انفجرت قنبلة أسعار عقود شهر أيار للخام الأميركي في ​بورصة نيويورك​ يوم أمس، لتصل شظاياها اليوم الى كافة ​الاسواق العالمية​ التي افتتحت (وبعضها أغلق) على هبوط.

وفي سابقة سيذكرها التاريخ: "في 20 نيسان 2020، سجلت أسعار "خام غرب ​تكساس​" سعرا سلبيا، وذلك للمرة الأولى منذ بدء عمليات البيع المستقبلية للنفط عام 1983، فانهار السعر بنحو 300% مسجلاً سالب 37.63 دولار".

وجاء هذا الانهيار التاريخي لسعر "نايمكس" مع القلق من نفاذ أماكن تخزين الخام بفعل تخمة المعروض في وقت يعاني فيه النفط من تراجع حاد للطلب على الخام جراء تفشي فيروس "كورونا".

وبالترافق مع ذلك، تراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية بوتيرة قوية عند الختام، حيث خسر "​داو جونز​" 590 نقطة من قيمته مع انهيار ​أسعار النفط​. كما تراجعت أسهم ​الطاقة​ الكبرى في ​البورصة الأميركية​ بشكل قوي.

ما هو الفرق بين خام "برنت" و​الخام الأميركي​؟

النفط الخام​ الأكثر تداولاً حول العالم نوعان،: خام غرب تكساس الوسيط، و​خام برنت​، وتوجد يختلفان من حيث موقع الاستخراج، ونسبة الكبريت، وبورصات وتوقيتات التداول.

وخام غرب تكساس الوسيط هو المعيار القياسي لأسعار النفط فى ​الولايات المتحدة​، فى حين أن باقى دول العالم - وما يقرب من ثلثي جميع عقود النفط المتداولة - يتم تسعيرها وفق خام برنت وهو الأمر الذى يجعل خام برنت معياراً قياسياً على الصعيد العالمي.

ياغي

تعليقاً على الإنخفاض التاريخي الذي حققه الخام الأميركي وتداعياته، يشير الخبير والمستشار النفطي ربيع ياغي الى أن "ما حصل في موضوع الخام الأميركي يوم أمس هو نتيجة مضاربات في بورصة نيويورك للسلع. كما بتنا نعلم، ينتهي التداول على عقود شهر أيار ​للنفط الخام الأميركي​ اليوم، أي في ظل غياب التوازن بين العرض والطلب عالمياً. هذا الأمر خلق حالة هلع في السوق بخصوص الأسعار، ما دفع بأصحاب العقود الى المضاربة على بيعها يوم أمس حتى وصلت الأسعار الى السلبية، أي أن البائع يعرض على المشتري المال مقابل العقد، وهذه حالة الهبوط الحر".

وأضاف ياغي، في حديث خاص لـ"الإقتصاد": "خسائر ما حصل تصل الى مئات مليارات الدولارات بالنسبة للشركات المنتجة للنفط في الولايات المتحدة"، موضحاً: "كل المخزون الإحتياطي الأميركي والمخزون الإستراتيجي على كافة الأراضي الأميركية من حقول الإنتاج للنفط الصخري وغير الصخري و​المشتقات النفطية​ والمصافي امتلأت بالمخزون، أي ان الإنتاج كان مستمر والإستهلاك تراجع بنسبة 30% نتيجة جائحة "كورونا"، الأمر الذي أدّى بكل بساطة الى فائض بالمعروض".

وتابع: "كان من المتوقع تراجع أسعار هذه العقود الى 13 – 14 دولار، ولكن حالة الهلع في البورصة هي التي أدّت الى الهبوط بهذه النسبة في غضون ساعات".

وردًّا على سؤال "الإقتصاد" حول تأثير انخفاض سعر الخام الأميركي على أسعار الخامات الأخرى، أكد ياغي أن "الولايات المتحدة ليست جزيرة معزولة، تراجع خامها سينعكس على كافة الخامات وكافة الدول المنتجة للنفط في العالم"، مضيفاً: "العالم كان يستهلك 100 مليون برميل يومياً قبل انتشار "كورونا"، أما حالياً، مع إجراءات العزل، فيستهلك 65 مليون برميل يومياً، بتراجع 35 مليون برميل. "​أوبك​" و​روسيا​ اتفقتا على خفض الإنتاج بعشرة براميل يومياً، ولكن لا يزال هناك فائض بالمعروض بـ25 مليون برميل مع استمرار بالإنتاج، أي أننا في حالة خلل مريع. لذلك، تعافي الأسعار سيتطلب وقتاً طويلاً، أقله حتى نهاية العام 2020".

وعن إمكانية استفادة ​لبنان​ من هذا الإنخفاض بالأسعار قال: "لو كان لبنان دولة لديها استراتيجية نفطية أو رؤية مستقبلية للنفط، تماماً كأي دولة (متخلفة حتى ، وليس بالضروري أن تكون متقدّمة)، لكان لديه ما يسمّى بالمخزون الاستراتيجي الذي يغذّيه في حالات انخفاض الأسعار العالمية للنفط ليعود ويستخدمه عند ارتفاع الأسعار، ولكن طبعاً، تبقى هذه تمنّيات نطرحها في كل مرة تهبط فيها الأسعار، وقد حصل ذلك مرات كثيرة في الفترة الماضية".

ياشوعي

وبدوره، الخبير الإقتصادي د. إيلي ياشوعي، رأى أن ما حصل "سيدفع بـ"أوبك+" لإعادة حساباتها وخفض انتاجها، بعدما شهدنا فترة تجاذبات بين السعودية وروسيا أدّت الى خفض الإنتاج بـ10 براميل يومياً فقط".

وأضاف: "اليوم، رأوا أنه فيحال لم يتنازل الجميع فإن الجميع سيخسر، لذلك لا حل سِوى بإعادة التوازن للسوق، نوعاً ما، خلال هذه الفترة"، متوقعاً أن لا ينخفض خام "برنت" الى ما دون العشرين دولار، قائلاً: "أعتقد أن "أوبك+" سيجدون الحل المناسب، في النهاية لا أحد يريد خسارة قيمة موارده الطبيعية".

والجدير بالذكر، أنه قبل اتفاق "أوبك+"، انطلقت حرب أسعار بين روسيا والسعودية، حيث زادت الأخيرة الإمدادات من نفطها الخام للأسواق الآسيوية في أيار، كما خفضت أسعار البيع الرسمية بثلاثة الى خمسة دولارات للبرميل، ما أدّى إلى سقوط حر لأنواع من النفط الروسي مثل Sokol SOK-DUB وESPO Blend ESPO-DUB، في آسيا.