تتدحرج الملفات المأزومة وتكبر ككرة الثلج، وسط عدم إتزان حكومي وبطئ في إتخاذ القرارات، ما يجعل من أزمات لبنان "المعمرة"، أزمات من دون أفق، تهدد أقله بإنفجار إجتماعي لا بد وأنه قادم مع تفاقم الأمور، مقابل "عقم" بالإنجازات.

الأزمة النقدية مستمرة، و​سعر الدولار​ بات بلا سقف. أسعار السلع والحاجيات وصلت إلى نسبٍ فلكية، لا يردعها دعمٌ أو ضمير بات شبه مفقود. عتمة لم نشهد لها مثيلاً منذ سنوات، لا أسباب واضحة وحقيقية لهذه الأزمة المستجدة، ولا حلول قريبة. ​النفايات​ عادت لتتكدس في العاصمة والمدن الأخرى، بينما تغرق الحكومة في زحمة الإجتماعات لدراسة السياسة الوطنية لمعالجة النفايات.

ودائع الناس في ​المصارف​ مجهولة المصير، يتيمة لا أحد يأتي على ذكرها، بينما مؤسسات الصيارفة تستمر في قهر كل من يأتيها طالباً حزمة من الدولارات لعاملة منزلية، أم لطالبٍ يتابع تحصيله العلمي في الخارج. أبواب المساعدات الدولية مقفلة بوجه لبنان حتى إشعارٍ أخر. أقل ما يقال فيما نشهده اليوم أنه "الجحيم".

على مستوى المفاوضات مع "​صندوق النقد الدولي​"، فهي "مجمدة" لم تحقق أي تقدم، كما أكدت ذلك يوم أمس مديرة الصندوق، مشيرةً إلى "أننا سنبقى ملتزمين مع لبنان".

وناشدت مديرة الصندوق، اللبنانيين للعمل على وحدة الهدف "لنتخذ إجراءات إعادة التوازن للإقتصاد".

من جهته، أصدر "​مصرف لبنان​" نهاية الأسبوع، مذكرة إدارية، نصت على إنشاء "لجنة إعادة هيكلة المصارف".

وقالت المذكرة، أن مهمة اللجنة، إعادة هيكلة البنوك "ودراسة الأداء المالي للمصارف اللبنانية، وإقتراح الخطوات اللازمة للحفاظ على سلامة ​القطاع المصرفي​".

وكشف المدير العام لوزارة المال المستقيل، ألان بيفاني، أن "ما بين 5.5 مليار و6 مليارات دولار، جرى تهريبها خارج البلاد من قبل مصرفيين، لا يسمحون للمودع بسحب 100 دولار".

وقال بيفاني، في مقابلة مع صحيفة "فايننشال ​تايمز​"، أن "​البنوك اللبنانية​ هربت هذه المبالغ منذ تشرين الأول الماضي، على الرغم من حجم ​التحويلات​ إلى الخارج، مع دخول البلاد في أزمة مالية".

وإتهم بيفاني، الذي شغل منصبه في الوزارة لمدة 20 عاماً، السياسيين والمصرفيين بمحاولة الإستفادة من النظام دون تحمل أدنى خسارة، بينما يجعلون اللبنانيين، يدفعون ثمن الإنهيار.

وأخيراً، طلب المحامي العام التمييزي، القاضي صبوح سليمان، في كتاب وجهه إلى هيئة التحقيق الخاصة في "مصرف لبنان"، التوسع بالتحقيق حول التحويلات المصرفية إلى الخارج، التي جرت بين 17 تشرين الأول من العام 2019 و31 كانون الأول من العام نفسه، والبالغ مجموعها 160 مليون و441 ألف دولار.

كما طلب من هيئة التحقيق التأكيد على المصارف التحقيق من هذه الحسابات، وكل حساب يعادل أو يزيد عن المليون دولار، وإعلام رئيس هيئة التحقيق الخاصة، عن كل حساب مصرفي مشبوه من الحسابات المحولة إلى الخارج.

وكانت الهيئة إمتنعت سابقاً عن تزويد القضاء بأسماء أصحاب التحويلات إلى الخارج، كونه لا يوجد أي شبهة حول حسابات هؤلاء.