موجات ارتفاع متلاحقة ودون توقّف شهدها سعر صرف الدّولار أمام ​الليرة اللبنانية​ خلال الأسبوع الماضي في ​السوق السوداء​. هبطت العملة الوطنية نحو 3 آلاف ليرة خلال الأسبوع الماضي في السوق الموازية.

وخلال الأسبوع الفائت بالكامل وعلى مدى يومي، أعلنت نقابة الصرافين تسعير صرف ​الدولار​ مقابل الليرة حصراً وبهامش متحرك بين الشراء بسعر 3850 ليرة حداً أدنى، والبيع بسعر 3900 كحد أقصى.

غير أن هذا الهامش بقي حبراً على بيان النقابة، ولم يُترجم عملياً في سوق الصرف الرسمية، فيما ارتفع الدولار في السوق السوداء إلى نحو 8000 ليرة.

بالتوازني، أعلن حاكم المصرف المركزي ​رياض سلامة​ رسمياً، انطلاق العمل بـالمنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة للتداول في ​العملات​ بين الدولار والليرة لدى الصرافين، في إطار الجهود للجم التدهور التاريخي للعملة الوطنية.

وحول عمل هذه المنصة، قال نائب نقيب الصرافين محمود حلاوي في مقابلة مع "الاقتصاد"، إن "المنصّة الالكترونية غير مخصّصة للجم الدّولار، وهي تهدف لتنظيم التداول بالعملة الأميركية، لأنها تستطيع أن تتحكم بكل حركة التداول بالكميات والأسعار ما بين الصرافين، وتستطيع هذه المنصة أن تساعد ​مصرف لبنان​ على تحليل الأرقام والأسعار المتداولة، حتى يستطيع المركزي من جهته تكوين فكرة عن مجرى السّوق، ووجوب ضح الدّولار من عدمه، وتحدد أيضاً التوقيت اللازم للتدخل لدعم الليرة.

وأضاف حلاوي، أن "هذه العملية تنظّم أيضاً عمل الصرافين حيث تؤمن المنصة رابطاً بين العاملين الشرعيين في قطاع الصيرفة، كما تشمل هذه المنصة خدمة إضافية، تمكن الصرافين من معلومات حول كل مواطن يقوم بعملية بيع الدّولار أو شرائه من محال الصيرفة".

وأكد نائب نقيب الصرافين، أن "المنصة تخدم أكثر عندما يكون الدّولار محرّراً وسعره ليس ثابتاً كما اليوم لدى الصرافين عند 3900 ليرة، لأنه بثبات سعر الصرف تؤمّن المنصة استفادة جزئية لمصرف لبنان من حيث الكميات المتداولة، والمبالغ التي يتم تسليمها للصرافين من فئة "أ"، ومعرفة المركزي ​آلية​ صرف الدولارات ومن يستفيد منها، وحتى يحصي مصرف لبنان أيضاً الكميات التي سلّمها للصرافين ويمكنه بذلك معرفة من يكدس الدولارات من الصرافين".

وشدد حلاوي، على أن "المنصّة الالكترونية لن تعط جدواها الكاملة، بسبب اعتماد تثبيت سعر الصرف"، وقال إن "فكرة مصرف لبنان بموضوع المنصّة جاءت عندما كان الدّولار في حينها يجري تداوله بين الصرافين دون تثبيت بحدود الـ 2200 صعوداً ونزولاً بحسب العرض والطلب".

في المقابل، حذّر حلاوي من أن "ترك المصرف المركزي والصيارفة الدولار دون تثبيته سيؤدي إلى تفلت السّوق"، وقال إن "الإجراءات الحالية لتثبيت الدّولار بـ 3900 عند الصرافين، تهدف لمساعدة بعض الشرائح في المجتمع للحصول على الدّولار بأسعار أقل من السوق السوداء، إضافة إلى أهمية دعم الاستيراد و​التجار​، وهو ما ينعكس على جميع المواطنين إيجاباً في تحديد أسعار السلع المُستهلكة".

وبحسب حلاوي، فإن قناعاته الخاصة وفقاً لآراء الكثير من الخبراء، تعتبر أن "سعر الدّولار لا يجب أن يثبّت، لأنه لا يعطي بذلك المؤشرات الصحيحة حول قوة الاقتصاد"، وأضاف، أن "الدولار أو العملة الأجنبية عندما تُحرر في بلد معيّن يُستطاع من خلال هذا الإجراء قياس قوة الاقتصاد بناء على سعر العملة الأجنبية تجاه العملة الوطنية، وهذا المقياس غير ممكن في لبنان، بسبب عدم معرفة السعر الفعلي للعملة المحلية أمام الدّولار".

وحول تهاوي سعر العملة المحلية إلى 8000 ليرة للدولار في السوق السواء قال حلاوي، إنه "غير صحيح وفعلي، وجزء منه نفسي ووهمي، بحيث لا توجد كميات كبيرة في السوق الموازية أصلاً لتتداول بهذه الأسعار، وأصبحت الأمور تشبه عمليات السمسمرة من شخص لآخر وتمتد من منطقة إلى أخرى".

وأضاف: "تحرير الدّولار رسمياً واعتماد الصرافين يبقي القواعد موجودة على اعتبار وجود شبكة تواصل بين الصرافين، تبقي الثوابت والتواصل في هذا القطاع بعكس السوق السوداء اليوم".

وأكد حلاوي، أن "السوق السوداء غير صحيحة ولا تدل على الاقتصاد أبداً، لأن المبالغ المتداولة قليلة ولا تلبي الحاجة الفعلية للسوق والتجار والمستوردين.

وبسبب غياب المبالغ الكبيرة في السوق السوداء الدولار يقفز يومياً 1000 ليرة، لأن التاجر الذي يطلب على سبيل المثال مبلغ 100 ألف دولار من السوق السوداء، يهرع المتعاملون في السوق الموازية لتأمينها بأي وسيلة وسعر كان، متفلتاً من أيّة ضوابط وقواعد، ما يتسبب في رفع سعر الدّولار.

ويضاف إليها ​تطبيقات​ سعر الصّرف على ​الهواتف الذكية​، إضافة إلى صفحات على ​مواقع التواصل الاجتماعي​.

ويضاف إليها أيضاً، بعض التصريحات المتلفزة غير المسؤولة حول هبوط الليرة ووصول الدولار إلى 10 و 20 ألف ليرة، تتسبب بفقدان الثقة أكثر بالعملة الوطنية، وعدم الإقبال على بيع الدّولار المكدّس في البيوت، ما يتسبب بانخفاض إضافي في سعر صرف الليرة".

وحول تلبية حاجات التجار من الدولار لدعم المخزون السِلعي، أكد حلاوي أن "حاجة الاستيراد في لبنان كبيرة ويعتمد عليها ​الأمن الغذائي​، ولا يجب أن يكون كل الاعتماد على الصرافين لتأمين الدّولار، بحيث أن السلة الغذائية المدعومة بـ 3200 من قبل مصرف لبنان سترتفع من 30 إلى 200 سلعة، ما يعني أن الكثير من السلع لم تكن مدعومة ستقوم وزارة الاقتصاد بدعمها، ليقوم بالمقابل الصرافون بالتعاون مع مصرف لبنان، بتلبية السلع غير المدعومة وخارج السلة الغذائية، ومنها مواد أساسية يحتاجها المجتمع ولكنها غير واردة في سلة وزارة الاقتصاد".

وأكد حلاوي، أنه "طالما يضخ مصرف لبنان الدولار، فإن الصرافين سيلتزمون تصريفها تبعاً للأصول المتبعة".

وحول عمل خلية ​الأزمة المالية​ التي يشارك فيها حلاوي كممثل عن نقابة الصرافين، قال إنها "انبثقت عن ​مجلس الوزراء​ لمتابعة الوضع ومراقبة الأسواق والظروف"، وأضاف أنها "لا تمتلك سلطة تقريرية، ولكنها تجمع بين الأطراف المعنيين بموضوع سعر صرف الليرة و​الوضع الاقتصادي​، والمطلوب من هذه الخلية أن ترفع توصيات للحكومة.

ومؤخراً، أصدرت الحكومة قراراً مهمّاً جاء بناء على توصية من خلية  الأزمة، وهو بالطلب من البنك المركزي ضخ الدولار للبنوك، إضافةً لما يتم ضخه للصرافين".

وشدد حلاوي، على أن "هذه الخلية فعّالة، لأنها تنقل الواقع على الأرض للسلطة الأعلى، والإثبات على ذلك كان من خلال رفع عدد سلع السلة الغذائية المدعومة من وزارة الاقتصاد والتي اقترحته خلية الأزمة، إضافة إلى مبادرة مصرف لبنان لدعم ​المصارف​، للمساعدة على دعم شركات الاستيراد إضافة لما يقوم به الصرافون".

وفي سؤال حول عمل الصرافين من الفئة "ب"، قال حلاوي، إن "هذه الفئة تضم 250 صرافاً وهو عدد كبير، وإذا أراد مصرف لبنان إعطاء 20 ألف دولار يومياً للصرافين فالمجموع سيكون 5 مليون دولار وهو ما أعلن ​حاكم مصرف لبنان​ عدم قدرته على دعم الفئة "ب" وقرر حصر العمل بالصرافين من فئة "أ".

حول الفتح المطار المزمع في 1 تمّوز المقبل، قال حلاوي إن "لهذا الإجراء إيجابيات كونه سيساهم في ضخ دولار نقدي من قبل المغترب الذي سيأتي بأموالٍ "كاش" من الخارج"، وحذّر حلاوي بأن "هذا سيتسبب بتراجع حجم ​الحوالات​ الالكترونية الواردة من الخارج، ما سيتسبب بفقدان مصرف لبنان مصدر تمويل أساسي يستخدمه حالياً في الدعم وتأمين الدولار للصرافين".

ختم حلاوي بالتأكيد، بأنه "في حال لم تكن الأمور مضبوطة بعد من ناحية قمع الشركات الغير المرخصة أو مكافحة الصرافين غير الشرعيين، فإن أموال المغتربين ستُوجّه للسوق السوداء".