دخل ​لبنان​ بعد الإنفجار- الزلزال، الذي ضرب ​مرفأ بيروت​ وقسم كبير من العاصمة، مرحلة جديدة قد يبنى عليها للمستقبل، بحيث تشهد البلاد منعطفاً جديداً تاريخياً، ويضع البلاد أمام طريقين لا ثالث لهما. الطريق الأول تحويل هذه المصيبة الكبرى إلى فرصة، إنطلاقاً من الكلام الذي صارح به ​الرئيس الفرنسي​ المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته يوم الأربعاء الماضي، وذلك من خلال الدخول فوراً إلى ملف الإصلاحات والعمل كفريق واحد لمواجهة تداعيات الأزمة، أقله بأرواح الشهداء ولآلام الجرحى الذين سقطوا نتيجة الإنفجار- الزلزال. أما الطريق الثاني فهو أن يبقى الساسة اللبنانيون على إنقساماتهم وعلى أنانيتهم، ويضيعوا فرصة التعالي فوق الجروح، ورمي الخلافات جانباً رحمةً بلبنان ووفاءً لأرواح شهداء الرابع من آب، وبمعنى أوضح أن لا يتعلم أهل السياسة مما حصل، فيبقون على أنانيتهم وجهلهم وعدم إحساسهم بالمسؤولية، وبآلام هذا الشعب الذي أفقر، وذل، وهاجر ونام أخيراً على الطرقات.

هذا الأسبوع، على رغم مرارته وقساوته، فتح نافذة لتخفيف الحصار المفروض على هذه الطبقة السياسية التي عافت بالبلاد فساداً، ونافذة الأمل هذه وإن كانت تأتي مع الأسف الشديد على حساب من سقط في الرابع من آب، وفّرها الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون خلال زيارته السريعة إلى لبنان، حيث كرر الموقف الفرنسي السابق وهو أن لبنان ليس لوحده، وأن ​فرنسا​ و​أوروبا​ والمجتمع الدولي على إستعداد لدعم لبنان مالياً وإقتصادياً، شرط أن يساعد لبنان نفسه أولاً من خلال تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها مراراً، وفي مقدمها إصلاح قطاعي ​الكهرباء​ و​المياه​.

وشدد ماكرون في لقاء موسع له مع كل الكتل السياسية اللبنانية، أن الأموال جاهزة لتأتي إلى لبنان، شريطة تنفيذ الإصلاحات، وأنه أي ماكرون سيعود إلى بيروت في شهر أيلول المقبل، للوقوف على ما تم إنجازه في الجانب الإصلاحي، ليتقرر على الشيئ مقتضاه.

كما شهد هذا الأسبوع عودة عربية إلى لبنان، من خلال ​المساعدات​ الإنسانية العاجلة، التي وفّرتها دول عربية عدة، في مقدمها: ​مصر​، ​العراق​، ​السعودية​، ​الكويت​، قطر و​الإمارات​، وقد تمهد هذه العودة، وإن من باب المساعدات الإنسانية للمتضررين من إنفجار مرفأ بيروت، فقد ممكن أن تتوسع هذه المساعدات لاحقاً لتشمل الجانب المالي المباشر الذي يحتاج له لبنان للنهوض من أزمته الإقتصادية والمالية. كما لا بد هنا من التنويه بالمساعدات التي قدمتها أكثر من دولة غربية.

على رغم من حجم الخسارة والمأساة الإنسانية التي أصابت لبنان في الصميم، وعلى الرغم من حجم الدمار الذي طال مرفأ بيروت، فإن الأمل في التغلب على نتائج الكارثة بصحوة ضمير من قبل المسؤولين السياسيين وفاءً لدماء الشهداء، فينطلق الجميع في الحكومة وفي المعارضة للعمل معاً في سبيل ​إنقاذ​ لبنان، وتجنيبه مآسي جديدة على غرار مأساة الرابع من آب.