لازالت الحكومة تتخبّط على الصعيد ال​مالي​ محاولةّ الخروج بحلول لما راكمته المنظومة الحاكمة من خسائر على مدى 30 عاماً. فبعد الحديث عن تشريع "الكابيتال كونترول"، جرى الحديث أو "تسريب" خطة ​اقتصاد​ية وضعتها الحكومة وذكر فيها إجراء الـ"هيركات" منوي اتخاذه.

وبعد ردّات الفعل السلبية التي نتجت عن هذه المعلومات، أكد وزير المالية غازي وزني، أن "كل ما يحكى عن haircut غير دقيق، وهو يحتاج إلى قانون، وبالتالي لم تتطرق له الحكومة، لا من ​قريب​ ولا من بعيد".

وعن كيفية تطبيق المرحلة الأولى، ولا سيما ما يتعلق منها بإسترداد ​الأموال المنهوبة​، أجاب: "إن استعادة هذه الأموال، لن تتمَّ إلا عبر وضع قوانين جديدة، وعبر مطالبة المصرف المركزي بلوائح الأموال المشبوهة، التي خرجت من لبنان". وكشف أن "الحكومة ستختار الأسبوع المقبل، شركة تدقيق مالي عالمية، أي ما يعرف بشركة "audit"، بعد التوافق عليها، وتكون مهمتها مراقبة كيفية إخراج الأموال من لبنان والتدقيق بها".

ولكن، هل إجراء "Haircut" قابل فعلاً للتنفيذ في لبنان؟ وماذا عن الإجراءات التي يمكن اتخاذها قبل الوصول الى هذه المرحلة؟ للمزيد من التفاصيل حول هذه المواضيع كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع المحلل الاقتصادي في المعهد اللبناني لدراسات السوق مجدي عارف:

- هل ترى أن إجراء الـ"Haircut" قابل للتنفيذ؟ وما هي أبرز الإجراءات البديلة؟

لا أعتقد أن هناك مفر من الـ"Haircut" اليوم في ظل إفلاس الدولة، لكن الموضوع سيصطدم بالدستور الذي لا يسمح بهكذا إجراء يتعارض مع مبدأ أن الإقتصاد الللبناني اقتصاد حرّ.

أما بخصوص الإجراءات التي يمكن البدء بتنفيذها، أولاً، فرض الضرائب على أموال من حقّقوا الأرباح الخيالية نتيجة الهندسات المالية في الخمس سنوات الأخيرة، وفي حال السير بإجراء الـ"Haircut" هؤلاء هم من يجب أن يطبّق عليهم ذلك وليس صغار المودعين.

بالإضافة طبعاً الى ملاحقةً من هرّبوا الأموال الى الخارج، فكما نعلم، المودعون لا يتمكّنون اليوم من الحصول على أموالهم نتيجة قيام البعض بتهريب أموال كبيرة الى الخارج. ووفقاً لـ"​مصرف لبنان​"، فإنه يجري العمل على لائحة بأسماء هؤلاء، ولكن لا أعلم لماذا استغرق الموضوع كل هذا الوقت.

- يُحكي عن نشاط لنقيب المحامين ملحم خلف ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود على استرجاع الأموال المنهوبة، هل ترى أن الموضوع قابل للتنفيذ؟ وكم من الوقت قد يستغرق ذلك؟

بالنسبة الى الأموال المنهوبة، أعتقد أن هناك الكثير من القوانين التي يمكن البدء بتطبيقها اليوم الى حين العمل على قانون كهذا، والذي بالتأكيد سيساعد. هذه القوانين تسمح بإعادة الأموال التي سرقها المسؤولون في الدولة، وخاصّةً أننا في وضع مالي لا نُحسد عليه.

- هل أنت مع خيار ​التقشف​ في الفترة المقبلة في ظل هذا الإنكماش الذي ستشهده البلاد؟

هناك العديد من الدول التي لجأت الى التقشف بعد أزمة العام 2008 المالية، واللافت أن اقتصادها استعاد عافيته بشكلٍ أسرع من الدول التي لجأت الى زيادة ضخ ​السيولة​.

أعتقد أن التقشف خيار سليم ولكن يجب أن يترافق مع خطوات إصلاحية أهمها عدم فرض الضرائب، وإيجاد حل جذري لملف ​الكهرباء​ عبر اللجوء الى تحريره وتحمّل ​القطاع الخاص​ لكامل الخطورة في هذا الموضوع، بالإضافة الى ​قطاع الإتصالات​ الذي باتت ايراداته تتراجع بشكل كبير، هل سننتظر لأن يصل به الحال ليصبح كقطاع الكهرباء؟ ​سنغافورة​ أصغر من لبنان بـ14 مرة ويعمل فيها أكثر من 11 ​شركة اتصالات​.

- وصل سعر الدولار في السوق الموازي هذا الأسبوع الى 3000 ليرة، ما هو السيناريو الذي تراه في المرحلة المقبلة؟

سعر الدولار في المرحلة المقبلة سيعتمد على الإجراءات التي سيتّخذها كل من "مصرف لبنان" والدولة اللبنانية. ان استمرّ المركزي بتمويل الدولة، الأمر الذي سيضطره لطباعة المال، فإن ذلك سيؤدي الى ارتفاع سعر الدولار الى أكثر من 3000 ليرة.

أما اذا تمكّنت الدولة من تأمين التمويل لنفسها عبر "صندوق النقد الدولي" أو أي جهة أخرى، فإن الموضوع سيختلف.