شهد هذا الأسبوع أحداثاً دراماتيكية على المستوى المالي والنقدي كادت أن "تطيح" بحاكم "​مصرف لبنان​" ​رياض سلامة​ وبالحكومة أيضاً لولا التدخلات السريعة التي دخلت على خط هذه الأحداث بهدف تطويقها وحصر تداعياتها.

في التفاصيل، شهدت أسعار ​الدولار​ بعد ظهر يوم الخميس الماضي ارتفاعات غير مسبوقة بحيث وصل سعر صرف الليرة مقابل العملة الخضراء الى 6000 ليرة، وساهمت ​مواقع التواصل الإجتماعي​ بالترويج للأسعار الجديدة، التي كانت أسعار على الورق أكثر من كونها أسعاراً واقعية لدفع الناس للنزول الى الشارع مطالبين بوقف انهيار العملة الوطنية وبمطالب حياتية ومعيشية إضافة الى الشعارات السابقة المعروفة.

أمام تحرك الشارع والخوف من تداعيات "فلتان" ​سعر الدولار​، سارع رئيس الحكومة ​حسان دياب​ الى دعوة ​مجلس الوزراء​ الى الإنعقاد استثنائياً يوم أمس الجمعة لبحث الموضوع واتخاذ ما يلزم من قرارات لمعالجة المسألة وحصر تداعياتها. وفي هذا السياق، تردّد في حينه أن الحل الذي سيلجأ اليه مجلس الوزراء هو بإقالة حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة بتحميله مسؤولية انهيار سعر النقد الوطني.

وهكذا، انعقد مجلس الوزراء في ​السراي الحكومي​ في ظل أجواءٍ متوترة تراوحت تردّداتها بين أمرين اثنين: الأول ​استقالة الحكومة​، والأمر الثاني إقالة سلامة. أمام هذا الواقع المأزوم، تدخّل رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، فانتقل الى القصر الجمهوري وعقد اجتماعاً عاجلاً مع الرئيسين ​ميشال عون​ وحسان دياب أسفر عن طي صفحة إقالة الحاكم والتوصل الى اتفاق جديد بين المركزي ومؤسسات الصيرفة يرمي الى تخفيض سعر الدولار إزاء ​الليرة اللبنانية​ ابتداءً من 4000 وصولاً الى 3200 ليرة/الدولار، وذلك من خلال ضخ "مصرف لبنان" ​السيولة النقدية​ بالدولار لمؤسسات الصيرفة عن طريق المنصة المالية التي أنشأها المركزي قبل أيام.

وبحسب متابعين لأحداث يومي الخميس والجمعة، فإن البلاد ستدخل اعتباراً من يوم الإثنين تجربة جديدة على مستوى جديّة التزام الأطراف المعنية بالوضع النقدي بما وعدت به في اجتماع مجلس الوزراء يوم أمس، ان لناحية "مصرف لبنان" (ضخ الدولار) أم لناحية مؤسسات الصيرفة (التزامها بتوصيات مجلس الوزراء واجتماع السراي الحكومي بتاريخ 30/5/2020).

وفي صباح اليوم السبت، استهلّت مؤسسات الصيرفة تسعير الدولار بـ3890 ليرة كحدٍّ أقصى للبيع و3940 ليرة كحدٍّ أقصى للشراء، وهذا السعر يتطابق مع ما أعلنه الرئيس بري يوم أمس عن أن التداول بالدولار سيبدأ اعتباراً من اليوم السبت بسعر تحت الـ4000 ليرة ليصل في مرحلة لاحقة الى ما بين 3200 ليرة و3000 ليرة. في غضون ذلك، وبهدف تشجيع المغتربين على ارسال الدولار الى لبنان، عمد المصرف المركزي في اليومين الماضيين الى رفع سعر صرف الدولار لدى مؤسسات الدفع الإلكترونية من 3200 ليرة الى 3840 ليرة.

وفي غضون ذلك، تستمر المفاوضات بين الوفد اللبناني و"​صندوق النقد الدولي​" وسط تأكيد مجلس الوزراء في جلسته يوم أمس الجمعة على ضرورة توحيد موقف الوفد اللبناني في هذه المفاوضات بهدف تحقيق نتائج إيجابية سريعة تساهم في تأمين ​دعم مالي​ من الصندوق في اسرع وقت ممكن لمواجهة أزمة لبنان الإقتصادية والمالية، ولفتح باب المساعدات الدولية أمام لبنان من بوابة "صندوق النقد الدولي".