بدأت تعود الحركة تدريجيا الى العديد من المؤسسات ​التجار​ية والإنتاجية والخدماتية في لبنان. وفي حين راهن التجار وأصحاب المحلات على أن يؤدي تخفيف إجراءات الحظر إلى انتعاش الحركة نسبيا، بقيت القدرة الشرائية للمواطنين عاملا مدمرا لهذه الآمال، حيث يرزح المواطنون تحت أعباء المتطلبات الحياتية، في ظل استمرار الارتفاع الجنوني في أسعار المواد، وخاصة الغذائية منها، ومن جهة أخرى، عدم القدرة على كبح المنحنى التصاعدي للدولار مقابل الليرة.

وبسبب تداعيات الأزمات المتتالية على عدد كبير من اللبنانيين، لم يتمكن عدد كبير من التجار، من تجاوز الخسائر، وفتح أبوابهم أمام الزبائن، في حين يعيش القسم الآخر، أي الذي قرر إعادة العمل، في حالة من الترقب، لأنهم باتوا مهددين أيضا في استمراريتهم.

فكيف تحركت الأسواق مع تخقيق الإجراءات؟ هل تلتزم المؤسسات بسبل الوقاية من فيروس "​كورونا​"؟ وما هو مصير القطاع؟...

أسئلة وتساؤلات كثيرة، أجاب عليها نائب رئيس إتحاد الغرف اللبنانية ​محمد لمع​، في مقابلة خاصة مع موقع "الاقتصاد":

- بعد تخفيف قيود التعبئة العامة في البلاد ومعاودة التجار لمزاولة نشاطهم، ولو بالحد الأدنى من الحركة في الأسواق، كيف يمكن تقييم الأسواق؟

الحركة "تعبانة" جدا، فصحيح أن بعض المتاجر عاودت نشاطها، وأعادت فتح أبوابها، لكن البعض الآخر ما زال مقفلا بالكامل، واضطر الى الإغلاق وعدم العودة الى العمل، بسبب غياب القدرة على الاستمرار في ظل ظروف العمل القائمة.

ولا بد من الاشارة الى أن القدرة الشرائية للمواطنين ضعيفة للغاية، وبالتالي، فإن نسبة المبيعات خجولة جدا، والحركة التجارية أصبحت بخطر، وتحت خط الصفر.

الظروف صعبة للغاية، والتحركات الأخيرة يوم السبت الفائت، أدت الى تفاقم الأمور، والى إخافة الناس أكثر. ومن هنا، بات ​المستهلك​ يتمهل كثيرا قبل شراء أي منتج.

والعديد من المتاجر التي لم تغلق أبوابها الى حد الآن، هي مهددة بالإقفال في المستقبل القريب، في حال استمر الوضع على ما هو عليه.

- هل هناك رقم تقريبي لعدد التجار الذين لم يتمكنوا من إعادة فتح مؤسساتهم وشركاتهم ومحلاتهم؟

لا توجد أرقام محددة حول عدد المحلات التي أقفلت أبوابها، ولكن لا شك أنها تقدّر بعشرات الآلاف. فالحالة صعبة للغاية، ولأول مرة نصل بالخطوط الحمراء الى هذا الحد!

- هل من خطوات لدعمهم في ظل الأوضاع الصعبة؟

الدعم تقدمه بالعادة الحكومات، خلال هذه الظروف. ولكن ما الذي يمكن لحكومتنا أن تقوم به، في الوقت الذي هي بحاجة فيه لمن يساعدها؟

دول العالم تقدم الحوافز للتجار لمساندتهم خلال المرحلة الصعبة، ولكن في لبنان، لا يحصلون على أي شيء، بسبب ضعف الإمكانات. فالدولة تفتقد للقدرة على مد يد العون، كما أن المواطن العادي يعاني من ضائقة معيشية صعبة، وقد جاءت ​المصارف​ أيضا لتزيد الطين بلة؛ فحتى من يمتلك الأموال في المصارف هو غير قادر على سحبها.

نعيش في ظروف أصعب من تلك التي يمر بها العالم؛ فهذا الأخير يواجه "كورونا"، في حين أن لبنان يواجه "كورونا" و​الوضع الاقتصادي​ الصعب، إضافة الى أزمة المصارف.

- في وقت لم تقرّر فيه الحكومة إلغاء الرسوم لسنة 2020، ما هي طلباتكم اليوم؟

إلغاء الرسوم هو أحد المطالب، فالتاجر غير قادر على ​دفع الضرائب​، ورغم ذلك بدأت الرسوم تفرض عليه، مع بداية الفتح التدريجي للبلد.

فالخزينة فارغة، ولا أحد يدفع مستحقاته، ومن ناحية أخرى، لم يعد المواطن قادرا على الدفع.

- هل تلتزم المؤسسات التي فتحت أبوابها بإجراءات الوقاية من "كورونا"؟

الإلتزام لم يعد موضوع النقاش اليوم، فكلنا رأينا في عطلة نهاية الأسبوع الماضية، كيف كانت التجمعات قائمة على الشواطئ والمسابح، وفي الساحات.

على كل شخص الالتزام ضمن إمكاناته، ولكن الـ"كورونا" لم تعد مشكلتنا الأساسية. فالهم الأساس للمواطن اللبناني بات يتمحور حول كيفية تأمين لقمة العيش. وبالتالي، ولم يعد يهتم للعيش أو الموت!

- مصير التجار مجهول في ظل الضبابية المخيمة على الأفق، ما الذي ينتظر الأسواق في المرحلة المقبلة؟

مصير ​الاقتصاد اللبناني​ ككل مجهول، وليس فقط التجار. الصناعة تعاني من الصعوبات، التجارة تعاني من العوائق، ​السياحة​ معدومة، ​الفنادق​ خالية، المطاعم والمقاهي تفتقد الى الرواد بسبب التخوّف من "كورونا"،... كل جوانب الاقتصاد الوطني، بات متهالكا ومشلولا.

- من أين تبدأ اليوم بوادر الأمل والحلول؟

الحل يكمن في وجود الدولة، فنحن بحاجة ماسة اليوم الى ​إجراءات حكومية​. فالحكومة الأخيرة، جاءت على أرضية متزعزة؛ فلا إمكانات، ولا موارد، في ظل تراكم ​الديون​ الداخلية والخارجية، والمستحقات.

جميع الكواراث جاءت مع بعضها البعض، ولا يمكن إلقاء اللوم على الحكومة، كما لا يمكن إلقاء اللوم على القطاع الخاص، أو على أي أحد آخر.

إنها كارثة وحلّت بهذا البلد! وأعتقد أن الأيام المقبلة ستكون أصعب، لأن كل يوم جديد يكون أسوأ من الأمس. وهذا الأمر مؤسف ومؤلم في الوقت ذاته، حيث لا نعلم الى أين نتجه والى أين سنصل.

- هل ستتحرك الهيئات الاقتصادية على الأرض؟

كل التحركات لم تعد مفيدة بسبب غياب الإمكانات. ضد من سنتحرك؟ ضد الدولة؟ هذه الأخيرة باتت شبه مفلسة. ضد الـ"كورونا"؟ يعمل المسؤولون قدر الإمكان والمسؤولية تقع على كل فرد من المجتمع.

الهيئات تنبه وتحذر وتحث على تخفيف الضرائب ولا أحد يتجاوب.

في نهاية المطاف، نكتفي بالقول: "الله يستر". والأهم أن نحافظ على وحدتنا. نتمنى أن يحلّ الوعي في العقول، ونعود الى وحدتنا، لأن خلاصنا في وحدتنا.