ناقشت ندوة حوار بيروت عبر اذاعة ​لبنان​ الحر في الحلقة 337 موضوع انعكاسات هبوط  ​اسعار​ النفط على الوضعين  المالي والاقتصادي وعلى التنقيب في لبنان مع رئيس مركز "IPT" للطاقة د. طوني عيسى، الرئيس التنفيذي لشركة "يوروتك للنفط و​الغاز​"، فادي جواد ، مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في ​الشرق الاوسط​ و ​شمال افريقيا​ لوري هايتيان والمحامية لما حريز  والخبير في ​الاسواق المالية​ دان قزي مع الاعلامية ريما خداج حمادة.

رئيس لجنة الطاقة في نقابة المحامين د.طوني عيسى رأى" أنه من المتوقع استمرار انخفاض اسعار مشتقات النفط في ​الدول المستوردة​ له حوالي 800 ليرة اسبوعيا مع انخفاض سعر ​النفط الخام​ عالميا. أما بالنسبة للبنان فالوضع مختلف بعد ان اعتمدت الدولة تثبيت لسعر ​صفيحة البنزين​ باعتبار ان الفارق الذي يظهر نتيجة انخفاض سعره العالمي مقابل تثبيته في لبنان هو ضريبة على المواطن أي أن هذا الانخفاض في الاسعار العالمية يرفع من قيمة الضريبة على المواطن كإيرادات للخزينة. كاشفا عن امكانية وصول قيمة الضريبة للدولة في الاسابيع المقبلة الى 16 الف ليرة من اصل 23,500 ليرة لصفيحة البنزين الى ذلك كشف عيسى ايضا عن" ان تجمع الشركات المستوردة للنفط طالب ​الدولة اللبنانية​ باعادة النظر في جدول الاسعار وادخال التعديلات عليه في ظل تراكم الاعباء الاقتصادية اضافة الى المشاكل المصرفية لان جميعها اسباب تؤثر على السعر وبحسب قاعدة العرض والطلب. "

وعن عمليات التنقيب قال عيسى: "هناك مسار طويل أمامنا"، واصفا لبنان بالدولة التي تتلمس طريقها لاكتشاف مسار الغاز في ​المياه​ الاقليمية، مشيرا إلى أن الحكومة  تعمل على تثبيت اولى خطواتها على رأسها البدء بعمليات الحفر وعلى الرغم من الازمة العالمية الكبيرة  لا يجوز السماح للمسار الاستكشافي بتأثره بذلك." 

كما  نوه "بتوجه الحكومة إلى تشجيع الشركات على الاستثمار وتأجيل مهلة تقديم العروض في هذه الظروف إلى ما بعد هذه المرحلة، واصفاً هذه الخطوات بالصائبة". ونبّه عيسى من الاحباط في حال لم يتم اكتشاف النفط بعد الحفر الاول مؤكدا على ان العمليات من المحتمل ان تكون بطيئة مما يؤثر سلبا على التوقيت الا انه لن يؤثر على الجوهر فالعملية تحتاج الى وقت.

من ناحيته، وصف الرئيس التنفيذي لشركة "يوروتك للنفط والغاز" د. فادي جواد للبرنامج عينه انخفاض ​سعر النفط​ العالمي بالحدث التاريخي فلأول مرة ينخفض بهذه الوتيرة السريعة عازيا ذلك لاسباب سياسية وتقنية، ففي الجانب السياسي هي حرب اسعار بين ​روسيا​ و​السعودية​ للحصول على حصة اكبر في ​الاسواق العالمية​ محاولين رفع انتاجهم خلال  الفترة الماضية حوالي 2 الى 3  مليون  مما اضطرهم للجلوس على طاولة اوبيك بلاس ثم دعيوا لاجتماع مع ​الرئيس الاميركي​ ترامب  افضى الى اتفاق على تخفيض الانتاج الى 10 مليون برميل في اليوم ويمكن التوصل الى 20 مليون برميل في اليوم اذا ما تمت معالجة الجانب السياسي تعود الاسعار الى ما كانت عليه .اما الجانب التقني فيعود الى تراجع الطلب في ظل الحجر بسبب كورونا مع وجود فائض في العرض جميعها ساهمت في ​ارتفاع الاسعار​ .

وعن سبب انهيار اسعار الخام الاميركي  قال جواد :"لم يوافق ترامب على تخفيض كميات الانتاج  الى جانب ​انتاج النفط​ الصخري بكميات مهولة مع تراجع هذا الاخير بشكل انحداري امام محاولة السعودية السيطرة لالغاء ​النفط الصخري​ من الوجود لانه يؤثر على الاسعار العالمية. 

الى ذلك اشار جواد إلى"أن أوبك تسيطر على سوق النفط العالمي بسبب ارتفاع الطلب الصيني  على النفط الخليجي وتعتبر ​اميركا​ والصين من اكبر المستهلكين للنفط العالمي.

وعن انعكاسات  انخفاض الاسعار عالميا على الوضعين المالي والاقتصادي في لبنان قال جواد :" لن تنخفض الأسعار في لبنان لان الدولة تثبتها لمصلحة الخزينة لزيادة ايراداتها  فالدولة تستغل الظروف لمصلحتها على حساب مصلحة الشعب ،فيما الضريبة يجب ان تكون متحركة تماشيا مع ارتفاع اوانخفاض السعر العالمي للنفط .

في الندوة عينها، أشارت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، لوري هايتيان، إلى أن "لبنان لم يصبح دولة نفطية بعد"، وتابعت:"التاريخ يعيد نفسه مرارا وتكرارا في ظل الانهيار الاقتصادي، فالمشكلة الاقتصادية والمالية كبيرة في حين يتم الاعتماد على أمل اكتشاف النفط إلا أن هذا لا يغير من واقع ​افلاس​ لبنان، كما أننا غير مهيئين لاستخدام الغاز في السنوات القادمة في غياب محطات ​الكهرباء​ وكذلك الوضع لا يحتمل التفكير السلبي"، مضيفةً: "نحن بحاجة الى محاولة استثمار القدرات المتوفرة في ​القطاعات الانتاجية​ واستقطاب ​الدولار​ بهدف التخفيف من وطأة الازمة والذي هو أهم من التفكير في النفط حاليا ومع ذلك تبقى النتائج الايجابية عن وجود نفط مصدر امل في حال اهتم ​السياسيون​ بمصلحة المواطنين لان الشعب فاقد الثقة بالحكومة".

وأكدت  هايتيان على" ان ​قطاع النفط​ هو للجميع فيجب ان يعود بالفائدة على جميع المواطنين عبر استثمار عائداته في معظم القطاعات الانتاجية في لبنان فيتم تأمين مداخيل وأرباح للعاملين في هذه القطاعات،"مشددةً على"اننا نحتاج لايرادات في القطاع المنتج والذي يساعد الشعب اللبناني. "

 من جهتها أكدت المحامية لما حريز أن انهيار ​أسعار النفط​ الذي تشهده الأسواق مرده للانهيار الاقتصادي العالمي الذي سيشهد المزيد من ​الركود​ خاصة في القطاعات الإنتاجية، وأن لبنان سيشهد المزيد من التدهور  الإقتصادي ما يتطلب من الحكومة وضع خطة صمود تحاكي هذه الظروف، حماية للشعب من ​الجوع​، ورأت في سؤال عن إحتمال أن تستغل الدولة هبوط أسعار النفط لتخفيض العجز مع إنخفاض تكاليف الكهرباء وصولا الى تخفيض نفقات الدولة أن هكذا خطوة هي أقل ما يجب أن تقوم به الحكومة لو أنها فعلاً تتصدى للأزمات، وإن  قامت بهكذا خطوة نحذّر من إستغلال الموضوع لتمرير صفقات جديدة ومن عدم تطابق النفط مع المواصفات المطلوبة خصوصا في غياب الثقة بالحكومة، الأمر الذي يزيد من  المخاوف.

ورداً على سؤال أكدت حريز أن لبنان تأخر مقارنةً مع الدول المجاورة في البدء بأعمال الحفر، عازية ذلك للصراعات السياسية إبان تعطيل إنتخاب رئيس للجمهورية، لذلك يفضّل ولو أننا اليوم أمام انخفاض بالأسعار أن لا نماطل مجدداً في عمليات التنقيب لاسيما أن لبنان يشهد صراعات سياسية داخلية ومن الضروري تحييد الملف وعدم تسييسه." 

الى ذلك  انتقدت الحكومة لأنها لم تصارح الشعب حول العقود الباطنية التي تم إبرامها مع الشركات المقدمة للخدمات في عملية الحفر، مضيفة: "لا توجد شفافية في الآلية والمعايير التي اعتمدت لإبرامها، ولم يكشف عن أصحاب المنفعة الفعليين وراء الشركات التي تم التعاقد معها، وأن التوظيفات أتت بعيدة عن معياري الخبرة والكفاءة، كاشفة عن وجود التباس حول الشركة التي قامت بالتوظيف".

بدوره أشار الخبير في الاسواق المالية دان قزي إلى سلبيات هذا الانخفاض في سعر النفط، قائلا:" بالرغم من الانعكاس الايجابي لهبوط اسعار النفط على الخزينة فينخفض العجز  الا انه يؤثر سلبا على البورصة وعلى ​تحويلات المغتربين​ بحيث يؤدي هذا الانخفاض في السعر  الى خفض دخلهم. مطالبا  الحكومة بضرورة  التشجيع على خفض استهلاك النفط ما يعالج المشاكل على المدى البعيد وكذلك تشجيع المواطنين على تخفيض استهلاك المنتجات الثانوية فلا يمكن معالجة مشاكل العجز مع منع زيادة الضرائب لانها مصدر أساسي لمداخيل الدولة."