يجري العمل حالياً في المجلس النيابي على توحيد الأرقام التي كانت قد شكّلت خلافاً بين الحكومة اللبنانية من جهة و"​مصرف لبنان​" و​المصارف​ التجارية من جهة أخرى في المفاوضات مع "​صندوق النقد الدولي​".

وفي الوقت الذي لا يزال الصندوق يستمع الى ممثلي لبنان، لا زالت التعيينات على أساس ​المحاصصة​ والمؤتمرات الصحفية لتبادل التهم بالملفات الشائكة سارية بالعلن دون أي مراعاة أو حتى خجل ممّن يطالبون بالإصلاح من مواطنين أو حتى مسؤولين، أقلّه ليوافق الصندوق على إقراضهم "10 مليار دولار".

ويأتي هذا، في الوقت الذي يستمر البنك المركزي بضخ ​الدولار​ يومياً في السوق، على الرغم من الإحتياطات المتواضعة المتبقية لديه، وتهافت المواطنين بالمئات يومياً الى محلات الصيرفة لشراء العملة الأجنبية.

وللحديث أكثر عن هذه المواضيع والإتجاه الذي يسير به ​الإقتصاد اللبناني​، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع ​الخبير الاقتصادي​ د. سامي نادر:

كيف يمكن تحييد لبنان لتجنّب آثار "قانون قيصر" في الوقت الذي تشكّل فيه ​سوريا​ المنفذ الوحيد له؟

إذا اعتبرنا أن سوريا هي المنفذ الوحيد للبنان، وأنا لا أوافق بشكلٍ تام على هذا الأمر، يجب إعادة العلاقات بين البلدين الى المؤسسات الرسمية. سوريا بمأزق و​النظام السوري​ بمأزق ، ولبنان لا يمكنه تحمّل أعباء المشاكل التي يعيشها هذا النظام. كيف يمكننا التخفيف من آثار هذا القانون والصراع في المنطقة بشكلٍ عام على لبنان؟ هذا هو السؤال الأهم.

عمليات التهريب التي تحصل كبيرة وخطيرة جدًّا ووجوب السيطرة على المعابر غير الشرعية بات أمرٌ ضروري جدًّا. وعندما نطالب بالتحييد ينعتوننا بأبشع النعوت بدءاً من الإمبريالي الى الصهيوني والفاقد للكرامة الوطنية.

لبنان لديه منافذ أخرى عبر البحر والجوّ. نعم، برًّا، سوريا هي المنفذ الوحيد ولكن التبعات السلبية لهذا المنفذ باتت أكثر من تلك الإيجابية.

أظهرت الخطوات التي يتّخذها "مصرف لبنان" اليوم من ضخ للدولار فشلها في خفض سعر الصرف، ما هي توقعاتك لهذه الخطوات في الأيام المقبلة؟

هذه الخطوة هي تطبيق للمثل الشعبي القائل: "عبّى المي بالسلّة".

المشكلة الاقتصادية يتمّ حلّها بأدوات اقتصادية، أما هذه "الفرمانات" فلا نتيجة لها.

سعر الدولار​ يرتفع لأنه لم يعد متوفر، لماذا؟ لأن كمية الدولارات التي تخرج من لبنان أكثر من تلك التي تدخل اليه، لماذا؟ قطاع ​السياحة​ متوقف، الصادرات هبطت، والتحويلات من الخارج انخفضت، والإستثمارات الخارجية انعدمت. هنا المشكلة. عند البحث عن حلول يجب التركيز على هذه الأمور.

في الماضي، كنّا نحصل على الدولار بشكل اصطناعي عبر رفع أسعار الفائدة، حيث أودعت الناس أموالها في المصارف وتم استخدامها في مزاريب الهدر لدى الدولة، واليوم الرواية انتهت عبر اختفاء الودائع، أي الدولارات.

نحتاج الى ضخ ​السيولة​ بشكل فوري، قبل انهيار النظام فوق رؤوسنا جميعاً. وفي الوقت الحالي، للحصول على هذه السيولة علينا اللجوء للخارج، لكن الخارج يريد أن يرى تنفيذ الإصلاحات الهيكلية أولاً.

في هذا الموضوع، من الواضح أن المفاوضات مع "صندوق النقد" حتى اليوم لا تسير على النحو الذي توقعته الحكومة حين طلبت 10 مليار دولار، هل برأيك توحيد الأرقام سيغيّر اتجاه المفاوضات لصالح لبنان؟

توحيد الأرقام لن يغيّر شيئاً، "صندوق النقد الدولي" بحاجة لأن يرى خطوات فعلية. ​التوظيف​ العشوائي ليس مؤشر إيجابي للصندوق، التّهم المتبادلة بخصوص ​الكهرباء​ ومعمل سلعاتا ليسا مؤشر جيد للصندوق، التعيينات الإدارية الأخيرة على أساس المحاصصة ليست مؤشر جيد للصندوق، حالة الفلتان التي نراها على الحدود ليس مؤشر جيد أيضاً.

ما هو المخرج اليوم لكل ما يحصل؟

كان هناك مخرجاً واحداً ولا أعلم إن كان قد ضاع أم لا، وهو الشابات والشبان الذين ثاروا في 17 تشرين وساهموا بتحقيق نصف انتصار، عبر تشكيل حكومة "جديدة" نوعاً ما. آمل أن يعودوا للقضاء على هذا النظام التشغيلي، سبب كل المصائب.