أقرّت حكومة ​حسان دياب​ الخطة الإقتصادية التي تأمل على أساسها إقناع ​المجتمع الدولي​ بمساعدة ​لبنان​ على الخروج من أزمته الحالية الناتجة عن 30 عاماً من غياب التخطيط وسوء الإدارة.

وجاء إقرار الخطة بعد إدخال "تعديلات طفيفة" على الصيغة المقترحة، ومنها ما يتعلق بتحرير سعر الصرف وعملية الـ Bail-in خلال مرحلة إعادة ​رسملة​ ​المصارف​ (التي أكدت رفضها للخطة).

ووفقاً للحكومة، فإن الخطة ترسم في صفحاتها الاولى أهدافها الاساسية على صعيد الاصلاحات الهيكلية وتأمين الحماية الإجتماعية للأكثر فقرا مع تأكيد حاجة لبنان الى دعم خارجي على ان يأتي هذا الدعم بعد التزام الإصلاحات ، والتشديد على الاسراع في تنفيذ إجراءات الإصلاح التي طال انتظارها وهو بالامر الاساسي لاستعادة الثقة.

أما أبرز ما جاء في هذه الخطة هو الإعتراف النوعي بالخسائر التي قدّرت بـ83 مليار دولار، لكن، ما هو مستقبل هذه الخطة؟ وهل هي فعلاً إنجاز تاريخي كما وصفها ​رئيس الجمهورية ميشال عون​؟ وماذا عن تحرير سعر الصرف؟ أسئلة أجاب الخبير الإقتصادي د. ​إيلي يشوعي​ عنها لـ"الإقتصاد":

بدايةً، ما هو رأيك بالخطة الإقتصادية للحكومة، وخاصةّ لناحية الإعتراف بحجم الخسائر و​الديون​؟

شخصياً، أنا ضد إعلان إفلاس لبنان وضد التوجه الى "​صندوق النقد الدولي​"، لذلك، لا أرى في الخطة ما يعتبر إنجاز.

لا زلت أعتبر أن الثقة والمصداقية هما الحل للأزمة في لبنان. الخطة فضفاضة جدًّا وفيها إعادة للكثير من الأفكار والمسائل التي وردت في البيانات الوزارية السابقة والبرامج الحكومية على مدى 3 عقود، بالإضافة الى أنها تستند بشكلٍ أساسي على الحصول على 10 مليارات دولار مساعدات خارجية، وعلى رأس هذه الجهات الخارجية "صندوق النقد الدولي".

هل تعتقد أن الخطة ملائمة لشروط "صندوق النقد"؟ هل ستحصل الحكومة على موافقة الصندوق؟

لا أعتقد أن الصندوق سيقابل المسؤولين اللبنانيين بالحماس نفسه الذي يشعرون به تجاه الخطة، خاصّةً وأن من أوصلوا لبنان الى ما هو عليه اليوم لا زالوا في مواقعهم التاريخية.

الصندوق يولي أهمية للثقة التي يتمتّع بها منفّذ الإصلاحات. نحن نتحدّث عن أشخاص أساؤوا استخدام عشرات مليارات الدولارات من ضرائب الى قروض من جهات خارجية، وودائع الناس، وإلى ما هنالك..

صندوق النقد يتريّث حيال طلب لبنان اليوم، وهذا يعني أنه ينتظر خطوة جديّة تجعله يطمئن لناحية مصير هذه المليارات الجديدة.

عادةً، الدول تلجأ لصندوق النقد متوعّكة وليس منهكة. لبنان لا يملك رأسمال وطني ولا خدمات عامّة ولا إنتاج ولا ​بنى تحتية​، كل ما يملكه هو العجز والديون، أي أنه في حالة نزاع للبقاء.

هل سيتمكّن اللبنانيون من الصمود مع تحرير سعر الصرف، في ظل ضعف القطاعات الإنتاجية؟ مع العلم أن الأزمة الإجتماعية قد بدأت حتى قبل تحريره رسمياً؟

بالنسبة للمواطن اللبناني، شروط "صندوق النقد" ستكون "القشة التي ستقصم ظهر البعير"، من زيادة ضرائب الى ​تسريح موظفين​ من ​القطاع العام​، زيادة الفوائد لجذب الرساميل، ورفع الدعم عن ​الكهرباء​ و​المازوت​، وخفض التعويضات والتقديمات الإجتماعية.

"صندوق النقد" يدقّق بالأرقام وليس بأحوال الشعوب.

الإعتماد اليوم على التحركات الشعبية الناتجة عن غضب من الوضع المعيشي، وهي محقّة. وعلى القوى الأمنية أن توضح لنا موقفها ممّا يجري، هل هي راضية عن سياسات الإفقار والتجويع؟ عليهم أن يختاروا بين من يدافع عنهم وعن أولادهم وبين من يسعى الى قتل مستقبل أولادهم.

في حال لم يتم التوافق على بند تحرير سعر الصرف، ألن يكون على الحكومة إعادة النظر بكافة أرقام خطّتها؟

نعم الحكومة تحدّثت عن تحرير سعر الصرف بالتدرّج، ولكن هل هناك ما يضمن لهم عدم مطالبة الصندوق بخفض قيمة العملة؟ أي أن تصل قيمة الدولار الى 25 ألف ليرة لبنانية؟ هناك فارق كبير بين هذا وذاك.

أما عن أرقام الخطة، فيجب أن نسأل الخبير ​شربل قرداحي​ ومدير عام وزارة المالية آلان بيفاني.