قليلون هم من أصبحوا أثرياء بسبب أزمة فيروس "كورونا"، مثل إريك يوان، بصفته المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "زووم"، التطبيق الذي أصبح مرادفاً لعقد المؤتمرات عبر الفيديو لعامة الناس الملتزمين بالتباعد الاجتماعي، ليحصل يوان على ما يمكن وصفه بأنه ثروة وافرة تبعث على الحيرة.

الأسبوع الماضي ارتفعت قيمة حصته الشخصية في الشركة التي أسسها قبل تسعة أعوام إلى أكثر من عشرة مليارات دولار لأول مرة، ما دفعه إلى صفوف كبار أصحاب المليارات في "وادي السيليكون".

لذلك من المريح أن نرى أنه لا يزال بإمكانه ارتكاب النوع نفسه من أخطاء الهواة، مثل أكثر المبتدئين المشوشين في قطاع ال​تكنولوجيا​. في مؤتمر مع المستثمرين في وول ستريت الأسبوع الماضي، لإعلان عن آخر أرباح شركته، نسي يوان (50 عاما) إلغاء كتم الصوت، ما أدى إلى مسرحية صامتة تم عرضها على الشاشات حول العالم. مع ذلك، فهم المستثمرون الرسالة وصعدوا بأسهم "زووم" إلى مستويات مرتفعة جديدة.

مع وجود ما يصل إلى 300 مليون مشارك في الاجتماعات كل يوم في ذروة نيسان، جعلت الأزمة يوان محط الأنظار، متوجة صعوده بصفته قائدا استثنائيا من أصل صيني لشركة ناشئة في "وادي السيليكون".

بل كذلك جعلت شركته عرضة للتدقيق وأثارت احتجاجا عاماً بسبب ثغرات على صعيدي الأمن و​الخصوصية​.

على الرغم من العدد الكبير من ​المهندسين​ ذوي الأصول ​الصين​ية الذين يحافظون على سلاسة العمل في "وادي السيليكون"، إلا أن قليلاً منهم أصبحوا رؤساء لشركات التكنولوجيا المحلية البارزة.

يوان ولد في مقاطعة شاندونغ شرقي الصين وتدرب على ​الرياضيات​ وعلوم ​الكمبيوتر​، قبل أن ينتقل إلى ​الولايات المتحدة​ في تسعينيات القرن العشرين، ليصبح مهندسا لدى شركة "ويب إكس" التي تقدم خدمة المؤتمرات عبر ​الإنترنت​.

بعد أن استحوذت عليها شركة "سيسكو"، أصبحت المهنة داخل عملاق معدات الشبكات تبدو جذابة للغاية. لكن عندما رفضت شركة "سيسكو" دعم فكرة تقدم بها لبناء تطبيق بسيط مصمم للعالم الجديد من ​الهواتف الذكية​، استقال من أجل بنائه بنفسه.

ظهور يوان بصفته أبرز رجال الأعمال الصينيين الأميركيين الجدد في "وادي السيليكون"، جاء في وقت يتصاعد فيه التوتر بين الولايات المتحدة والصين، حيث تشكل أسواق التكنولوجيا مصدراً رئيساً للصراع. ما يزيد من انزعاجه، أن نحو ثلث القوى العاملة لدى "زووم" موجودة في الصين - وهو نوع من التنظيم كان طبيعيا سابقا بالنسبة لشركة عالمية طموحة، لكن الآن يمكن أن يبدو عائقا، بعد أن جعلت الجائحة من "زووم" اسما مألوفا، تبع ذلك ما وصفه يوان بأنه "​شائعات​ ومعلومات مضللة" - أسئلة بشأن ولاءاته الشخصية، وشكوك حول ما إذا كان أصله الصيني قد جعل من "زووم" قاعدة أمامية للتجسس برعاية الدولة.

الشهر الماضي، أصدر بيانا أعلن فيه هويته الأميركية - أصبح مواطنا في 2007 - وأكد أن ​جذور​ "زووم" في الولايات المتحدة.

بعد رحلة أخيرة إلى الصين، أخبر معارفه أنه يشعر الآن بالإنتماء بقدر أكبر إلى الولايات المتحدة، على حد قول سانتي سوبوتوفسكي، صاحب رأس المال المغامر الذي كان أحد الداعمين الأوائل لشركة "زووم".

سوبوتوفسكي يقول: "أطفاله ولدوا وترعرعوا هنا، وهو يتفق مع هذه الثقافة. عاش هنا لفترة طويلة، لكن لهجته الأصلية لم تختف".

اهتماماته الشخصية يمكن أن تكون مثل تلك التي يهتم بها أي مدير أعمال في أي مكان. وقت العائلة هو الأهم، وكرة السلة هي الشغف. وهو يُعدُّ نجم كرة السلة الراحل كوبي براينت واحداً من أبطاله، إلى جانب اللاعب الحالي أندريه إيغودالا (أحد المستثمرين في شركة "زووم")، ومارك كوبان، رجل الأعمال الصريح ومالك فريق "دالاس مافريكس".

يقول يوان إنه يلتهم كتب الأعمال التهاما، بحثاً عن نصائح حول كيفية إدارة شركته بشكل أفضل. لكن من الواضح أنه يشعر بعدم ارتياح بشأن التيارات الجيوسياسية المتداخلة التي علق فيها.

في مقابلة مع "​فاينانشيال تايمز​" العام الماضي توقع أن تسود المصلحة الذاتية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، ما يضمن مستقبلا يبقى فيه الاقتصادان مترابطان بشكل وثيق، غير أن هذا يبدو مستبعدا بشكل متزايد الآن.

إذا كانت جذوره الصينية مصدرا للجدل، فإن شعبية "زووم" جلبت أشكالا أخرى من الاهتمام غير المرغوب فيه.

"تفجير زووم" Zoom-bombing - أي الاختراق وتعطيل الاجتماعات الخاصة - هو أحدث إضافة إلى معجم سوء السلوك عبر الإنترنت، سلسلة من مواطن الخلل في ال​برمجيات​ أضافت أيضاً إلى المشكلات.

بروس شناير، خبير ​الأمن الإلكتروني​، وصف الترتيبات الأمنية للشركة بأنها "مهملة في أفضل الأحوال، وضارة في أسوأ الأحوال". ​السياسيون​ اجتمعوا وتبع ذلك مراجعة من قبل المنظمين في الولايات المتحدة.

الأزمة الأمنية أبرزت ما يقول أنصار يوان إنها أفضل صفاته: التواضع. يوان يقول إن موقفه منذ وصوله إلى الولايات المتحدة تأثر بنصيحة والده بشأن ما يتطلبه النجاح في بلد جديد: "إعمل بجد وحافظ على تواضعك". أحد الباحثين الذي أشار إلى وجود خلل في برنامج "زووم"، قال إنه تلقى بسرعة بريداً إلكترونياً شخصياً من المدير يشكره على العثور على الخلل.

"هو قائد سباق، ولا يختبئ من الجدل"، بحسب ما قال كارل إيشنباخ، أحد أصحاب رأس المال المغامرين، وهو مستثمر في "زووم" وعضو في مجلس إدارتها. وشمل ذلك تحمل يوان علانية مسؤولية الهفوات - مثلما فعل مرة أخرى الأسبوع الماضي.

القرار بتعليق كل شيء آخر أثناء إصلاح "زووم" للمشكلات يسلط الضوء على عزم يقول عنه المؤيدون إنه إحدى نقاط قوته. "لن يستسلم"، بحسب سوبوتوفسكي.

حتى بعد الدروس الصعبة التي مر بها خلال هذا العام، لا يزال يوان يكافح في بعض الأحيان من أجل سد الفجوة بين عوالم برمجيات الأعمال، حيث نشأت جذور "زووم"، والسوق الاستهلاكية الأوسع التي أقحمت فيها. هذا الأسبوع أثار ضجة بسيطة بقوله إنه لم يكن ينوي تقديم تكنولوجيا التشفير بين الطرفيات - المعيار الذهبي في الأمن - لمستخدمي "زووم"، لأن ذلك من شأنه أن يمنعه من التعاون مع أنظمة إنفاذ القانون.

كان ذلك جرحا آخر تسبب فيه لنفسه وعليه تجاوزه. لكن بعد صعوده السريع هذا العام، من غير المحتمل أن يعتقد أحدهم أن يوان وتطبيقه لاجتماعات الفيديو ذي الانتشار الواسع أصبحا خارج اللعبة.