انطلقت في بداية الأسبوع، المرحلة الثانية من تخفيف إجراءات التعبئة العامة في لبنان، التي شملت قطاع المطاعم. وفي هذا السياق، أصدرت وزارة ​السياحة​ بالتنسيق مع وزارة العمل ولجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا ونقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري إرشادات مشددة، متعلقة بالصحة والسلامة المهنية، لمواجهة كورونا.

وأهمها منع النراجيل، والإقفال عند الساعة التاسعة مساء، وعدم السماح لأي شخص يعاني من حمى أو من أعراض الفيروس، بالدخول إلى المطعم أو المقهى، ووضع معقم لليدين عند المدخل وداخل الصالة. إضافة طبعا الى الحفاظ على التباعد الاجتماعي، وتقليل أماكن الجلوس إلى 30% من قدرة استيعابها، مع ترك مسافة متر ونصف بين طاولة وأخرى.

ومن الإرشادات الصادرة أيضا، تنظيف وتعقيم المبنى، والأسطح، والطاولات، والكراسي، وعلب التوابل، ولائحة الطعام، وحامل الإيصالات، وصنابير المياه، والحمامات.

أما بالنسبة الى إنتاج الطعام، فيجب على المطاعم التأكد من الالتزام بمعايير ​سلامة الغذاء​، وطهي الطعام جيداً، وتعقيم الخضار والفاكهة. كما يجب على العاملين في الطعام، إرتداء القفازات و الكمامة وتغطية الفم والأنف جيداً.

فهل طمأنت هذه الإجراءات رواد المطاعم، وشجعتهم على العودة اليها؟ كيف كان الوضع خلال الأسبوع الأول؟ كم بلغت نسبة الإقبال؟ وهل من يراقب سير العمل؟

- كيف تقيم الأسبوع الأول من إعادة فتح المطاعم والمقاهي؟ وكم بلغت نسبة الإقبال؟

إعادة فتح المؤسسات في هذه المرحلة، غير مجدي، لأن الخسائر ستكون كبيرة ومؤلمة، خاصة أن النراجيل ممنوعة، والمطاعم ستفتح أبوابها بقدرة استيعابية بنسبة 30% فقط، وستغلق عند الساعة التاسعة، وخلال شهر رمضان؛ حيث لا يخرج أحد خلال النهار.

أما في ما يتعلق بالإقبال، فلقد سجل معدلات ضعيفة للغاية. كما أن نسبة المؤسسات التي فتحت أبوابها لا تتعدى الـ10%، في حين أن الـ90% الأخرى غير قادرة على العودة الى العمل، بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل، في ظل غياب الرواد.

- كيف تعالج المؤسسات التي قررت فتح أبوابها، معضلة ارتفاع أسعار المنتجات وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين؟

سعر الصرف يشكل أحد الأسباب الرئيسية التي ستقف في وجه المطاعم، خاصة أن الكلفة التشغيلية لهذه المؤسسات، هي الأعلى في ​الشرق الأوسط​. بالإضافة طبعا الى العامل النفسي، نتيجة الأوضاع القائمة، وموضوع ​المصارف​ وتقنين الأموال، وغلاء المنتجات، وتدني القيمة الشرائية.

وفي ظل ارتفاع نسب ​الفقر​ و​البطالة​، ستتغير معالم ​القطاع السياحي​، وخاصة المطاعم، بشكل كامل. فنفقات الأسر ومصاريفها، تتجاوز الـ150% عن ما كانت عليه في السابق، كما أن أولوية اللبنانيين اليوم، باتت موجهة نحو السوبرماركت، لتصبح المطاعم بذلك، في آخر سلم الاهتمامات؛ وذلك لأننا نواجه واحدة من أكبر الأزمات التي مرت على لبنان.

من المتوقع أن نشهد على تضحية كبيرة جدا من قبل المؤسسات، من خلال زيادة الأسعار بنسب معقولة ومقبولة، وتخفيض الأرباح، بهدف مواصلة العمل واجتياز هذه المرحلة الصعبة على الجميع.

ولكن للأسف، هناك العديد من المؤسسات التي لن تتمكن من الاستمرار في ظل تدني القدرة الشرائية الى هذا المستوى.

- ما هي طلباتكم من ​الدولة اللبنانية​ لسماعدتكم على تخطي هذه الأزمة بأقل خسائر ممكنة؟

نحن أول من قرر إقفال مؤسساته، حتى قبل أن تطلب منا الدولة ذلك. وبعد الاجتماعات وورش عمل التي شاركنا بها مع وزير السياحة رمزي المشرفية، قدمنا رزمة اقتراحات ومتطلبات للتخفيف عن كاهل ​المستثمر​ اللبناني، الذي سيعيد فتح أبواب مؤسسته، كونه سيتحمل أعباء الإيجار، واستحقاقات ​الضمان الاجتماعي​، والرواتب، وضريبة الدخل، والقروض،...

وبالتالي، هناك العديد من العوامل السلبية التي ستلعب ضدنا. وهذه الزمة من الإعفاءات، حملها وزير السياحة، وعرضها على رئيس الجمهورية، وسيناقشها ​مجلس الوزراء​ ليتم إقرارها في وقت قريب.

- ما هي نظرتك للقطاع خلال الفترة المقبلة، خاصة مع البدء تدريجيا بتخفيف المزيد من الإجراءات؟

همّ اللبناني اليوم الحصول على قوته اليومي، وشراء المستلزمات من السوبرماركت، والتأمين على الطبابة، ودفع مستحقاته وقسوطه. وبالتالي، مهما تم تخفيف الإجراءات، سيبقى وضع المطاعم صعب للغاية. وخاصة اذا استمر إغلاق المطار لفترة طويلة؛ فنحن نعول على السائح العربي والأجنبي، وعلى اللبناني المتغرب، من أجل تشجيع القطاع وإعادة إحياء السياحة.

ففي العام 2016، تم اختيار بيروت كأفضل مدينة في العالم نسبة إلى طعامها، وذلك بحسب تصويت أجراه موقع "Travel and Leisure"، كما أن هذا القطاع قد ضخ في ​الاقتصاد اللبناني​، 10 مليار دولار، في 2010. وعندما رأى أصحاب المؤسسات هذا التطور والإنتاجية المرتفعة، عمدوا الى توسيع مؤسساتهم. وفي 2018، ونتيجة للأوضاع، تراجعت الإيرادات الى 6 مليار دولار. أما اليوم، فهو يخسر شهريا أكثر من 500 مليون دولار، مع العلم أنه يشغل 155 ألف شخص، بشكل مباشر، ناهيك عن الأعمال الأخرى غير المباشرة، مثل السنكرية، النجارة، ​المحاسبة​، وغيرها،...

قطاعنا هو أكثر من يدفع للدولة، وأكثر من يستهلك الإنتاج الوطني والصناعات الغذائية بأكملها، وبالتالي، يجب الوقوف الى جانبه لكي يجتاز محنته.

- هل تراقب النقابة سير عمل المطاعم من أجل ضمان سلامة الناس والموظفين؟ وكيف يمكن طمأنة رواد المطاعم لتشجيعهم على العودة اليها؟

لقد استعانت النقابة بشركتي "JWR" و"بويكر"، من أجل تدريب العاملين في هذه المؤسسات، بشكل مجاني. وفي كل مؤسسة، يتم تعيين شخص ليكون على دراية بكل هذه الإجراءات، بهدف الإشراف على الموظفين، والرواد أيضا، في ما يتعلق بالتباعد الاجتماعي والتعقيم، وغيرها من الأمور.

قطاعنا متطور للغاية في موضوع سلامة الغذاء منذ فترة طويلة، أي قبل كورونا، ولقد قام العاملون في هذا القطاع بجهود كبيرة وأصبحوا يتمتعون بوعي كامل، من أجل الحفاظ على السلامة العامة.

- في ظل الضبابية المخيمة على الأجواء، ما هي توقعات لموسم اصطياف 2020؟

لا نعلم ما يحمله لنا موسم الصيف المقبل، مع غياب المهرجانات والحفلات والسهرات. ولكن بإمكاننا الاستفادة الى حد ما من إغلاق المطارات؛ فاللبناني الذي كان يسافر في عطلة صيفية، ويصرف أمواله في الخارج، بات اليوم غير قادر على ذلك، وبالتالي، علينا تشجيعه على السياحة في بلده.

ومن هنا، هناك أحاديث مع المسؤولين، من أجل التركيز على السياحة الداخلية.

وفي النهاية، أتوجه الى المزراعين وسكان المناطق الريفية، والبعيدة عن العاصمة، وأشجعهم على التمسك بأرضهم، والتفكير في إنشاء بيوت الضيافة، لاستقبال المواطنين والسياح.