بالكثير من الضبابية والترقب، ينتظر اللبنانيون يوم الأربعاء المقبل، المقرر فيه عودة الصرافين للعمل بعد أسابيع من ال​إضراب​ الذي شهد توقيفات طالت رأس هرم نقابة الصرافين، من رئيس ونائبه وأمين سر النقابة.

فك نقابة الصرافين الإضراب والعودة إلى العمل، جاءت مفاجأة بعد أكثر من شهر على حرب التوقيفات والمحاكمات بجرم التلاعب بسعر صرف العملة الوطنية، حيث انعقد اجتماع في السراي نهاية الأسبوع الماضي، بين رئيس الحكومة ​حسان دياب​ ووفد نقابة الصرافين بحضور وزاري ومشاركة حاكم ​مصرف لبنان​ رياض سلامة.

لم يعلن الصرافون أو أي جهة رسمية حتى السّاعة، أي إجراءات أو ضوابط لفتح هذا القطاع، فيما الدّولار يحلّق فوق مستوى 4100 ليرة في السوق السّوداء.

وحول تعليق نقابة الصرافين إضرابها وتأثير عودة هذا القطاع على السوق وعلى ​المستهلك​ بعدما نشطت السوق السوداء في الفترة السابقة يقول ​الخبير الاقتصادي​ وليد أبو سليمان في مقابلة مع "الاقتصاد"، إن إضراب الصرافين جاء بعد عدم امتثال الصرافين لتعميم لمصرف لبنان بتحديد التداول بسعر صرف ​الدولار​ للمبيع عند 3200 ليرة، وما واكبه بعد ذلك من اعتقالات وإغلاق مؤسسات صرافة.

وأشار أبو سليمان، إلى أن السؤال الأول المطروح حالياً، هو هل سيلتزم قطاع الصيرفة بتعاميم مصرف لبنان، حيث أن المركزي هو الذي يشرف على هذا القطاع.

وأضاف، أن التزام الصرافين بتعاميم المصرف سيحتّم عليهم بيع الدولار وفقاً لسعر الـ 3200 ليرة والشراء بأقل من 3200 ليرة، ورأى أبو سليمان أن هذه خطوة محل شك.

ولفت إلى أن السؤال الثاني المطروح، هو هل سيلتزم الصرافون اليوم باعتماد ما يسمى الاقتصاد الحر عبر مبدأ العرض والطلب الذي يتحكّم بسعر الصّرف؟ حيث أنه يوجد اليوم طلب على الدّولار من المواطنين والصناعيين و​التجار​ الذي يريدون ​استيراد​ المواد الأولية ممن لم يشملهم الدّعم بمذكرة مصرف لبنان، التي تدعم المواد الأساسية، وهو ما يؤشّر إلى بقاء الضغط على الليرة والطلب على الدّولار.

وتوقع أبو سليمان، عدم امتثال الصرّافين لتعميم مصرف لبنان تحديد سعر الصّرف عند 3200 ليرة، لأن السّوق السّوداء اليوم تتخطى الـ 4000 ليرة.

ورأى أنه من الممكن أن يحل قطاع الصيرفة مكان السّوق السّوداء، بحيث يستحيل الذهاب والعمل بعكس المنطق، الذي يقول أنه عند وجود الطّلب وانخفاض العرض، فذلك سيؤدي إلى ارتفاع السّعر.

وقال الخبير الاقتصادي: "حتى لو بات لدى الصرافين مخاوف من التلاعب بسعر الصرف بعد التوقيفات التي طالت عدداً كبيراً منهم، وحتى لو أقرّ تنظيم وجرى اتفاق مع الصرافين، فإن تثبيت سعر الصّرف ليس من وظيفة الصرّافين، فيما على القيّمين على القطاع توضيح الآليات حول تداول سعر صرف الليرة يوم الأربعاء المقبل مع عودة الصرافين للعمل، خاصة بعدما شهدنا ما يشبه الحرب بين الدّولة اللبنانية والصرافين وعمليات ​المطاردة​ التي طالت القطاع، حيث فجأة عاد الوئام والحب بين الطرفين وأثمر عن اجتماع ليس معلوماً بعد نتائجه وما صدر عنه والطرق العملية المفترض اعتمادها بدءاً من الأربعاء".

وحول امكانية البدء باعتماد المنصة الالكترونية لتحديد سعر الصرف في السوق، أشار أبو سليمان إلى أنه من غير المعلوم بعد إذا ما ستكون هذه المنصة جاهزة بحلول الأربعاء المقبل، مشككاً في إمكانية انطلاق عملها، وقال إن "المنصة هدفها تنظيم وضبط سعر الصّرف ولكن يجب أن يكون لدى المصرف المركزي سيولة كافية بالدّولار ليدافع عن سعر صرف الليرة، حيث أن غياب الدّولار سيساهم في بقاء الطلب على الدولار وغياب العرض".

أما في ما يخص مباشرة ​المصارف​ بداية الأسبوع المقبل تطبيق تعميم حاكم مصرف لبنان الرقم 557 والذي نصّ على تمكين المصارف الطلب من مصرف لبنان تأمين ​العملات​ الأجنبية تلبية لحاجات مستوردي ومصنعي ​المواد الغذائية​ الأساسية والمواد الأولية التي تدخل في الصناعات الغذائية المحدّدة في لائحة تصدرها وزارة الاقتصاد وذلك على أساس سعر 3200 ليرة، يقول أبو سليمان، "إن تدخل مصرف لبنان يستهدف السّلع الأساسية، وهذا التدخل ليس من احتياطي مصرف لبنان، إنما من التحاويل الالكترونية التي تأتي من الخارج ويتم تسليمها بالليرة اللبنانية، حيث يقوم المركزي منذ أكثر من شهر بالاستحواذ على هذه الدّولارات، وسيستعملها في دعم السّلع الأساسية".

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أنه "يجب أن لا ننسى فيما يخص السلع الأساسية، أنه إلى جانب ​السكر​ و​الأرز​ والسلة الغذائية التي أعلن عنها وزير الاقتصاد والتجارة الأسبوع الماضي، هناك سلعاً أخرى يضطر التّاجر لشرائها، كذلك الحال لدى الصناعيين الذين يحتاجون مواداً أوّليةً ليست مشمولة بلائحة بالدّعم، وهو ما يحتّم على الصناعيين والتجار العودة إلى السوق الموازي لشراء الدّولار لتغطية استيراد مواد لم يشملها الدّعم، وهو ما سيبقي الطلب مرتفعاً على الدّولار".

وختم أبو سليمان بالقول، إن "الخطوات المتّخذة حالياً لضبط سوق الصّرف غير كافية للجم ارتفاع سعر الدّولار في السوق الموازي"، ورأى أن ​السلاح​ القوي اليوم اللازم استعماله لوقف تدهور الليرة، هو وجود احتياطي أجنبي كافٍ لدى المصرف المركزي يتدخل من خلاله في السوق ويقوم بضخه للحد من انخفاض العملة الوطنية، إضافة إلى ضرورة وجود عامل الثّقة حيث أن المواطن يلجأ اليوم لبيع الليرة وشراء الدّولار مخافة تدهور الليرة وهو ما يتسبب بخسارتها المزيد من قيمتها.