا يكمن التخوّف في أن لا يصبّ التصويت المطلوب لصالح هذا الطلب داخل المجلس، في ظل الانقسام الحاصل بين أعضائه.

ومن المعلوم، أن الطلب يمرّ عبر عريضة أم كتاب موقّع من أكثر من 500 ألف شخص.

ثالثا: استغلال الضغط الدولي على لبنان، وهو ليس بقليل لطلب وصاية دولية تراقب الانتخابات النيابية.

وتحدث الرئيس ماكرون عن هذا الإطار عندما ربط مسألة إرسال ​المساعدات​ إلى الجمعيات وليس إلى السلطة التي لا ثقة بأدائها".

ويقول زمكحل: "لا ننسى أن كل القطاعات الإنتاجية قد ضُربت في لبنان، بما فيها القطاع المصرفي مع تحفظنا على أدائه في بعض المراحل، فلا يمكن التنكّر بأنه الرافعة للاقتصاد والمموّل الأساسي، هذا إلى جانب فرملة التمويل الحزبي والسياسي وتوقّف المشاريع".

ويختم: "لقد خسرنا كل شيء ولم يبقى لدينا أي شيء. واليوم نطالب وبإلحاح بالتحقيق الدولي من أجل أن نعرف الحقيقة، من أجل محاكمة الدولة الذي فجّرت أبناءها وشعبها بقنبلة نووية في مرفأ بيروت الذي هو أرض مملوكة للدولة اللبنانية، وتحت سلطتها ورقابتها، وأمام موظفيها، وأجهزتها الأمنية والعسكرية.

الفصل السابع

"لقد أحدث الانفجار في مرفأ بيروت الذي يعتبر الثالث عالمياً لجهة ضخامته وفداحته بعد هيروشيما وناكازاكي، صدمة كبيرة لن تمحوها الأيام، لا بل سيسطّر التاريخ الدولي وليس المحلي فقط أسماء مرتكبي هذه الجريمة، وبالتأكيد إن مرفأ بيروت الذي كان بوابة لبنان إلى الخارج، وصلب حركته التجارية ودينامو حركته الاقتصادية سيفتح آفاقا جديدة لنظام مغاير للسابق لن تكون العين الدولية بعيدة عنه، وهو بالتالي سيشكل ميثاقا جديدا.

وللتذكير، توزّع مواد ميثاق الأمم المتحدة على 19 فصلاً من ضمنها الفصلان السادس والسابع. كلا الفصلين المذكورين ينظّمان صلاحيات مجلس الأمن في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين. الفارق بينهما يظهر من عنوانيهما. بينما يأتي الفصل السادس (المواد 33 - 38) تحت عنوان "في حل المنازعات حلاً سلمياً" فإن الفصل السابع (المواد 39 - 51) يأتي تحت عنوان "في ما يُتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان.

ويمكن تقسيم  إجراءات مجلس الأمن بموجب هذا الفصل إلى قسمين.

الأول، يتحدث عن دعوة المتنازعين إلى تنفيذ توصياته تحت طائلة اتخاذ تدابير لا تتطلب استخدام القوات المسلحة، ومن بينها وقف العلاقات الاقتصادية وجميع وسائل المواصلات والاتصالات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية (المادة 41).

أما الثاني، فيتطرق إلى حالة عدم وفاء التدابير المذكورة بالغرض منها، وحينها يجوز له أن يستخدم القوات الجوية والبحرية والبرية لفرض حفظ السلم والأمن الدوليين، أي لتطبيق محتوى قراره (المادة 42).

في هذه الحالة، يطلب من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تضع تحت تصرّفه ما يلزم من القوات المسلّحة والمساعدات والتسهيلات (المادة 43) أو يطلب من المنظمات والوكالات الإقليمية استخدام وسائل القمع لتنفيذ القرار وذلك تحت إشرافه (المادة 53 وتقع في الفصل الثامن).