لا يزال موضوع تطبيق تحرير سعر صرف الليرة محط خلاف بين الجهات الدولية وتحديداً صندوق النقد من جهة، والدولة اللبنانية من جهة أخرى، فالجميع متفق على ضرورة تحريرها، ولكن الخلاف يكمن في كيفية تطبيق هذا التحرير، فصندوق النقد يرى ان على الحكومة البدء فوراً بتطبيق سياسة التحرير ليتمكن من تقدير ال​قروض​ التي يمكن أن يقدمها للبنان، في المقابل يرى الفريق اللبناني انه من الصعب الاقدام على هذه الخطوة في الوقت الحالي قبل الاتفاق على حجم القروض التي ستُخصص للبنان من قبل الصندوق، التي على اساسها يمكن للدولة تقدير موعد لهذا التحرير.

عاجلاً أم آجلاً ستلجأ الحكومة اللبنانية الى تحرير سعر صرف الليرة ولكن هذا الأمر سيخلق أزمة جديدة، اذ ان غالبية القروض الممنوحة للعملاء هي ب​الدولار​ الأميركي - المقدرة بنحو 70 الى 75 بالمئة من مجمل القروض –وبالتالي سترتفع نسبة القروض المتعثرة بشكل غير مسبوق، خصوصاً وان غالبية المداخيل هي بالليرة اللبنانية. فاذا افترضنا ان مدخول الفرد الشهري مليون ليرة لبنانية ولديه قسط شهري لقرضٍ ما بقية 250 دولار اميركي والتي كانت تعادل 375000 ليرة لبنانية كان يتبقى لهذا الفرد نحو 625000 ليرة، اليوم أصبحت الـ 250 دولار تعادل المليون ليرة في حال احتسبنا الدولار الواحد بـ 4000 ليرة (سعر السوق)،أما في حالأصبح الدولار 3200 (كما يُحكى اليوم) فهذا يعني ان الـ 250 دولار أصبحت تعادل الـ 800 الف ليرة، فكيف يعيش المواطن بـ 200 الف ليرة لبنانية؟

لا شك بأن تخفيض قيمة الليرة سيخلق مشاكل اجتماعية واقتصادية جمّة في هذه المرحلة على الصعد كافة، خصوصاً وان معظم المؤسسات التجارية التي ترزح تحت أعباء ثقيلة قد لجأت الى اقفال مؤسساتها وصرف موظفيها، ومن بقي منها لجأ الى اعطاء الموظفين نصف راتب حتى اشعار آخر!!

ليبقى السؤال ما مصير قروض اللبنانيين في حال تم تحرير سعر صرف الليرة؟

مخايل: تحرير سعر صرف العملة آتٍ لا محال

يؤكد عضو لجنة الرقابة على ​المصارف​ ​الخبير الاقتصادي​ مروان مخايل في حديثه لـ "الاقتصاد" ان "​المصارف التجارية​ مُلزمة ان تأخذ من الأفراد الدفعة الشهرية لقرض الدولارالأميركي بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي، وهذا ما تقوم به حالياً بالنسبة للأفراد،وفي حال رفضت المصارف هذا الأمر يستطيع المُقترض ان يترك للمصرف قيمة السند بالعملة الوطنية على سعر الصرف الرسمي لدى كاتب عدل. اما بالنسبة للشركات التجارية فبعض المصارف تُصرّ على ان تُسدد دفعاتهم الشهرية بالدولار الأميركي حصراً".

مخايل يجزم ان "تحرير سعر صرف العملة آتٍ لا محال، ولكن هذه الخطوة يجب ان تأتي بعد اطلاق العجلة الاقتصادية لا قبلها لأن هذا الأمر قد يكون له آثار سلبية على الصعد كافة، لذلك نحن بحاجة الى الاتفاق مع ​صندوق النقد الدولي​ وبدء تطبيق الاصلاحات لتنطلق العجلة الاقتصاديةويتحسن النمو، عندها نستطيع البدء بتحرير سعر صرف العملة".

اما بالنسبة لمصير قروض اللبنانيين بالدولار الأميركي يقول : " في حال اصبح سعر الصرف الرسمي 3000 ليرة للدولار الواحد على سبيل المثال، عندها سيضطر المواطن لتسديد قيمة دفعته الشهرية على سعر الصرف الجديد وهذا الأمر لا مفر منه، وفي حال تعثر المقترض قد يلجأ المصرف الى اعادة جدولة قرضه كي يتكمن من تسديده".

يأمل مخايل في ختام حديثه ان "تؤدي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الى نتائج ايجابيةتُترجم قريباً على الأرض من خلال اعادة اطلاق العجلة الاقتصادية وتحسن النمو كي يستعيد لبنان الثقة مجدداً على الصعد كافة".

اذاً، حتى الآن ليس هناك من تاريخ محدد لتحرير سعر صرف الليرة، فالأمر متروك الى حين الوصول الى اتفاق محدد مع صندوق النقد الدولي حول مجمل هذه الأمور، والى ان يتوصل الجانبان الى هذا الاتفاق يبقى المواطن هو الضحية، فمن يحميه اليوم من جشع بعض المصارف الذين يُطالبونه اليوم بتأمين الدولار لدفع سنداته والا ... !!!

كسبار : على ​مجلس النواب​ وضع قانون لحلّ أزمة سعر الصرف للمقترضين بالدولار

في هذا السياق، يرى عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت ومفوض ​قصر العدل​ المحامي ناضر كسبار في حديثه لـ "الاقتصاد" انه" آن الأوان لمجلس النواب ان يتدخل لحسم الجدل القائمحول موضوع سعر الصرف للمقترضين بالدولار حصراً، او للأشخاص الذين يدفعون الايجارت بالعملة الصعبة، وليس للتعامل اليومي، وذلك عن طريق وضع قانون يعتمد معيار ثابت، بالتعاون مع ​مصرف لبنان​، كي يتمكن المقترض من الاستمرار في دفع مستحقاته على سعر صرف معين في ظلّ التخبط الحاصل اليوم".

أما في ما يتعلق بالحلول القانونية للدعاوى التي قد تنشأ في حال تخلف المقترض عن الدفع بسبب عدم توفر العملة الصعبة، يشير كسبار الى "ان المصارف اليوملا تزال تسمح للمقترض بأن يسدد سنداته بالعملة الوطنية وعلى سعر الصرف الرسمي. امافي حال تخلف العميل عن دفع القروض المتوجبة عليه بالدولار الأميركي - لعدم توفر العملة الصعبة -قد يلجأ المصرف في هذه الحالة الى القانون من خلال انذار يرسله الى المتخلف عبر دائرة التنفيذ، عندها يستطيع الأخير ان يودع قيمة هذه السندات بالعملة الوطنية وعلى سعر الصرف الرسمي في دائرة التنفيذ ذاتها وليس عند كاتب عدل كما يُشاع، اما في حال لم يلجأ المصرف الى ارسال انذار للعميل، والأخير قرر ان يسدد سنداته المتوجبة عليه، عندها يستطيع العميل ارسال كتاب للمصرف بواسطة كاتب عدل او حتى بالبريد،مفاده انه يريد ان يدفع تلك السندات على السعر الرسمي، وفي حال رفض المصرف السعر الرسمي ووضع سعراً آخر في هذه الحالة يستطيع العميل ترك المبلغ المتوجب عليه عند كاتب عدل او في المحكمة بالليرة اللبنانية وبسعر الصرف الرسمي، ويبقى القرار الأول والأخير في بت هذا الموضوع لرئيس دائرة التنفيذ".