هل تخيلت يوماً أن تجد أناساً يعيشون تحت الأرض في القرن الـ21؟ بالفعل هناك بلدة كاملة يعيش سكانها تحت الأرض ولا يظهر من آثارهم سوى مداخن متناثرة بمناطق متفرقة. ففي وسط البراري النائية الأسترالية، توجد مدينة ترتفع فيها المداخن من الرمال، وتتناثر علامات حمراء تحذر الناس من الوقوع في حفر غير ظاهرة للعيان.

إنها كوبر بيدي، المدينة التي يعيش سكانها تحت الأرض، منذ ما يزيد عن 100 عام، فمنذ بداية أكبر عملية تعدين في العالم عام 1916، بنى ​عمال المناجم​ بيوتاً تحت الأرض هرباً من الحرارة المرتفعة التي تصل أحياناً إلى 125 فهرنهايت بما يعادل 51 درجة مئوية، وتوسع الأمر بعد ذلك حتى أصبحت مدينة كاملة يقطنها نحو 3500 شخص.

وبنى سكان كوبر بيدي، 1500 مسكن وكنيستين وفنادق ومتاجر، تبدو كمخابئ يمكن الوصول إليها عبر مداخل فوق الأرض، وزودت المدينة بكافة المرافق التي قد تحتاجها ​المنازل​ التقليدية من كهرباء وتليفزيونات ومطابخ حديثة وحمامات.

وبعد مرور 100 عام على العيش تحت الأرض، لا ينتوي السكان ترك مدينتهم للعيش فوق الأرض.

وتقع كوبر بيدي في جنوب أستراليا، على بعد أكثر من 1000 ميل من كانبيرا، ويشار إلى المنطقة باسم عاصمة الأوبال في العالم، وفي لغة السكان الأصليين تعني كلمة كوبر بيدي، الرجل الأبيض في الحفرة.

وترتفع درجات الحرارة بشكل كبير في المنطقة، وحتى في الظل يصعب ممارسة أي نشاط، وما يزيد الأكور سوءاً ندرة الأمطار التي يمكن أن تخفف من شدة الحرارة. وتشير الدراسات إلى أن كوبر بيدي كانت مغطاة بمياه المحيط، مما ساهم بإنشاء المناجم، وعندما انحسرت عنها ​المياه​، ملأت المعادن الثمينة المكان، ومنحت السكان مصدراً مهماً لجني المال.

ومع تحول التعدين إلى عمل ثابت، بدأ سكان كوبر بيدي في تحويل مناجم العقيق المهملة إلى مخابئ دائمة، وصنع معظم السكان المحليين منازل داخل الحجارة الرملية. والفرق الوحيد بين المنازل العادية التي يقطنها الناس فوق الأرض والمنازل في كوبر بيدي، أن هذه الأخيرة لا تصلها أشعة الشمس. وصنع السكان شبكة أنفاق تحت الأرض الصحراوية، وأسسوا بها كل ما يلزم لإقامة حياة متوازنة، لكنهم يعتمدون على المصابيح الكهربية على مدار اليوم.

ولا يقضي سكان المدينة كل الأوقات تحت الأرض، لكنهم يخرجون بعض الوقت لممارسة رياضة الغولف على مساحات صحراوية، بدلاً من المساحات الخضراء التقليدية.