تحت عنوان "كيف نوقف التدهور الكبير في ​الوضع الاقتصادي​؟". استضافت ​كوثر حنبوري​ معدَّة ومقدمة برنامج "الاقتصاد في أسبوع" عبر "إذاعة ​لبنان​"، عضو هيئة مكتب ​المجلس الاقتصادي​ والاجتماعي أنيس بو دياب، الذي تحدّث عن تعيين مجلس إدارة جديد لـ "​مؤسسة كهرباء لبنان​"، وقال إن التركيبة التي أتت بـ 6 أعضاء جاءت وفق ​المحاصصة​ السابقة ومجتزأة، فيما كان من المفروض انتخاب رئيس ومدير عام جديد للمجلس، ولم يتم تغييرهم رغم أنه لم يقوموا بالإصلاحات في هذا القطاع الحيوي، الذي كبّد خسائر جسيمة للاقتصاد، وهو مسؤول عن 47 % من إجمالي ​الدين العام​ للبنان.

وأشار بو دياب أيضاً، إلى قانون تشكيل هيئة ناظمة تدير قطاع ​الكهرباء​ والمُقرّ منذ عام 2002، وقال إنه لم يتم حتى اليوم إنشاء الهيئة بحُجة الحاجة إلى تعديل القانون، وقال إن هذه الخطوة ناقصة ويجب استكمالها وتحسينها لأنها القاطرة لهذا القطاع.

وشدد على ضرورة تشكيل هيئات ناظمة في القطاعات كافة، كالاتصالات والمطار والنقل، وأكد على ضرورة البدء بتطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في ضوء الحاجة إلى ​السيولة​ المفقودة منذ 2011، وقال إن الشراكة تحلُّ جزئياً هذه الأزمة.

وحول سؤال لحنبوري حول مستقبل المفاوضات مع "​صندوق النقد الدولي​"، قال بو دياب إن المشكلة في هذا المجال متعدّدة الأطراف، وأشار إلى أن المفاوضات بدأت في أيار، أي منذ شهرين ونصف وعُقدت 17 جلسة، والأسبوع المقبل هناك جلسة جديدة، وبالنسبة للصندوق هذه الجلسات إستكشافية، وهو يَعرف فعلياً الوضع الاقتصادي في لبنان، وهو مجبر على مساعدة لبنان لأنه بلد عضو في هذه المؤسسة ومشارك بـ 856 مليون دولار.

وأكد بو دياب أن هناك سوء إدارة لهذه المفاوضات، بسبب الآراء المختلفة وعلى رأسها هوية لبنان الاقتصادية والخسائر الاقتصادية.

وقال إن مسار المفاوضات إذا استمر فإنه يحتاج وقتاً طويلاً في المرحلة الأولى الحالية، فيما ​المرحلة الثانية​ ستشهد عرض الصندوق برنامجه، وبعدها تأتي المرحلة الثالثة، والتي تندرج في الإطار السياسي والتصويت داخل مجلس النواب على قبول أو رفض برنامج "صندوق النقد".

وشدد ، على أن "عدم التوصل لاتفاق بين لبنان وصندوق سينتج عنه امتناع المؤسسات المالية الدولية عن التعامل مع لبنان مستقبلاً".

وحول التدقيق الجنائي، قال عضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي: "السؤال هل هناك نية للسير في هذا التدقيق، أشك بهذا في ضوء التأخير بالسير في هذا المسار. فالحكومة أقرت في نيسان الماضي هذا الخيار، ولكن عند البدء بالتطبيق بدأت تظهر العراقيل، وإذا وجدنا شركات تسيء للبنان فإنه يوجد بديل، ولدينا القدرة مثلاً على انتخاب قضاة لديهم كفاءة للقيام بالتدقيق".

وأضاف: "صحيح يجب التدقيق ب​مصرف لبنان​، ولكن التدقيق يجب أن يشمل مؤسسات أخرى وعلى رأسها الكهرباء والمجالس المتعددة و​قطاع الإتصالات​، بحيث أن هذه المؤسسات كانت مسؤولة عن صرف القروض من مصرف لبنان، فيما "مؤسسة الكهرباء" وحدها مسؤولة عن 47 % من الدين العام.

وعن أزمة العملة التي يشهدها لبنان، قال بو دياب إن سببها الرئيسي غياب الدّولار، وما ينتج عنه من ارتفاع في الطلب على العملة الأميركية بما يفوق العرض، وهو ما يعني تراجع متواصل في سعر صرف الليرة دون وجود سقف أو حدود واضحة لهذا الانخفاض في قيمة العملة الوطنية.

وأشار بودياب إلى أن ​الدولار​ يأتي من مصادر متعددّة:

1- المغتربون، ولكن تدفقاتهم هبطت بسبب حالة عدم الثقة.

2- ​السياحة​ التي كانت تُدر بين 7 إلى 8 مليارات دولار سنوياً، وتراجعت بسبب غياب ​البنية التحتية​ وغياب السائح الخليجي.

3- الصادرات، المتعطلة لأسباب تتعلق بغياب الدولار محلياً.

4- الإستثمارات الأجنبية، وهي غائبة منذ 2011 بسبب فقدان الثقة.

وأضاف أن هناك مشكلة اليوم مع ​القطاع المصرفي​، ويوجد بين 5 و 6 مليارات دولار مع الناس في البيوت، ولا تدخل هذه الأموال في الدورة الاقتصادية بسبب غياب الثقة، فيما السلطة هي المسؤولة عن هذه الأزمة.

وتحدث بو دياب عن معاناة القطاعات الإنتاجية، قال إن سببها يعود إلى غياب المعالجات الحكومية، وأشار إلى أن اجتماعاً عُقد بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي والهيئات السياحية في شهر أيار الماضي، قدمت خلاله الهيئات ورقة طالبت فيها وزير السياحية بإعفاءات، إلا أن ​مجلس الوزراء​ عارضها ولم يوافق عليها.

وقال بو دياب، إن الحكومة تعمل على مواجهة التحديات وخلق اقتصاد منتج ولكنها حتى اليوم غير ناجحة.

وفي ما يخص رفع سعر ​الخبز​ والتوجه لرفع تسعيرة النقل، رأى بو دياب أن هذه الإجراءات لا علاقة لها بـ "صندوق النقد"، رغم أنه يطالب لبنان منذ 2014 بخفض الدّعم، ورفع الضريبة على القيمة المضافة.

وأشار إلى أن رفع سعر الخبز لم يقابله رفع الدّعم من الدّولة، وتحدث عن التسرّب والتهريب الكبير للبضائع من لبنان الذي تبلغ قيمته السنوية بين 4 و6 مليارات دولار، وقال إن هذا يستوجب من الحكومة إعادة النظر بسياسة الدّعم أو إقفال الحدود كلياً.

وشدد أنه في ظل وصول نسبة ​الفقر​ إلى 55 % داخل المجتمع اللبناني، فإنه بات من ضروري توجيه الدعم من خلال ​آلية​ جديدة قد تكون من خلال ​الدعم المالي​ المباشر.

وأشار بو دياب إلى وجود برامج دولية للدعم، وإلى استعداد "​البنك الدولي​" لدعم الأسر الفقيرة مالياً بما يصل إلى 600 مليون دولار سنوياً، شرط البدء بخطوات إصلاحية تعيد الثقة وتوقف الهدر والتسرّب المالي.

وعن ​المساعدات​ الخارجية للبنان، توقع عضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن تكون المساعدات عينية، لا تؤدي إلى تحسّن في مؤشرات الاقتصاد، وهدفها فقط خفض حالات الفقر والعوز.

وقال، إن "الإجراءات الآنية لا تؤدي إلى حل المشكلة ولا توقف الانهيار الاقتصادي".

وختم بودياب المقابلة بالتأكيد، أن لا عودة اليوم إلى ​سعر صرف الدولار​ بـ 1500 ليرة، وقال إن تحرير السعر تلقائياً اليوم خاطئ، بسبب الدّعم والقروض من ​المصارف​ التي قد ترهق النّاس.