تحت عنوان "هل بدأ عملياً التحرير التدريجي لسعر الصرف مع تحديد وتوحيد السعر في السوق المالي وما هي تداعياته المتوقعة"، استضافت ​كوثر حنبوري​ معدة ومقدمة برنامج "الاقتصاد في أسبوع" عبر "إذاعة لبنان"، ​​الخبير الاقتصادي​​ ​نسيب غبريل​، الذي قال إن "صندوق النّقد الدّولي" لا يطلب تحرير سعر صرف العملة الوطنية كشرط مسبق وأشار إلى أن السلطة السياسية لا تخطط لتبني هذا القرار.

وأشار غبريل، إلى أن السعر المتفق عليه مع الصيارفة اليوم، موقت وهو إجراء موضعي يأتي تمهيداً لتطبيق حل دائم لأزمة سعر الصرف.

ورأى أن وجود 4 أسعار لسعر الصرف، سببه أزمة الثقة التي أدت إلى أزمة سيولة حادة، وقال إنه عندما تحل أزمة الثقة تحل الأزمات الثانية.

وأشار غبريل، إلى أنه منذ كانون الأول الماضي، يصدر ​مصرف لبنان​ تعاميماً تتضمن إصلاحات وإجراءات، منها الاتفاق مع الصيارفة، وهي في إطار القرارات الموضعية التقنية، الناجمة عن تأخر السلطة السياسية في اتخاذ قرارات.

وأشار الخبير الاقتصادي، أنه لا يوجد خطة لتحرير سعر الصرف، وقال إن موضوع تعدد سعر صرف الدولار في الأسواق يحل من خلال استعادة الثقة وذلك من خلال صدمة إيجابية كان من المفروض أن تحصل من خلال ورقة التعافي للحكومة، واعتبر أن بعض البنود التي تضمنتها خطة الحكومة، أدت إلى تبخر ما تبقى من الثقة ومنها إلغاء دور ​المصارف​ وتحميل المودعين كلفة الأزمة.

وكشف غبريل، أن مؤشر "​بنك بيبلوس​" لثقة ​المستهلك​، وصل في نيسان إلى أدنى مستوى على الإطلاق منذ بداية إصداره في تموز عام 2007، وأكد أن استعادة الثقة تلزم إحداث صدمة إيجابية في الأسواق وهو ما يؤدي إلى ضخ ​السيولة​ تلقائياً.

وحول سؤال لحنبوري حول الاختلاف الحاصل في أرقام الخسائر بين وفدي الحكومة ومصرف لبنان في مفاوضات ​صندوق النقد​، قال غبريل، إن مصرف لبنان إستخدم معايير ​المحاسبة​ الدولية وهو ما نتج عنه الاختلاف في الأرقام.

وأشار إلى المبادرة الايجابية لرئيس لجنة المال و​الموازنة​ النائب إبراهيم كنعان، الذي شكّل لجنة تقصي عن الحقائق للوصول إلى أرقام موحدة.

واعتبر غبريل، أن الاختلاف في الأرقام يؤخر المحادثات مع الصندوق، وقال إننا لازلنا في المرحلة الأولى ولم نصل إلى مرحلة المفاوضات مع الصندوق، حيث تدور النقاشات حالياً مع الوفد اللبناني حول تفاصيل الخطة اللبنانية.

وتحدث غبريل عن خطة الحكومة للتعافي، وقال إن مشروع الحكومة يحمل بشكل مباشر الكلفة كاملة للقطاع المصرفي وللمودع، ويجنب السلطة التنفيذية تطبيق أي إصلاحات جديّة، فيما مصرف لبنان يؤكد أن الوضع الذي وصلنا إليه سببه العجز في المالية العامة و​الحساب الجاري​، الذي يزيد بسبب تراجع ​التدفقات الخارجية​ مع العلم أن ​تحويلات المغتربين​ مازالت تحافظ على مستواها.

وقال الخبير الاقتصادي، إن مساهمة ​جمعية المصارف​ في خطة الحكومة، تؤكد على المحافظة على رأس مال المصارف المقدر بـ 21 مليار دولار، والتأكيد على ضرورة عدم التعثر في دفع سندات الدين التي تشكل ثلثي الدّين العام، وذلك عبر إعادة جدولة للدين بالليرة اللبنانية وهو ما يحافظ على رأس مال المصارف، وبذلك تكون البنوك التجارية أيضاً تحمّلت جزءاً من كلفة هذا الدّين.

وبخصوص سندات اليوروبوندز، قال غبريل إن هناك إقتراحاً من جمعية المصارف بإطالة الآجال إلى عشرات السنوات وتخفيض الفوائد وهو ما يساهم في استقطاب رؤوس أموال جديدة.

وأكد الخبير الاقتصادي، أن جمعية المصارف تحاول إعطاء مساهمة، ولا تقدم خطة بديلة.

وفي سؤال لحنبوري حول مستقبل ​القطاع المصرفي​ في لبنان والحديث عن إعادة الهيكلة، قال غبريل إن هذه الأخبار أدت إلى ضرب الثقة، وأشار إلى أن هناك الكثير من الأفكار والآراء فيما يخص دمج المصارف، ورأى أن هذا الإجراء تقرره الأوضاع الاقتصادية وديناميكية السوق و​التنافسية​ بين المصارف.

وكشف غبريل، أن القطاع المصرفي يتجه نحو تصغير حجمه وإلى الدمج، وأكد أن هذه القرارات تتخذها مجالس الإدارة، والمساهمين، و​الجمعيات العمومية​، ولا تأتي عبر ضغوط.

وأشار الخبير المالي، إلى أن الودائع في المصارف تراجعت 25 مليار دولار في الفترة من آخر آب وحتى نهاية نيسان، وأوضح أن ​التسليفات​ كذلك سجلت تراجعاً كبيراً خلال هذه الفترة.

وفي حديثه حول الأزمة التي أصابت قطاع المصارف، قال غبريل إنها نتيجة تراكمات، إنتهت بأزمة فيروس "كورونا" الحالية، وسبقها قرار تعثر الدولة عن سندات اليوروبوندز وهو ما سيؤدي إلى خسائر للقطاع عبر شطب هذه السندات، وهو ما ينتج عنه شح في السيولة وتراجع الودائع والتسليفات.

وأضاف غبريل، أنه اليوم بغض النظر عن نتائج المفاوضات مع صندوق النقد، يجب أن تكون الأولويات إنعاش الاقتصاد وليس تكبيل الاقتصاد وتدفيعه ثمن الأزمة، حيث لا يمكن الوصول إلى ذلك عبر الضغط على قطاع المصارف.

وقال إن الهدف من الاتفاق مع صندوق النقد ليس ضخ السيولة، إنما إعطاء مصداقية وانضباط للبرنامج الإصلاحي للحكومة، تؤدي إلى استعادة الثقة وتحرير بعض الأموال، وتساهم في تحرك جهات أخرى ودعم لبنان.

وعن دعم مصرف لبنان السلع وآخرها السلة الغذائية، أشار غبريل إلى اتخاذ قرارات مسبقة من قبل المركزي، كان هدفها مواجهة غياب السلطة التنفيذية وقال إن هذا يسري منذ العام 2013، وأكد أن مصرف لبنان لا يستطيع تحمل استمرار ​آلية​ الدعم بسبب تآكل الاحتياطي.

وأشار غبريل إلى أنه بين عامي 2013 و2019، استطاعت الحكومات المتعاقبة العمل سنتين وبضعة أشهر فقط، وقال إن هذا الفراغ والجمود والشلل، كان له كلفة تحملها المركزي بالتعاون مع ​المصارف التجارية​.

وختم غبريل بالقول، إنه يلزم وجود إرادة سياسية محلية لتطبيق الإصلاحات قبل أي اتفاق مع الجهات الدولية.