أثارت المذكرة الأخيرة (رقم 2272) الصادرة عن ​مصرف لبنان​، والتي تقرر بموجبها إنشاء لجنة خاصة لإعادة هيكلة ​المصارف​، الكثير من التساؤلات حول دور هذه اللجنة وكيفية عملها، إضافة إلى الخطوات التي ستقترحها للمحافظة على هذا القطاع.

هذه اللجنة التي تشكلت بقرار من مصرف لبنان وبرئاسة نائب الحاكم الثاني بشير يقظان إضافةً إلى أعضاء مميزين (لجنة الرقابة على المصارف وجمعية المصارف) ستكون أولوياتها العمل من أجل المحافظة على هذا القطاع الحيوي الذي كان ولا يزال يشكل العامود الفقري للإقتصاد اللبناني، والممول الأساسي له، وهذا ما أدركته مؤخراً الطبقة السياسية، وقد ظهر هذا الأمر جلياً في تقارير اللجنة البرلمانية مؤخراً، فمن المستحيل تحميل هذا القطاع فشل سياسات الطبقة الحاكمة في معالجة الأمور الإقتصادية والمالية للدولة طيلة السنوات الماضية.

الجميع يدرك اليوم أن ​القطاع المصرفي​ ليس بأفضل حالاته فهو يعيش منذ 17 تشرين الماضي في غرفة العناية الفائقة، هذا الامر حتم على القييمين على هذا القطاع العمل سوياً من أجل إنقاذه وإستعادة الثقة به داخلياً وخارجياً، لذلك كان لا بدّ من تشكيل لجنة متخصصة من أجل إعادة هيكلة المصارف خصوصاً المتعثرة منها.

ربما من المبكر بعد الحديث عن الإقتراحات والتوصيات التي ستخرج بها هذه اللجنة، التي ستسعى بطبيعة الحال إلى تحضير الأرضية اللازمة للنهوض مجدداً بهذا القطاع، ولكن هذا الأمر لا بد أن يتزامن مع رؤية واضحة للمرحلة المقبلة فيما خصّ خطة الإنقاذ المالي، فضلاً عن كيفية تعاطي لبنان مع استحقاقاته المقبلة وتحديداً فيما خص سندات "اليوروبوند"، والمفاوضات مع صندوق النقد، كل هذه الأمور ستساهم بطبيعة الأحوال في إسراع عمل هذه اللجنة وفي تحقيق النتائج المرجوة من أجل تحسين آداء هذا القطاع في المرحلة المقبلة، خصوصاً اذا تم الإتفاق مع ​صندوق النقد الدولي​، مما سيسهل إعادة هيكلته من جديد وبأقل خسائر ممكنة.

اذاً، ستبدأ في المرحلة المقبلة عملية تصنيف المصارف وتحديد المتعثر منها ليصار الى دمجها ربما أو إلى تصفية بعضها أو حتى تقليص فروعها، ليبقى السؤال ما مصير موظفي هذا القطاع؟

خوري: "ما دقو فينا أحسن ما ندق فيكم"

في هذا السياق، ينفي رئيس ​نقابة موظفي المصارف​ ​أسد خوري علمه بما ستؤول اليه نتائج عمل هذه اللجنة، ويقول لـ"الإقتصاد": " في الحقيقة ليس لدينا بعد أي فكرة عن عمل هذه اللجنة وعن نتائج الهيكلة الجديدة التي ستصدرها، ولكن بإعتقادي أن عمل هذه اللجنة سيتناول الجوانب المصرفية كافة، بمن فيهم الموظفين، ولكن نحن نريد أن نعلم إلى أين ستتجه الصناعة المصرفية في هذه الظروف التي نمرّ بها اليوم".

خوري يؤكد بأن المرحلة الحالية لا تسمح لنا بتقليص أعداد الموظفين في هذا القطاع، فإذا كان الهدف هو تخفيف المصاريف عن كاهل المصارف، فنحن نريد أن نذكر أن رواتب الموظفين تقلصت إلى نحو 38 بالمائة على دولار الـ3900 وليس الـ9000 كما هو في سوق السوداء، وهذا يعني أن الموظف فقد ثلثي راتبه بحكم ضعف قيمة القوة الشرائية لليرة اللبنانية، لذلك نحن نشدد اليوم على ضرورة حماية الموظفين الذين حملوا هذا القطاع على أكتافهم لأكثر من ثلاثين عاماً ووضعوه في أعلى القمم، واليوم حان الوقت كي نردّ لهم هذا الجميل في هذه المرحلة".

يضيف: " نأمل من القييمن على هذه اللجنة مراعاة الموظفين في هذه المرحلة بالذات، ونطلب منهم عدم إتخاذ أي قرار بتقليص أعدادهم، وفي حال إتخذ مثل هذا القرار سيكون لنا كلام آخر، ونحن نؤكد للجميع أن ما كنا نقبل به منذ أعوام لن نقبل به الآن، وأنا لا أتحدث اليوم عن المادة 50 من ​قانون العمل​، والتي هي بالأصل بعيدة عن المنطق والواقع والتي تعطي المصروفين طرد تعسفي بين شهرين الى 12 شهر، هذه المادة دفناها منذ زمن وبدأنا نعطي أضعاف وأضعاف ما جاء فيها أو ما جاء في قانون الدمج، هذا كان في الأيام العادية فكيف بحاله اليوم؟".

يختم خوري حديثه بالقول: " فلننتظر القرارات ليبنى على الشيء مقتضاه، نحن اليوم نتمنى أن تًعدل رواتب الموظفين بما يتماشى مع الوضع الحالي، ولكن بإعتقادي أن هذا الأمر لن يحصل اليوم في هذه المرحلة رغم انه ضرورة في ظلّ غياب اي ​توازن​، لذلك نأمل من المسؤولين إعادة التوازن إلى البلد دون المس فينا، وأقول لهم "ما دقو فينا أحسن ما ندق فيكم".