لم يتبدّل المشهد الاقتصادي والمالي والنقدي هذا الأسبوع، إذ استمرت الضغوط على الليرة ال​لبنان​ية بقوّة، كما استمرّت المؤشرات والمواقف التي تؤكد على أن الحلول لأزماتنا "المنتفخة" يتطلّب وقتاً طويلاً.

وكان الأبرز هذا الأسبوع، إعلان حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة إطلاق المنصّة الإلكترونية التي انتظرتها السوق النقدية طويلاً. وقال سلامة أن المنصّة سيتمّ تفعيلها أكثر وستكون المرجعية الأساسية في السوق المتعلّق بتبادل ​العملات​ الأجنبية، مشيراً إلى انه في جلسة يوم أمس الجمعة حصل بيع وشراء أكثر من 85 مليون دولار على سعر 3850 ليرة.

وأوضح سلامة أنه بإمكان ​المصارف​ الإنضمام الى هذه المنصة التي تشارك فيها مؤسسات الصيرفة، ولكن سعر الصرف الرسمي سيبقى 1500 ليرة لأن هذا الأمر يساهم في ضبط أسعار البنزين والطحين وبعض السلع.

أما المؤشر الثاني هذا الأسبوع، فجاء على لسان رئيسة "صندوق ​النقد الدولي​" التي رأت أنه لا سبب لتوقع حدوث انفراجة في ​الأزمة الاقتصادية​ اللبنانية، وقالت مديرة الصندوق كريستالينا غورغييفا في مقابلة مع وكالة "رويترز" عبر الإنترنت ان الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن فيروس "كورونا" قد تكون في نهاية المطاف اختباراً لموارد الصندوق البلاغة تريليون دولار. وأشارت رئيسة الصندوق الى أنه من المبكر أن نرى أي تقدّم أو تعافٍ في الاقتصاد اللبناني في هذه المرحلة.

وفي مؤشر ثالث لا يقل أهمية عن المؤشرين السابقين، أفادت وكالة "رويترز" في تقرير بأن ​الليرة اللبنانية​ هوت الى مستوى منخفض جديد مقابل ​الدولار​ أمس الجمعة في السوق الموازية حيث فقدت حالياً نحو 80% من قيمتها منذ تشرين الأول.

وأشارت الوكالة الى أن أسعار الصرف تجاوزت الـ7600 ليرة، حسب المتعاملين في السوق. كما ذكرت الوكالة أن البنك اللمركزي مازال يطبّق سعر الـ507.5 ليرة للدولار على واردات ​القمح​ و​الأدوية​ و​الوقود​.

وفي مؤشرٍ رابع، أعلن وزير الإقتصاد راوول نعمه أن الوزارة قررت توسيع سلّة المواد الغذائية المدعومة وذلك بالإتفاق مع حاكم "مصرف لبنان" ومن شأن هذا الإجراء كما قال نعمه، أن يساهم في تخفيض أسعار المزيد من السلع بغض النظر عن ارتفاع سعر الدولار من عدمه.

وفي غضون ذلك، أشار التقرير الاقتصادي الاسبوعي الصادر عن مجموعة "بنك الإعتماد اللبناني" هذا الأسبوع إلى جملة من المؤشرات الإقتصادية والمالية منها: أن العجز الإجمالي للموازنة بلغ 1.75 مليار دولار لغاية شهر نيسان 2020، وأن مؤشر تضخم الأسعار ازداد بنسبة 56.53%سنوياً في شهر أيار 2020.

إلى ذلك، بلغت حصة المصارف من الدّين بالليرة 28.3% في آذار الماضي، وتراجع عدد ​السياح​ بنسبة 48.27% سنوياً في الفصل الأول من 2020.

في المحصّلة، بات من الواضح أن ​الدولار الأميركي​ تخطّى كل التوقعات والحدود المرسومة له ونجح في القفز من فوق الإجراءات الحكومية والنقدية التي زُرعت في طريقه للحد من ارتفاعه، لكن على ما يبدو أن هذه الإجراءات لم تعد تجدي نفعاً في بلد يفتقد أولاً الى ​السيولة​ بالعملات الأجنبية وثانياً وهو الأهم، يفتقد الى الثقة الداخلية والخارجية على حدٍّ سواء، لذلك لا يتوقعن أحد أن يتوقف الدولار عند سقوف محدّدة فكل الإحتمالات والتوقعات التي كانت حتى الأمس القريب غير متوقعة باتت اليوم وفي ظل هذا التخبّط الحكومي وتخبّط السلطة النقدية متاحة.