عملياً، دخل لبنان في التفاوض المباشر مع "​صندوق النقد الدولي​"، وباتت الأنظار تتجه الى مدى قبول الصندوق خطة الحكومة الاقتصادية، في مقابل مطالبة لبنان "صندوق النقد" بتقديم مساعدة فورية لانتشاله من الانهيار قبل فوات الأوان.

الجولة الأولى من المفاوضات، عقدت عبر ​الانترنت​، ‏بين ممثلي "صندوق النقد" ووفد لبنان التي ترأسه وزير المال غازي وزني ومعه مسؤولان ‏من وزارة المالية ورابع من ​مصرف لبنان​، وكان الاجتماع ‏طويلاً، وكانت أجواؤه مريحة، وسيستكمل بهذه الطريقة في جولات لاحقة قد ‏تستأنف في الساعات المقبلة.

وفي الخلاصة كان النقاش جيداً، حيث جرى استعراض عام ‏للوضع اللبناني، إضافة إلى ما هو مطلوب ربطاً بالخطة التي أعدّتها الحكومة.‏

هذه الخطة التي لقيت ردوداً سلبية كبيرة وعلى رأسها من ​المصارف​، قال عنها ​الخبير الاقتصادي​ مروان مخايل في مقابلة مع "الاقتصاد"، إنها خطة للإصلاح المالي تمتد لخمس سنوات، وأشار إلى وجود الكثير من المقترحات فيما يخص إعادة هيكلة ​القطاع المصرفي​، ومنها ما ورد في الورقة الاصلاحية للحكومة.

وأشار مخايل، إلى إمكانية تعديل بعض إجراءات، وجعلها أقل ضرراً على الاقتصاد، ومنها اقتطاع جزء من رأسمال المصارف، واقتطاع جزء من الودائع الصغيرة والودائع الكبيرة، إضافة إلى تجميد الودائع على 5 سنوات بفوائد قليلة جداً، وهو إجراء يسمح للمصارف بتحقيق أرباح، حتى تستطيع البنوك بعدها تمويل الاقتصاد.

وأكد الخبير الاقتصادي، أن الحكومة تنتظر إجراءً أساسياً حالياً، يتمثل في توظيف شركة مالية لدراسة احتياجات وأوضاع كل مصرف، حتى يصار إلى معرفة حاجة كل مصرف لمعالجة أوضاعه وزيادة رأس ماله.

وقال مخايل: "بانتظار هذه الدراسة، فإن المناقشات المباشرة بين المصارف والحكومة غير موجودة حالياً، وتقتصر المشاورات بين مصرف لبنان والمصارف".

وأضاف: "لا يوجد انقطاع في التواصل بين الحكومة والمصارف، خاصة أنه جرى لقاء بين رئيس ​جمعية مصارف لبنان​ سليم صفير ورئيس الحكومة ​حسان دياب​، وهناك تبادل لوجهات النّظر".

وكشف مخايل، أن الاتجاه عموماً اليوم في الخطة الاصلاحية للحكومة، أن لا تقضي الإجراءات والسياسات الجديدة على المصارف، رغم أن الخطة الأساسية كانت ستؤدي إلى شبه قضاء على القطاع المصرفي، وأكد مخايل أن هذا لن يحصل، بحيث أن "صندوق النّقد الدّولي" أيضاً لا يحبّذ ضرب ركن أساسي في ​الاقتصاد اللبناني​.

وذكر، أن "ضرب القطاع المصرفي، سيؤدي إلى فشل خطة الحكومة للنهوض بالاقتصاد، خاصة أن هذا القطاع هو المموّل الأوّل للاقتصاد".

ورأى مخايل، أن ضرب القطاع المصرفي ستتحمل تبعاته الأجيال القادمة، ولن تنهض لا المصارف ولا الاقتصاد خلال أكثر من 10 سنوات مقبلة.

وأكد أن المبدأ اليوم هو تقاسم التّكاليف، بحيث لا يمكن اليوم تحميل كل تبعات السياسات الاقتصادية والنقدية منذ العام 1993 إلى اليوم على كاهل المصارف.

ورأى مخايل، أنه لو كانت الأزمة ناتجة عن إجراءات ومخاطر عالية اتخذتها المصارف، فإنه كان يجب تحميل المصارف كل تكاليف الأزمة، إلا أن الأزمة اليوم تتعدد بين أزمة دولة (عجز ​موازنة​ وتراكم للدّين العام)، وأزمة مصرف لبنان الذي لا يستطيع رد ودائع بقيمة 78 مليار دولار للمصارف.

وأضاف، أن الجميع يجب أن يتحمل التكاليف ومنها المصارف للنهوض بالاقتصاد، وقال أن تحميل إعادة هيكلة المصارف وخسائر مصرف لبنان وإعادة هيكلة ​الدين العام​ للمصارف والمودعين، سينتج عنه القضاء على القطاع المصرفي.

وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن الخطة الأساسية للحكومة ستتعدل، خاصة بعد مطالبة وزراء بإدخال تعديلات على الاصلاحات.

ورأى أن الخطة التي ستقر ستكون لمصلحة البلد، وتحافظ على القطاع المصرفي وتحمله جزءاً من الكلفة، والمودعين جزءاً صغيراً من التكاليف بحيث يتم اقتطاع سنة واحدة من فوائد الودائع الكبيرة التي استفاد منها كبار المودعين خلال العام الماضي فقط.

وختم مخايل بالتأكيد، أن العمل يجب أن يكون لتشجيع ​رؤوس الأموال​ الجديدة على الدخول إلى لبنان، وحمايتها وعدم تبني سياسات تساهم في تهريب هذه الأموال من لبنان.