من يتسثنى له أن يرى طوابير الناس الممتدة لمئات الأمتار أمام مؤسسات الصيرفة من فئة "أ"، يعتقد للوهلة الأولى أنه يعود إلى زمن دول ​أوروبا​ الشرقية، أي ما كان يعرف في حينه بالإتحاد السوفياتي.

طوابير الناس المرصوصة أمام مؤسسات الصيرفة للحصول على 200 دولار أميركي، هو قمة "الذل"، مع إعتماد "​مصرف لبنان​" نظام تقنين تزويد الناس بالعملة الأميركية، نتيجة ​الأزمة المالية​ التي دخل لبنان في نفقها منذ بضعة أشهر.

لليوم الرابع على التوالي على بدء تنفيذ إتفاق الحكومة و"مصرف لبنان" على تزويد مؤسسات الصيرفة بدولارٍ مدعوم، بهدف تخفيض ​سعر الدولار​ وعلى مراحل إلى أن يصل إلى حدود 3200 ليرة، إستمر الطلب الشديد على العملة الخضراء، مع إستمرار نشاط ​السوق السوداء​، التي كانت تمثل حقيقة سعر الدولار، في حين بقي سعر الدولار "المقنن" شبه وهمي، والذي سُعِر من قبل مؤسسات الصيرفة من فئة "أ" على 3850 ليرة كحد أقصى للشراء و3900 ليرة كحد أقصى للمبيع. أما في السوق السوداء فتراوح سعر الدولار بين 4200 ليرة و4500 ليرة.

وترى نسبة كبيرة من المؤسسات والباحثين في الشؤون المالية والنقدية، أن تدخل "مصرف لبنان" في السوق عن طريق الصرافين لم يجدِ نفعاً على المدى المتوسط، حيث أن حجم تدخل المصرف محدود في شكل عام، في حين إن الطلب أعلى بكثير، أضف إلى ذلك أن أمام "مصرف لبنان" وبحسب الحكومة مهام أخرى حياتية ومعيشية لا بد أن يكون لها الأولوية في حسابات المركزي، الذي تراجعت إحتياطاته بالعملات الصعبة إلى حدود الـ20 مليار دولار.

كما أن مؤسسات الصيرفة التي يشملها قرار دعم "مصرف لبنان"، أي تزويدها يومياً بالدولار المدعوم، بقي بعضها خارج الإلتزام بهذا القرار، بحجة عدم توفر الورقة الخضراء، أو بحجة أن السوق السوداء لا تسمح لها بالعمل بشكل طبيعي.